تقاطعت تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ووزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك أمس حول بديل ''التدخل عسكري'' ضد المنشآت النووية الإيرانية كآخر مخرج لإنهاء البرنامج النووي الإيراني الذي تشتبه الدول الغربية بأنه يحمل نزعة عسكرية الغاية منه تمكين إيران من امتلاك القنبلة الذرية. ولكن سياق استعمال هذه العبارة لم يكن الغرض منه واحد بين الرجلين فبينما أكد لافروف أن أي هجوم ضد إيران سيحمل معه تبعات كارثية على كل المنطقة راح وزير الدفاع الإسرائيلي أيهود باراك إلى طمأنة الجميع والقول أن الخيار ''بعيد جدا'' في الحسابات الإسرائيلية. وإذا كانت تحذيرات رئيس الدبلوماسية الروسي لم تأت من عدم لولا أن تكون موسكو قد أحست بمؤشرات مثل هذا الخيار تلوح في أفق منطقة الخليج وهي التي طرحت على طاولة التفاوض بين الدول الغربية وإسرائيل وتنتظر فقط تحيين الوقت المناسب للأخذ بها لإجهاض المشروع الإيراني وقتله في مهده. وأكد لافروف قناعته أن أي تدخل عسكري سيصب الزيت على نار صراع خفي بين الشيعة والسنة والتلميح واضح إلى احتمالات متزايدة لاندلاع حرب إقليمية في المنطقة العربية بين إيران ودول الخليج ستأخذ طابعا طائفيا. وتحذير رئيس الدبلوماسية الروسي ليس من اندلاع الحرب في حد ذاته ولكن في المنحى الذي ستأخذه عندما أكد أن لا احد بإمكانه وقفها أو حتى التكهن بنتائجها. ولأن روسيا طرف مؤثر في السياسات الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط فقد أكدت بطريقة ضمنية على وجود مثل هذا الخيار مما جعل وزير الدفاع الإسرائيلي يسارع إلى نفي مثل هذا التوجه وقال إن اللجوء إلى القوة العسكرية غير مطروح في الوقت الراهن في محاولة منه لإبعاد الشبهة وربما خلط الحسابات والتمويه على قرار لم تحدد ساعة تنفيذه فقط. ويكون مضمون تصريحات باراك مقصودا للطمأنة وبعث الطمأنينة لدى إيران حتى يتمكن من مباغتتها في الوقت المعلوم لتنفيذ ضربات عسكرية ناجحة ضد منشآتها. وهو الاحتمال المطروح جدا وخاصة وان صحيفة ''وول ستريت جورنال'' الأمريكية أكدت أن إدارة الرئيس باراك اوباما أبدت امتعاضا متزايدا من استعدادات إسرائيلية منفردة من اجل تنفيذ ضربات عسكرية ضد إيران. وأكدت الصحيفة الأمريكية أن واشنطن وضعت مخططا استعجاليا من اجل حماية منشآتها ومصالحها في منطقة الخليج العربي وكل منطقة الشرق الأوسط. وهو ما جعل قراءات سياسية تؤكد أن تأجيل المناورات العسكرية الأمريكية-الإسرائيلية في عرض البحر المتوسط شهر أفريل القادم بسبب خلافات بين البلدين في مقاربة كل منهما حول كيفية التعاطي مع الملف الإيراني. والواقع أن الولاياتالمتحدة لا تعارض ضرب إيران ولو أتيحت لها الفرصة لفعلت ذلك منذ سنوات ولكنها مقتنعة أن توقيت ذلك غير مناسب في منطقة متأججة وهي لم تعرف بعد كيفية الخروج من المأزقين الأفغاني والعراقي وأيضا على مقربة من انتخابات رئاسية لا يريد الرئيس اوباما خسارتها بسبب إيران. ولا يستبعد في ظل هذه الحسابات أن تكون إيران قد استشعرت نوايا إسرائيل لتدمير منشآتها مما جعلها تستبق كل الاحتمالات وأكدت استعدادها الجلوس إلى الطاولة لاستئناف المفاوضات ضمن مجموعة ''الخمسة زائد واحد'' حول برنامجها النووي. وهو ما جعل وزير الخارجية الإيراني علي اكبر صالحي ينتقل إلى تركيا لتقديم هذا العرض إلى الدول الغربية عبر أنقرة بالنظر إلى دور الوسيط الذي أصبحت أنقرة تلعبه بين طهران ومختلف العواصمالغربية. ولكن رئيس الدبلوماسية الإيراني لم يكن متأكدا من موافقة الدول الغربية على عرض بلاده واكتفى بالقول أن المفاوضات ستتم قريبا في اسطنبول دون أن يحدد تاريخا محددا على ذلك لإدراكه أن الدول الغربية ضمن مجموعة الخمسة سيضعون شروطا مسبقة من اجل قبول الدعوة الإيرانية.