أي مخرج للأزمة السورية بعد المبادرة العربية الثانية لإنهائها والرفض القطعي الذي أبدته سلطات دمشق إزاءها؟ هو السؤال الذي يطرح الآن على أكثر من صعيد بعد أن فتح المسعى العربي باللجوء إلى مجلس الأمن الدولي الباب واسعا أمام كل التكهنات بما فيها الأكثر تشاؤما. وكرس موقف وزراء الخارجية العرب باللجوء إلى الأممالمتحدة حقيقة ما تم تداوله طيلة شهر كامل بفشل المبادرة العربية الأولى بإرسال ملاحظين إلى سوريا في محاولة لاحتواء الأزمة ووقف إراقة دماء السوريين. وتكون الجامعة العربية من خلال تبنيها لخطة عملية جديدة أصعب من تلك التي أقرتها قبل شهر قد رفعت من سقف مطالبها باتجاه النظام السوري ولكنها لا تملك آليات تنفيذها مما جعلها تلجا إلى المنتظم الدولي لمساعدتها على ذلك. ويكون هذا الشعور المسبق بالفشل هو الذي جعل دول الجامعة العربية تضيف بندا سابعا أقرت من خلاله -باستثناء الجزائر- إمكانية تدخل مجلس الأمن في حسم هذه المعضلة عبر ممارسة ضغوط متزايدة لإرغام سلطات دمشق على قبول فكرة نقل السلطة بشكل سلس من الرئيس بشار الأسد إلى نائبه، والبدء في مرحلة انتقالية تديرها حكومة وفاق وطني تضم كل الفعاليات السياسية في هذا البلد لأنها تدرك جيدا أنها خطة لن تلقى الترحاب من طرف السلطات السورية. كما أن التأكيد على هذا البند جاء ليؤكد أن الجامعة العربية نفضت يديها من أزمة استعصى عليها تسويتها وفتحت الباب واسعا أمام الدول الغربية للتحرك من اجل استصدار لائحة جديدة ضد النظام السوري رغم رفض روسيا لكل فكرة لفرض عقوبات على دولة تدرجها الولاياتالمتحدة ضمن دول محور الشر. ولم يكن مفاجئا أن تعارض دمشق المبادرة لأنها تضمنت بشكل صريح رحيل الرئيس بشار الأسد كبداية لإنهاء الأزمة وهو الذي عارض حتى فكرة إرسال ملاحظين عرب إلى بلاده واعتبر ذلك بمثابة تدخل في الشأن الداخلي لبلاده فما بالك برحيله. ومهما يكن الموقف الذي سيتبناه مجلس الأمن الدولي بعد تلقيه الالتماس العربي لاتخاذ الإجراءات اللازمة من اجل إنهاء الأزمة السورية فإن دمشق ستجد نفسها في عزلة متزايدة وربما لضغوط روسية من أجل الانفتاح على المعارضة وبكيفية تحفظ ماء الوجه من منطلق أن موسكو لن تصمد لأطول مدة أمام ضغوط دولية متزايدة لحثها على تغيير موقفها تجاه آخر حلفائها في المنطقة العربية.