أكد وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي أمس بموسكو أنه بإمكان العلاقات بين الجزائر وموسكو أن تتعزز وتستفيد من القدرات الهائلة التي يوفرها اقتصادا البلدين، مشيرا، أمام جمع من الديبلوماسيين والجامعيين والباحثين، إلى أن ''مباحثاتي أمس (مع نظيره الروسي) (...) ترسخ يقيننا بأنه يمكن للعلاقات بين بلدينا أن تتعزز وتستفيد من القدرات الهائلة التي يوفرها اقتصادا البلدين والتقدير والاحترام الذي يكنه الشعبان لبعضهما''. وأوضح الوزير الذي نزل ضيفا على مجلة ''الحياة الدولية'' أن حضوره بروسيا جاء ليكرس تقدما جديدا نحو تعاون استثنائي تمليه الشراكة الاستراتيجية التي أقيمت في 2001 بموسكو. وأعرب السيد مدلسي عن ارتياحه ''للتقدم المحقق في إطار التعاون الثنائي، من خلال عقد الدورة الخامسة للجنة المختلطة للتعاون الاقتصادي والعلمي والتقني الأسبوع الماضي، إلى جانب تنظيم المنتدى الثاني للمؤسسات الروسية بالجزائر في أكتوبر .''2011 وأضاف السيد مدلسي أن ''نجاح'' الأسبوع الثقافي الجزائري بموسكو وسانت بيترسبروغ في 2010 والأسبوع الثقافي الروسي بالجزائر وتلمسان في 2011 ''يشكل حافزا إضافيا للتفاؤل حول مستقبل تعاوننا''، الذي يعززه التعارف المتبادل عن طريق الفنون. وعلى الصعيد الاقتصادي؛ أوضح الوزير أن اقتصادي البلدين يواجهان اليوم نفس التحديات والمتمثلة في عصرنة وتنويع الفعالية الطاقوية والدخول في عهد اقتصاد المعرفة. وأشار إلى أن الجزائر تلاحظ ''باهتمام بالغ'' مخطط العصرنة الذي بادرت به روسيا. وصرح قائلا - في هذا الصدد - ''نقدر كثيرا دقة دراستكم والأولوية التي تم إيلائها للتكنولوجيات الحديثة والمشروع المهم المتعلق باستحداث مدينة سيليكون فالي روسية مخصصة للابتكار بسكولكوفو''. ولدى تطرقه إلى المستوى الدولي؛ أوضح السيد مدلسي أن الجزائر تقدر كثيرا الدور الإيجابي والمتوازن للدبلوماسية الروسية، مشددا على استعداد هذا البلد الكبير للقيام بعمل من الدرجة الأولى لفائدة العلاقات الدولية في إطار الشرعية الدولية والاستقرار والازدهار المتبادل. وفيما يتعلق بإفرازات الأزمة الليبية وتفشي ظاهرة تهريب الأسلحة؛ أكد السيد مدلسي أن الوضع في الساحل ازداد خطورة غداة أحداث ليبيا وانتشار الأطنان من الأسلحة المتطورة في كل بلدان المنطقة، مضيفا - في هذا الصدد - أن منطقة الساحل تعاني من مشاكل التخلف واللا أمن التي يجب أن تحل بشكل جماعي وشامل، لاسيما من خلال استقرار السكان المحليين وتحسين الظروف المعيشية''. وأشار - في هذا الصدد - إلى مساهمة الجزائر، لاسيما من خلال إنجاز مشروع الاندماج شبه الإقليمي للطريق العابر للصحراء الذي تقدمت نسبة إنجازه بأكثر من 80 بالمائة وكذا الإنجاز المباشر لمشاريع تنموية بالنسبة للبلدان المعنية. وأوضح السيد الوزير - في هذا السياق - أن بلدان الساحل نظمت نفسها بمشاركة فعالة من الجزائر حتى يتسنى لها التكفل بنفسها بمسائل الأمن، موضحا - من جهة أخرى - أن الجزائروروسيا تحاربان اليوم الإرهاب الدولي وتسجلان يوما بعد يوم تطورا معتبرا من أجل القضاء على هذه ''الآفة'' وحماية أمن بلداننا وأمن المجتمع الدولي. وذكر السيد مدلسي - في هذا الصدد - بأن الإرهاب عابر للأوطان وأن أهدافه ووسائله تكتسي بعدا دوليا، داعيا إلى مسعى جماعي ومتضامن وعملي من كافة البلدان مع دعم من المنظمات الدولية والإقليمية، كما قال. ورغم الجهود المبذولة في هذا الاتجاه؛ تطرق الوزير إلى مشكل دفع الفدية للإرهابيين الذي يعد - كما قال - من المظاهر ''الخطيرة واللاأخلاقية''، حيث ينبغي الكف عن دفعها باسم احترام حقوق الإنسان المستهدفة ب''الأسلحة والمتفجرات التي تشترى بأموال هذه الفديات''. وكان السيد سيرغي لافروف وزير خارجية روسيا قد أكد أول أمس في ندوة صحافية مشتركة مع الوزير مدلسي أن روسيا تدعم الدور الفعال الذي تلعبه الجزائر في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب في منطقة الساحل الصحراوي. من جهته؛ أكد السيد مدلسي ضرورة مواصلة مكافحة الجماعات الإرهابية التي يتداخل نشاطها في أغلب الأحيان مع أعمال تهريب الأسلحة والمخدرات، وقال - على وجه الخصوص - ''ما ينبغي عمله اليوم هو مواصلة مكافحة الإرهاب، قمنا بذلك داخل حدودنا وعلينا القيام به اليوم في المنطقة ومع بلدان هذه المنطقة بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدةوروسيا''. كما أبرز رئيس الدبلوماسية الجزائرية جهود الجزائر لترقية السلم والتنمية في محيطها الإفريقي والعربي والمتوسطي، معتبرا أن الوضع في الشرق الأوسط يستوقف العالم بأكمله بالنظر إلى المخاطر التي قد يخلفها والتي قد تحدق بالسلام والأمن''. وتأسف السيد مدلسي لكون ''المنطقة برمتها رهينة السياسة العدوانية والحربية التي تمارسها إسرائيل والتي تعرض الشعبين الفلسطيني واللبناني لأقسى أنواع المعاناة''، موضحا أن هذه المنطقة لن تعيش في كنف السلام والاستقرار إلا بعد إجلاء الأراضي العربية المحتلة بفلسطين ولبنان وسوريا. وفي هذا السياق؛ أشاد السيد مدلسي بالدور ''المتوازن والبناء'' الذي تلعبه روسيا في الأممالمتحدة وفي إطار اللجنة الرباعية لبعث مسار السلام والتوصل إلى حل دائم يتوافق والشرعية الدولية. كما تطرق السيد مدلسي إلى ملف اتحاد المغرب العربي، حيث صرح بأن الجزائر تبقى أكثر من أي وقت مضى متمسكة ببناء صرح اقتصادي مندمج من خلال هذا الاتحاد. وقال في هذا الصدد ''هناك قناعة كبيرة وخيار استراتيجي تواصل الجزائر مساندتها له دون غموض''، دون أن ننسى - كما أضاف - مواصلة مساندتها للأمين العام الأممي، كما اتمنى أن يلقى نداء ممثله الشخصي الذي وجهه إلى أعضاء مجلس الأمن آذانا صاغية من أجل ''تعزيز أكثر للمفاوضات بين المغرب وجبهة البوليزاريو'' حول مسألة الصحراء الغربية.