كشف آخر تقرير لمنظمة الصحة العالمية عن ارتفاع في عدد الوفيات الناجمة عن تلوث الهواء بحيث أفادت هذه الهيئة العالمية أن نحو 1,3 مليون نسمة يموتون سنويا في العالم بسبب تلوث الهواء ولعل النسبة الأكبر من هذه الوفيات تتمركز في الدول النامية والبلدان الصناعية الفقيرة التي لا تحترم مقاييس السلامة البيئية والصحية بسبب نقص الوعي من جهة والإمكانيات من جهة أخرى. وأوضحت منظمة الصحة العالمية في تقريرها الذي نشر أول أمس الأحد أن تلوث الهواء وتنفس جزئيات منه يتسبب في هلاك نحو 1,3 مليون نسمة سنويا في العالم وخاصة في البلدان الصناعية الفقيرة، مضيفة أن الإصابات في ازدياد متواصل بسبب المصانع الصغيرة وبالأخص في البلدان الفقيرة والنامية التي تعمل بالطريقة التقليدية بوقود كالمازوت وغيره من المحروقات التي تسبب انبعاثات غازية كان يعتقد بأنها غير مسؤولة عن تلوث الهواء. وحسب بيانات المنظمة العالمية للصحة، فإن أكثر من مليون شخص سنويا يموتون نتيجة غازات وقود محددة كالمازوت ومشتقاته والغازات التي تنفثها المصانع الكبرى، مضيفة أن الذرات الصغيرة في الهواء الملوث تتسلل بسهولة إلى الجسم وتسبب أمراضا مزمنة في مجارى التنفس والرئتين، حسب التقرير الذي أشار إلى مدى خطورة احتراق الفحم الحجري بسبب استخدامه في الطبخ والتدفئة والكتل الحيوية والمصانع المنتجة للطاقة التي تعمل بالفحم النباتي. ولعل المسؤولية الأكبر لتلوث الهواء يعود إلى وقود السيارات، بحيث تشير أرقام عن برنامج الأممالمتحدة من أجل البيئة إلى أن أزيد من 70 بالمائة من الرصاص المتواجد في الهواء نابع من وقود السيارات خاصة بالنسبة للدول المتوسطية على غرار الجزائر وهو ما يزيد في ظهور أمراض وتسجيل وفيات بالمنطقة والعالم ككل علما أن أزيد من مليون و300 ألف شخص يموتون سنويا بسبب الهواء الملوث. وتشير أرقام برنامج الأممالمتحدة من أجل البيئة إلى أن أزمة تلوث الهواء بمختلف الغازات سواء الصناعية أو تلك الناجمة عن غازات السيارات لم تعد تخلف قتلى وحسب بل ساهمت في إنقاص عمر الانسان، بحيث أن معدل الحياة تراجع بسبب هذه الإشكالية بنسبة تتراوح ما بين 5 و6 سنوات لا سيما في إفريقيا وحتى أوروبا التي لم يسلم مواطنوها من تبعات هذه الأزمة. الجزائر بدورها لم تستثنى من أزمة تلوث الهواء بحيث تشير أرقام رسمية إلى أن أزيد من 200 جزائري يموتون سنويا بسبب تلوث الهواء وتواجد نسبة عالية من الرصاص علما أن غالبية المتوفين هم من فئة الأطفال الذين لا يتعدى سنهم ال5 سنوات بعد تعرضهم لمشاكل تنفسية وأمراض صدرية خانقة وهي آخر الأرقام التي كشفت عنها المنظمة العالمية للصحة بخصوص الجزائر خلال إحدى لقاءاتها المنظمة بهذا الخصوص. وأمام هذه الوضعية التي أضحت مقلقة بالنسبة لبلادنا، فإن الجزائر وحسب خبراء عن المنظمة أصبحت مطالبة بتخفيض نسبة الانبعاثات والملوثات بالوقود إلى أزيد من 70 ميكروغرام في المتر المكعب عوض ال20 ميكروغرام المسجلة حاليا وهو ما سيساهم في تخفيض نسبة الوفيات إلى أكثر من 15 بالمائة علما أن اللجوء إلى استعمال الوقود النقي يعد إحدى السبل الأنجع للوصول إلى ضمان هواء نقي وصحي خاصة مع ارتفاع حظيرة السيارات التي تجاوز عددها ال5 ملايين سيارة إلى جانب توفر الجزائر على إمكانيات في مجال إنتاج وتوفير الوقود النقي. وعلى صعيد ميداني، فقد سعت السلطات وعلى رأسها وزارة البيئة إلى تشجيع وترقية استعمال الوقود النقي من خلال إصدار القانون رقم 10-03 المؤرخ في جويلية 2003 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة كما ساهم وضع جهاز تحليل فوري لنوعية الهواء والمسمى ب''سما صافية'' في مراقبة آنية للهواء على مستوى اكبر التجمعات السكانية والتي تعد الأكثر تلوثا في البلاد على غرار العاصمة وعنابة ووهران وسكيكدة بحيث يتم قياس الملوثات الرئيسية والمتمثلة في أكسيد الكربون، ثاني أكسيد الكبريت وأكسيد الكربون، المحروقات والغبار الدقيق..إلى جانب فرض المراقبة التقنية للسيارات من أجل العمل على خفض تلوث الهواء وتحديد المشاكل التقنية المسببة لذلك.