لقيت الثورات العربية حضورا لافتا في الدورة الرابعة والعشرين لمهرجان الفيلم الوثائقي الدولي في أمستردام، حيث خصّصت قناة تلفزيونية على موقعها، وعرضت العديد من الأفلام الوثائقية عن الربيع العربي وأرشيف الثورة المصرية، إضافة إلى أفلام تصوّر الواقع الفلسطيني، وقال مارتن بيسما عن قسم الإعلام في المهرجان للجزيرة نت، إنّ المهرجان شمل عشرات الأفلام الوثائقية العربية أو التي تناولت الوضع العربي والشرق الأوسطي. وخصّص مهرجان الفيلم الوثائقي الدولي الذي يعدّ من أكبر مهرجانات العالم، قناة خاصة بشأن ما يدور وما نقلته وسائل الإعلام الدولية حول الربيع العربي، وما وثقته قنوات عالمية مثل ''الجزيرة'' و''بي بي سي''، بحيث يتم نقله لزوار الموقع والمهرجان على مدار الساعة، كما خصّصت حصصا تلفزيونية وعروضا جانبية لما نقلته عدسات المصورين المحترفين والهواة، وما التقطته أجهزة الهواتف، وما نقلته شبكات التواصل الاجتماعي خلال الحراك الثوري الذي شهدته المنطقة العربية ابتداء من يناير المنصرم. ويرى المراقبون لفعاليات المهرجان أنّ أرشيف ميدان التحرير في مصر في أيام الثورة الأولى هو من طغى على ما نُقل عن الثورة العربية في المهرجان، وقال بيسما إنّ أفلاما عربية كثيرة تعرض في المهرجان وشدّت الجمهور الهولندي، مضيفا أنّ عددا من الأفلام التي قدّمت من غربيين تتناول القضايا العربية والشرق الأوسطية. وبرز في المهرجان فيلم سوري يعرض لأوّل مرة للمخرجة الأميركية جوليا ملترز، وتمّ تصويره بالكامل في سوريا على مراحل امتدت خمس سنوات، ويحكي الفيلم قصة مدرسة قرآنية للنساء والفتيات في دمشق، وكيف استوحت النساء من القرآن وقيم الإسلام حافزا لاقتحام الحياة ومواصلة دراستهن ليتمكنّ من تحقيق موقعهن في المجتمع ويتفاعلن في مجتمع سريع الحركة، بحسب المخرجة. وقالت ملترز للجزيرة نت ''إنّ الكثيرين في الغرب يعتقدون أنّ الإسلام يضطهد المرأة، وما فعلناه هو أنّنا دخلنا التصوير دون أحكام مسبقة ولم نجد من الإسلام إلاّ محفّزا للنساء في مجتمع تقليدي لأن يفتح لهن آفاقا أرحب''، وعن اختيار ''الكُتّاب'' مكانا رئيسيا للتصوير، قالت ملترز التي وصلت سوريا بعد 11 سبتمبر 2001 باحثة عن سر هذا الدين ''وجدت الكتّاب عبارة عن مكان تتعلّم فيه النساء مختلف العلوم وجسرا لعالم جديد من المعرفة، وهو ما يتناقض مع الصورة التي يعرفها الغرب عن المدارس القرآنية''. وبيّنت المخرجة أنّ التصوير لم يكن سهلا في بلد مثل سوريا، بحيث انتظرت سنوات لكسب ثقة نساء الكتّاب، ولم يبدأ التصوير الفعلي إلا في ,2008 واستمر إلى نوفمبر من عام 2010 قبل أربعة أشهر من انطلاق الاحتجاجات. أمّا فيلم ''شرطي على الهامش'' للمخرج الفلسطيني ليث الجنيدي، فيعرض لأوّل مرة ويحكي قصة شرطي فلسطيني من الخليل عاجز عن حماية نفسه وقضاء شؤونه الخاصة، وعبّر الفيلم عن عمق مأساة الوضع الفلسطيني والدولة الفلسطينية التي تعيش تحت الاحتلال، واعتبر الجنيدي في تصريح ل''الجزيرة نت'' -على هامش فعاليات المهرجان- أنّه تمكّن من خلال هذا الفيلم أن يتجاوز الوضع المأساوي للشرطي وأن يبرز الحياة والأمل والصمود عند الشعب الفلسطيني، عوض نقل حالات البؤس والمآسي والحزن كما تعودنا من الأفلام الفلسطينية، وفق قوله، وأضاف أنّ الفيلم لقي تجاوبا كبيرا من المشاهدين وبيعت كلّ تذاكر الفيلم في المرات الثلاث التي عرض فيها.