قررت وزارة التربية الوطنية الاحتفاء باليوم العالمي لمحاربة الفساد المصادف للتاسع ديسمبر من كل عام، بتخصيص درس تحسيسي حول ''مكافحة الرشوة والفساد''، سيشمل كل المدارس في الطورين المتوسط والثانوي. وحسب المراسلة التي وجهتها وزارة التربية الوطنية إلى مديري المتوسطات والثانويات، والتي تحصلنا على نسخة منها، فإن الهدف من برمجة هذا الدرس التحسيسي هو ''توعية التلاميذ ولفت انتباههم إلى مخاطر هذه الآفة الاجتماعية''. وألحت الوثيقة على ضرورة التوزيع الشامل لهذا المنشور على كل المؤسسات التربوية المعنية، مشددة على المديرين من أجل تقديم ما وصفته ب''الدرس الهام'' مع الحرص على تحقيق الأهداف التربوية والاجتماعية المنتظرة منه. وكلفت الوزارة أساتذة اللغات في مرحلة التعليم المتوسط وأساتذة العلوم الإسلامية والفلسفة في المرحلة الثانوية بتقديم هذا الدرس الخاص بالفساد، وزودتهم بمستند بيداغوجي ضم أهم المحاور التي سيتم التطرق إليها. وفي قراءة لهذا المستند الذي أعدته الوزارة، نلاحظ أنه تطرق لكل أنواع الفساد، على رأسها الرشوة التي خصص لها الجزء الأكبر من الوثيقة، إضافة إلى المحسوبية والمحاباة والوساطة والابتزاز والتزوير ونهب المال العام. كما عرج بإسهاب على ''أضرار انتشار الفساد''. وعرّفت الوثيقة الفساد بأنه ''من الظواهر الخطيرة التي تواجه البلدان لاسيما البلدان النامية''، كما ربطته بالمفهوم الديني ل ''الأمانة'' التي تحمّلها الإنسان، مستندة على آيات قرآنية. وكان الجانب الديني حاضرا بقوة في الوثيقة لاسيما عند الحديث عن الرشوة التي اعتبرتها ''من أشد جرائم الفساد التي تهلك المجتمعات، وتذهب بأخلاقها وتمحو بركة مالها''، وربطت انتشار هذه الظاهرة ب''ضعف الوازع الديني''، ولهذا عاد معدوها إلى التذكير بأن الإسلام حرم على المسلم أخذ أو إعطاء الرشوة وحتى التوسط لدافعيها وآخذيها. أما بالنسبة للظواهر الأخرى التي ذكرناها سابقا، فاكتفى مستند وزارة التربية باعطاء تعاريف لها وشرح معناها، لكنه بالمقابل خصص فقرة طويلة لأضرار الفساد التي ضمنها في ست نقاط هي: ''انحراف وفساد الجهاز الإداري أو إحدى مؤسساته''،''الرشوة تعني كذلك الحصول على منصب مهم لشخص لايستحقه''،''تدمير الموارد المالية للمجتمع''،''تدمير الأخلاق في المجتمع''،''الفساد تدمير جسدي للمجتمع والبشرية''،''مكافحة الفساد تكلف الدولة نفقات باهظة''. للإشارة، فإن منظمة الأممالمتحدة هي التي أقرت يوما لمكافحة ظاهرة الفساد في العالم وذلك بعد اعتمادها اتفاقية مكافحة الفساد التي دخلت حيز التنفيذ سنة .2005 وفي رسالته الموجهة لدول العالم، بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الفساد العام الماضي، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن الفساد ''يشكل تهديدا للديمقراطية والتنمية والاستقرار''، مهيبا بكل الدول، خاصا بالذكر قادة قطاع الأعمال بأن ينددوا بالفساد ويدعموا أقوالهم بأفعال تحظره بشكل صارم. وطالبهم بوضع سياسات لمكافحة الظاهرة، تتوافق واتفاقية الأممالمتحدة بالعمل مع المنظمة التي أشار إلى أنها تعمل على مكافحة الظاهرة حتى داخل هيئاتها.