أعلن وزير التضامن الوطني والأسرة السيد السعيد بركات، أمس، عن الرتبة الجديدة للوسيط الأسري كخطوة أولية نحو تفعيل المرسوم الذي يجري التحضير له لتحديد ضوابط الوساطة الأسرية التي ستخرج النزاعات الأسرية بموجبها من أروقة المحاكم ليتم إسنادها للمجتمع بصفة رسمية. وتأتي هذه الخطوة بعد تسجيل وظيفة الوسيط الأسري على مستوى الحكومة والوظيف العمومي، حسب ما قاله وزير التضامن الوطني والأسرة خلال إشرافه على افتتاح أشغال يوم دراسي حول الوساطة الأسرية نظمته وزارة التضامن الوطني والأسرة بنزل الرياض بسيدي فرج، موضحا أنّه سيتم بموجب هذه المبادرة إدماج وسطاء أسريين على مستوى المديريات الولائية ووزارة الأسرة لتفادي إفشاء أسرار الأزواج ومختلف أفراد الأسرة أمام الغير. وتبعا لتصريحات الوزير، فإنّ الوصول إلى هذا الهدف سيمر عبر تكوين الحقوقيين اجتماعيا ونفسيا لأداء هذا الدور الذي يحتاج إلى نقاش وإثراء من طرف أصحاب القرار في المجتمع، ممن يتعين عليهم التمعن في مستقبل المجتمع باعتبار أنّ الأسرة هي الخلية الأساسية. ونبه الوزير إلى أن مبدأ الوساطة الأسرية المستمد من الغرب، له جذور ضاربة في تعاليم الدين الإسلامي الذي يحث على الصلح للتغلب على المشاكل العائلية والحيلولة دون التشهير بأمورها الداخلية، مبرزا أنّه ليس من السهل ترميم البيوت المتصدعة حينما تصل قضاياها إلى القضاء كما أظهرته المعطيات الميدانية. وتمكنت الأسرة الجزائرية -أضاف وزير التضامن الوطني والأسرة- رغم الهزات الاستعمارية والأمنية وإسقاطات التنمية السلبية غير المتحكم فيها، من الحفاظ على التماسك الأسري بفضل تسلحها بقيم الدين الحنيف ومفاهيم المجتمع الجزائري، ما يستدعي العودة إلى هذه القيم التي ساهم تراجعها في التأثير سلبيا على تماسك بعض الأسر، لاسيما في ظل سيادة مشكل ضعف الاتصال داخل الأسرة الجزائرية. وأشارت ممثلة عن وزارة التضامن الوطني والأسرة، مليكة بن عودة، خلال اللقاء إلى أن سياسة القطاع ارتكزت على وضع استراتيجية لحماية وترقية الأسرة من خلال تطوير ثقافة التضامن الاجتماعي، ترسيخ على قيم المجتمع ومكافحة التهميش والفقر والآفات الاجتماعية. لكن يبقى الإدماج العائلي الهدف الرئيسي المتوخى من الإستراتيجية، والذي يطرح نفسه كحاجة طارئة بالنظر إلى تفشي آفات تهميش المسنين، جنوح الأحداث، تنامي الطلاق وغياب الحوار والاتصال داخل الأسرة، الأمر الذي يفرض العودة إلى السياق الديني والثقافي للمجتمع الجزائري، والّذي يقوم على مبدأ الصلح منذ عدة قرون متجليا في دور العرش والإمام، ذكرت ممثلة وزارة التضامن الوطني والأسرة. من جانبها، أشارت المحامية فاطمة الزهراء بن براهم إلى أنّ مبدأ الحفاظ على تماسك الأسرة ومستقبل الأطفال ليس مكتسبا من تجارب أمريكا الشمالية، كما أنّ مبدأ الوساطة في حل النزاعات ليس جديدا على المسلمين الذين يقوم دينهم على هذا الأساس منذ أزيد من 14 قرنا. واعتبرت السيدة بن براهم اليوم الدراسي الذي حمل شعار ''نحو تماسك أسري واستقرار اجتماعي'' الملتقى في غاية الأهمية بالنظر إلى دوره في تكريس العمل وفقا لمبدأ الصلح الذي سيعتمد على تجارب خبراء على غرار القضاة القدامى، مضيفة أنّ دور الوسيط الأسري يقوم على التنسيق الذي يسمح بتوصل المتخاصمين إلى الحلول تلقائيا، بما يكفل الحد من الآفات الاجتماعية، وخاصة الطلاق. ويبقى تحقيق هدف استقرار الأسرة، حسب ما جاء على لسان المكلف بالاتصال بوزارة الأسرة المنتدبة سفيان بوكعباش، مرهونا بتحسين ظروف الحياة ومواجهة التحديات وفقا لما ترمي إليه البرامج المسطرة للتكفل بالأسرة، لكن مع الأخذ بعين الاعتبار مسألة الفهم الدقيق للاحتياجات الجديدة التي تواجه الأسرة الجزائرية في ظل التحولات الراهنة التي أدت إلى تغير عدة مفاهيم أسرية. وتميز اليوم الدراسي الذي تم بمشاركة ممثلي هيئات الدولة والدوائر الوزارية المعنية وباحثين من الجامعات ومراكز البحث المتخصصة والحركة الجمعوية والمجتمع المدني بطرح عدة نقاشات من طرف خبراء لديهم مجال تدخل في شؤون العائلة، انطلاقا من الواقع المعيش الذي يتميز بتعرض الأسرة الجزائرية إلى هزات في ظل تحولات العصر، باتت تتطلب التشخيص لاستحداث آلية تسد الهوة التي تحدث بفعل تأثيرات النزاعات العائلية من خلال تطوير وترقية مبدأ الوساطة الأسرية. وللإشارة، تم تنظيم اليوم الدراسي الخاص بمبدأ الوساطة بمناسبة يوم الأسرة العربية المصادف ل 7 ديسمبر من كل سنة، والموافق للانتفاضة الفلسطينية لتحرير القدس.