عبد الرؤوف بوشعير ابن 21 ربيعا، معاق حركيا بنسبة 100 بالمائة، لم يجعل من إعاقته سببا ليعيش على جانب مجتمعه بقدر ما جعلته إعاقته شحنة متقدة من العمل والرغبة في التعلم أكثر فأكثر، لقد جرب الشاب عديد الحرف في معاهد التكوين المهني بولاية الجزائر، ليستقر اختياره أخيرا على حرفة الفسيفساء التي يقول عنها أنها جميلة لأنها تزاوج بين ألوان الحياة.. عرض عبد الرؤوف، بصالون المعاقين برياض الفتح مؤخرا، بعضا من التحف التي زينها بيديه في غرفته الصغيرة بمنزل العائلة، منها مقاعد ومرايا و''أباجورات'' استعمل في تزيينها قطعا فسيفسائية تُزاوج بين الأزرق، الأبيض، الأصفر والوردي، وغيرها من الألوان التي قال إنه يختارها بعناية كبيرة حتى تتماشى مع القطعة المُزينة. وعن حرفته هذه يقول الشاب: ''لقد جربت من قبل الرسم على الحرير وعلى الخشب كذلك، كما أنني تعلمت فن المكرامي وصناعة الجلود والفخار، كلها حرف تعلمتها بمركز التكوين المهني، ولكن اختياري استقر أخيرا على حرفة الفسيفساء أو الموزاييك، لأنها مميزة بألوانها وجماليتها ذات الخصوصية. هذا لا يعني أني تركت الحرف الأخرى جانبا، وإنما أبدع فيها من حين لآخر حسب الوقت المتوفر من المواد. أما الموازييك، فهي لا تتطلب مني سوى الصبر على إتقانها وحسن المزاوجة بين الألوان..س عبد الرؤوف معاق حركيا، لما كان في الشهر الخامس من عمره، تعرض لارتفاع في الحرارة أو ما يسمى بالحمى، وتأخر التدخل الطبي، ثم قيل لوالديه أنه سيكون معاقا. يقول عن إعاقته: ''رُبّ نقمة تخفي وراءها نعمة، إعاقتي سمحت لي باكتشاف مَواطن الإبداع بداخلي، فكما قلت، فإني أتقن أكثر من خمس حرف قد لا يتمكن آخر منها كلها، ولكني أُبدع في كل حرفة حسب ما تتطلبه من إتقان وصبر، واليوم أنا أقوم على تعليم حرفة الموزاييك لشباب أسوياء في دار الشباب ببلدية سيدي موسى، وأتمنى أن تفتح عليّ، مشاركتي هذه في هذا الصالون، أفقا جديدة كونها أول مشاركة لي في حياتي المهنية، ومن يدري، ربما أتعلم حرفا أخرى''. ولم ينسى عبد الرؤوف الإشارة إلى أنه استفاد من قرض ممنوح له من طرف الوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر التي منحته مبلغا ساعده على شراء المواد الأولية، ليبدع في الموزاييك ويتمكّن في صناعة عديد الأشياء الجميلة، ثم يبدأ في البيع وتحقيق استقلاله المالي.. وربما يقيم معرضا خاصا به ليبرهن لمجتمعه ماذا يمكن للمعاق أن يفعل، ''لا أعتبر نفسي معاقا ما دام لي قدرة على صنع عديد الأشياء قد يعجز السوي عنها.. إنما المعاق من يبقى مكتوف اليدين عالة على غيره''، يختم عبد الرؤوف حديثه إلينا..