تعتزم سلطات الاحتلال الإسرائيلية خلال الأشهر القادمة الشروع في أوسع عملية لتوزيع الأقنعة الواقية على السكان ضمن برنامج زعمت إدارة الاحتلال أنها اتخذته قبل عام.ويبدو من الوهلة الأولى أن الأقنعة موجهة للتصدي لفيروس انفلوانزا الخنازير أو حتى الطيور ولو كانت كذلك لكان الأمر عاديا وما كان ليثير الانتباه ولكنها أقنعة عسكرية للوقاية من أية إشعاعات نووية أو كيماوية. وكان يمكن لهذا القرار أن يمر هكذا أيضا دون تهويل لولا أنه اتخذ بعد اجتماع مغلق للجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكينيست وهو ما جعله يأخذ تفسيرات أخرى لا يمكن فصلها عن النزعة العدائية التي ما انفكت الحكومة اليمينية المتطرفة تبديها ضد إيران من خلال الترويج وبإلحاح لخيار ضرب المنشآت النووية الإيرانية لمنع طهران من امتلاك السلاح النووي. ويكون الإسرائيليون بهذا القرار قد قطعوا خطوات كبيرة في هذا الاتجاه بدليل الإجراءات الوقائية التي اتخذوها ضد أية تطورات باتجاه المواجهة المفتوحة مع إيران على اعتبار أن هذه الأخيرة لن تبقى مكتوفة الأيدي لصد الضربة أو الرد عليها. وبدأت منذ أسابيع إشاعات تتردد بإلحاح حول ضربة إسرائيلية محتملة ضد المنشآت النووية الإيرانية في نفس الوقت الذي شرع فيه مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون في تسريب أخبار حول احتمالات متزايدة لتمكن إيران من امتلاك السلاح النووي في العام القادم وأن طهران تعمدت اللعب على ورقة ربح الوقت في مفاوضاتها مع الدول الغربية من أجل استكمال برنامجها النووي. وأجمعت عدة مصادر أمريكية فاعلة على التأكيد في الأيام الأخيرة أن الحكومة الإسرائيلية بحثت فكرة التسريع بالخيار العسكري ضد إيران مع إدارة الرئيس باراك اوباما ولكنها لاقت معارضة صريحة من واشنطن ضد الفكرة بسبب مخاطرها وأيضا بسبب المقاربات السياسية التي انتهجتها الإدارة الأمريكيةالجديدة في تعاملها مع إيران بابتعادها عن لغة التهديد العسكري وتفضيل الخيار الدبلوماسي ولو إلى حين. ويكون النهج الجديد في السياسة الأمريكية باتجاه إيران هو الذي جعل وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان يؤكد في وقت سابق أن إسرائيل لا يمكنها انتظار جهات أخرى لضمان أمنها القومي وأنها قادرة على فعل ذلك بمقدراتها الفردية في رسالة واضحة باتجاه إدارة الرئيس باراك اوباما. وتجد فرضية إقدام إسرائيل على فعلتها ضد إيران وخاصة وأن الكشف عن عملية توزيع الأقنعة تزامنت مع الزيارة التي يقوم بها وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك إلى الولاياتالمتحدة الأسبوع القادم حيث ينتظر أن تركز بشكل كبير على الملف الإيراني وكيفية التعامل معه وبالتالي سعي من أجل الحصول على الضوء الأخضر من واشنطن لضرب المفاعلات النووية الإيرانية. وهو الاحتمال الوارد جدا بالنظر الى طبيعة الشخصيات التي سيلتقيها ايهود باراك خلال زيارته وهم وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ووزير الدفاع روبيرت غيتس والجنرال جيمس جونس مستشار الأمن القومي للرئيس اوباما . يذكر أن الرئيس اوباما لم يشأ الفصل في قراره بخصوص كيفية التعاطي مع السلطات الإيرانية خلال القمة التي جمعته الأسبوع الماضي بالوزير الأول الإسرائيلي بنيامين نتانياهو مفضلا التريث وإتمام مساعيه الدبلوماسية الى غاية نهاية العام الجاري. وهو الموقف الذي لم تستسغه إدارة الاحتلال وطالبت بدلا من ذلك بتقييم دوري لموقف إيران للتأكد من حقيقة نواياها وما إذا كانت جادة فعلا في مفاوضاتها مع الدول الغربية حول برنامجها النووي. ولم يخف وزير الدفاع الإسرائيلي في تصريح للإذاعة العسكرية الإسرائيلية أمس أن حكومة الاحتلال لم تتخل عن الخيار العسكري للتعامل مع إيران بمبرر أن كل الخيارات يجب الاحتفاظ بها فوق الطاولة ولا يجب استثناء أي منها" وهو موقف كاف للحكم على النية الإسرائيلية وأن إدارة الاحتلال لن تتوانى لحظة في تكرار تجربة ضربها لمفاعل تموز العراقي سنة 1981 مع مفاعلات ناتنز الإيرانية.