تعزز الزيارة التي ينتظر أن يقوم بها وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي السيد سعد الدين العثماني ابتداء من اليوم إلى الجزائر المنحى الإيجابي الذي طبع تصريحات مسؤولي البلدين في المدة الأخيرة بخصوص إرادة البلدين في استحداث إطار جديد للعلاقات الثنائية من خلال إيجاد منفذ لبعث فرص التعاون الثنائي في مختلف القطاعات الحيوية عبر الزيارت المتبادلة للوزراء والتي بدأت منذ السداسي الثاني من السنة الماضية. و قد اسفرت هذه الزيارات في مجال الفلاحة مثلا بتوقيع البلدين شهر نوفمبر الماضي، العديد من اتفاقيات التعاون في المجال الفلاحي. وتهم هذه الاتفاقيات عدة مجالات، بدءا بتربية النحل إلى برامج ستنفذ بتعاون مع مؤسسة ''فلاحة إينوف''، المنظمة للمعرض السنوي للزراعة بالجزائر العاصمة، والذي شارك فيه المغرب كضيف شرف. وشدد وزير الفلاحة السيد رشيد بن عيسى، بالمناسبة على أن مشاركة المغرب بوفد كبير من 150 متعاملا من مستوى رفيع، يعد إشارة على ''الرغبة المشتركة لإقامة علاقات قوية بين بلدينا''. زيارة وزير الخارجية المغربي التي تندرج حسب بيان وزارة الشؤون الخارجية والتعاون المغربية في اطار توطيد مسلسل اللقاءات والمشاورات التي بدأها البلدان من أجل الدفع بعلاقاتهما الى مستوى طموحات الشعبين المغربي والجزائري، تتزامن وابداء نية جديدة من البلدين لتمهيد الخطوات لفتح صفحة جديدة من التعاون الثنائي وفق ما تقتضيه المتطلبات الاقليمية والدولية الراهنة. إضافة الى ان هذه الزيارة تدخل في سياق خطاب متقارب بين البلدين منذ بضعة شهور، ولاسيما منذ اللقاء الشهير الذي جمع وزيري خارجية البلدين على هامش قمة المجموعة العربية مع تركيا في الرباط. وقد كشف وزير الخارجية السيد مراد مدلسي خلال زيارته لواشنطن، عن تبادل زيارات وزارية مرتقبة بين الجزائر والمغرب، الى جانب اتفاق ثنائي على عقد قمة طارئة لوزراء خارجية الاتحاد المغاربي نهاية فيفري المقبل. وقد سبق لوزير الخارجية السيد مراد مدلسي أن كشف في تصريحات سابقة عن وجود مبادرة سياسية بين الجزائر والمغرب لتنشيط العلاقات مما سيتولد عنها خطوة إيجابية في المستقبل القريب، مضيفا أن الجهود التي تبذل حاليا من قبل البلدين تهدف إلى استحداث جو إيجابي جديد يساهم في تفعيل وتنشيط علاقات التعاون الاقتصادي والاجتماعي بين البلدين، مؤكدا أن الجزائر ستواصل جهودها من أجل ''تطبيع'' علاقاتها مع المغرب. وان قرار إغلاق الحدود مع الرباط ''لم يكن أبداً قراراً نهائياً'' وأن ''المصالحة مع المغرب ستتعزز بمجيء الحكومة المغربية الجديدة''. من جانبه أبدى المغرب على لسان وزير الخارجية السابق الطيب الفاسي الفهري عن رغبة الرباط في تطبيع كامل للعلاقة مع الجزائر، معتبرا أنه ''ليس من الطبيعي أن لا تكون علاقتنا طبيعية'' مع هذا الجار، في إشارة إلى الجزائر. وقد سبق للوزيرين ان اكدا على هذه الارادة خلال لقائهما على هامش الاجتماع الطارئ لجامعة الدول العربية حول سوريا الذي عقد في الرباط مؤخرا. غير ان الاهتمام بإضفاء الديناميكية على العلاقات الثنائية برز اكثر مع حكومة جديدة في المغرب والتي عكستها رسالة التهنئة التي وجهتها الجزائر إلى المغرب بمناسبة النجاح الذي حققه في انتخابات 25 نوفمبر الماضي، واصفة هذه الانتخابات ب''المرحلة المهمة لتعزيز الديمقراطية'' في البلاد مع إعراب الجزائر عن ''استعدادها للتعاون'' مع الحكومة الجديدة، في الوقت الذي جدد فيه رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة خلال حضوره احتفالات الثورة التونسية في عامها الاول بتونس عزم الجزائر على مواصلة الجهود من أجل تفعيل اتحاد المغرب العربي وتحويل المنطقة الى فضاء يسوده الاستقرار والتعاون والرخاء. وكثيرا ما ابدت الجزائر حرصها على التمسك بالاتحاد المغاربي كخيار استرتيجي في اطار إرساء نظام مغاربي جديد قائم على الأخوة والثقة والتفاهم وحسن الجوار من خلال خلق الشروط الملائمة لذلك، مشيرة الى ان التغييرات التي شهدتها تونس وليبيا وبلدان عربية أخرى، لا يمكن إلا أن تشجع على تسريع بناء اتحاد المغرب العربي.