قالت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون المغربية أمس أن وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي «سعد الدين العثماني» سيقوم بعد غد الاثنين بزيارة رسمية الى الجزائر تستمر يومين ومن المنتظر أن يحظى باستقبال من قبل رئيس الجمهورية «عبد العزيز بوتفليقة». بيان الخارجية المغربية قال إن زيارة العثماني إلى الجزائر «تندرج في اطار توطيد مسلسل اللقاءات والمشاورات التي بدأها البلدان من أجل الدفع بعلاقاتهما إلى مستوى طموحات الشعبين المغربي والجزائري» وأضاف مباحثات أن الوفدين ستتمحور حول سبل «توطيد علاقات الأخوة والتعاون القائمة بين البلدين الجارين خدمة للمصالح المشتركة وتعميق الحوار حول القضايا المرتبطة بمسلسل تطوير عمل وآليات اتحاد المغرب العربي من أجل الدفع به إلى ما يطمح إليه قادة وشعوب المنطقة». زيارة الوزير المغربي الذي ينتمي إلى حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة المغربية في هذه الفترة، تأتي في سياق المساعي المستمرة من أجل تطبيع العلاقات بين البلدين الجارين، وهي ترتبط أيضا بالحركية الإقليمية، حيث سيقوم الرئيس التونسي منصف المرزوقي بزيارة إلى كل من الجزائر والمغرب بداية من السادس من شهر فيفري المقبل، وقد سبق للمرزوقي أن قال بأن زيارته للبلدين ستبحث تفعيل اتحاد المغرب العربي، وخلال زيارته الأخيرة إلى تونس قال الرئيس بوتفليقة «إننا نحيي ما تحقق للديمقراطية من نقلات في مغربنا العربي الكبير وإننا على يقين من أنها كفيلة حقا بفتح الباب أمام استئناف بناء الاتحاد المغاربي»، وأضاف «إننا عاقدون العزم على مواصلة الجهود من أجل تفعيله وتحويل منطقتنا إلى فضاء يسوده الاستقرار والتعاون والرخاء المتقاسم»، وجاءت هذه الإشارات بعد اتصالات مكثفة بين المسؤولين الجزائريين والمغاربة من أجل تجاوز الخلافات السياسية بين البلدين. التأكيد على أولوية بعث الاتحاد المغاربي جاء في سياق مساع يتم بذلها على المستويات الثنائية ومتعددة الأطراف من أجل استئناف أنشطة هياكل الاتحاد، وقد سبق لوزير الخارجية «مراد مدلسي» أن أعلن في مطلع الشهر الحالي عن عقد اجتماع يضم وزراء الشؤون الخارجية لبلدان اتحاد المغرب العربي قبل نهاية شهر فيفري المقبل في المغرب بحضور كل بلدان الاتحاد، وقال مدلسي إن «اتحاد المغرب العربي يعد صرحا يستدعي تنظيما جديدا لعلاقاتنا وتعديلا للبعض من مؤسساتنا، فضلا عن استحداث آليات جديدة»، وهو ما يعني أن التصور الذي تقدمه الجزائر عن اتحاد المغرب العربي والرغبة في إعادة بعثه يعكس السعي إلى إجراء مراجعات عميقة للأسس التي قام عليها الاتحاد، فقد سبق لوزير الخارجية أن أشار إلى أن هذا الاتحاد «أصبح أمل الجزائر وكل المغاربة»، وربط فشله «بعدم التوافق ما بين سياسات اقتصادية كانت أو غيرها»، ودلل على ذلك بالقول «على سبيل المثال الجزائر كانت منذ 20 سنة تعمل على أساس نظامي ممركز في القطاع العام شبه محتكر للعلاقات الاقتصادية والإنتاج والمغرب كان آنذاك منفتحا على الليبرالية» فضلا عن اختلاف الأنظمة السياسية غير أنه لاحظ أنه «بعد التحولات الحديثة و ما جرى من أحداث في بلدان عربية أصبحت تلك الأنظمة شيئا فشيئا تتقارب سياسيا»، واعتبر أن «التقارب الاقتصادي، والتقارب الواضح على المستوى السياسي يدفع كل الأنظار للذهاب إلى الأمام وبصفة مستمرة وملموسة» ووصف بناء اتحاد المغربي بأنه «أصبح ضروريا». ويتوقع المغاربة أن تكون زيارة العثماني خطوة حاسمة على طريق التطبيع الكامل والإعلان قريبا عن إعادة فتح الحدود البرية بين البلدين، خاصة وأن الجزائر أطلقت في الفترة الأخيرة إشارات إيجابية بخصوص هذه المسألة، ففي وقت سابق قيم وزير الخارجية «مراد مدلسي» مسار التقارب بين الجزائر والرباط بالقول: «خلال الأشهر الأخيرة قمنا بتعزيز العلاقات الثنائية من خلال تبادل الزيارات الوزارية في القطاعات الإستراتيجية مثل الموارد المائية والطاقة والزراعة وغيرها، وسوف تسمح لنا هذه الديناميكية البناءة برفع مستوى التعاون بيننا لكي يصل لتطلعات شعبينا اللذين هما متحدين بفضل التاريخ وكذا تحديات المستقبل»، واعتبر أن «مسألة إعادة فتح الحدود ستكون نوعا ما تتويجا لهذا العمل المحدد الذي باشرناه سويا». التقارب الجزائري المغربي كان محل اتفاق على أعلى مستوى بين البلدين حسب التصريحات الرسمية المغربية، وهو ما يوحي بأن تسريع عملية بعث أنشطة وهياكل اتحاد المغرب العربي المعطل منذ سنة 1995 جاء بعد وصول التطبيع بين الجزائر والرباط إلى مراحل متقدمة، غير أن زيارة وزير الخارجية المغربي تحمل أيضا دلالة سياسية تتعلق بالتعبير عن إعطاء الأولوية لإصلاح العلاقة مع الجزائر في السياسة الخارجية المغربية في الفترة الحالية، حيث ستكون الجزائر ثاني دولة يزورها العثماني بعد تونس منذ حصول حزب العدالة والتنمية على رئاسة الحكومة بعد فوزه في الانتخابات.