ينتظر أن تصل أول دفعة من المراقبين العرب إلى العاصمة السورية دمشق يوم غد الأربعاء لمباشرة أول عملية لتقصي الحقائق حول الأحداث الدامية التي يشهدها هذا البلد منذ شهر مارس الماضي إثر اندلاع حركة احتجاجية مطالبة بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. ويأتي قبول الحكومة السورية باستقبال الملاحظين العرب بعد توقيعها، أمس، على برتوكول إرسال ملاحظين إلى أراضيها تنفيذا لبنود المبادرة العربية الرامية إلى احتواء تداعيات الأزمة السورية. وقال نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية، أمس، أن ''وفد الملاحظين بقيادة سمير سيف اليزال مساعد الأمين العام والمشكل من مراقبين في المجال الأمني وحقوق الإنسان والإدارة'' سيصل إلى دمشق خلال يومين في مرحلة أولى على أن يتم إرسال فرق أخرى تضم خبراء حقوقيين لاحقا. وجاء هذا الانفراج بين الحكومة السورية والجامعة العربية بعد أسابيع من عملية شد وجذب أذعنت على إثرها السلطات السورية للضغوط العربية بتوقيعها على بروتوكول إرسال ملاحظين عرب إلى أراضيها تنفيذا لبنود المبادرة التي رفضتها في وقت سابق وطالبت بإدراج تعديلات على مضمونه بدعوى انه يمس بسيادتها قبل أن تشترط رفع العقوبات العربية المفروضة ضدها وأيضا رفع تجميد عضويتها على مستوى الهيئة العربية مقابل التوقيع عليه. ووقع البرتوكول من الجانب السوري فيصل مقداد نائب وزير الخارجية السوري وأحمد بن حلي نائب الأمين العام لجامعة العربية بمقر الجامعة بالعاصمة القاهرة وبحضور نبيل العربي. وأعرب وزير الخارجية السوري وليد المعلم عن ترحيب سلطات بلاده بالملاحظين العرب وقال إنه ''مرحب بهم في سوريا وطنهم الثاني''. واعتبر ان التوقيع على البرتوكول بداية للتعاون بين دمشق والجامعة العربية وأكد أنه سيتم تجديد البروتوكول في ظرف شهر إذا توصل الطرفان إلى اتفاق. ولكن المعارضة السورية نظرت بعين الريبة إلى توقيع دمشق واعتبرتها مجرد مناورة وأكد برهان غليون رئيس المجلس الوطني السوري المعارض أن ''النظام السوري يناور من أجل منع إحالة الملف السوري على مجلس الأمن الدولي،،، ليس لديهم أية نية لتطبيق أي مبادرة من هذا النوع''. والمؤكد أن دمشق التي رفضت هذا البروتوكول لعدة مرات رغم المهل المتلاحقة التي منحتها إياها الجامعة العربية لقبوله وجدت نفسها في خندق ضيق بسب الضغوط العربية والإقليمية والدولية الممارسة عليها. وتكون قد أدركت عواقب استمرارها في التمسك بمواقفها المتصلبة بما يمكن ان يدفع بأزمتها إلى التدويل بعد ان أعلنت جامعة الدول العربية عن اعتزامها إحالة الملف السوري على مجلس الأمن الدولي وهو ما يعني فتح الباب أمام إمكانية تدخل أجنبي على غرار ما حدث في ليبيا. ويتأكد هذا الطرح كون الموقف السوري الأخير جاء غداة إعلان رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم آل خليفة عزم الجامعة العربية التوجه إلى مجلس الأمن الدولي من أجل مطالبته بتبني القرارات العربية المتعلقة بتسوية الأزمة السورية. وهي المسألة التي ستكون محل نقاش غدا في الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب الذي سيعقد بالقاهرة. ثم أن تراجع النظام السوري عن موقفه الأولي يكون قد جاء أيضا بعد أن استشعر إمكانية تخلي حليفه الرئيسي في مجلس الأمن الدولي روسيا التي وقفت إلى غاية الآن حجرة عثرة أمام تبني أي قرار أممي يدين صراحة دمشق في أعمال العنف التي تعصف بها منذ عشرة أشهر. ولكن وزير الخارجية السوري وليد المعلم اعتبر أنه لا يرى أي تغيير في الموقف الروسي إزاء سوريا. وقال ''لا يوجد أي تغيير في الموقف الروسي،، هناك تنسيق يومي مع المسؤولين الروس... مواقف روسيا ليست مبنية على أساس المشاعر ولكنها قائمة على أساس المصالح واستقرار المنطقة''. والسؤال المطروح بعد موافقة دمشق على برتوكول دخول الملاحظين إلى أراضيها هل ستواصل تعاونها الإيجابي مع باقي بنود المبادرة العربية أم أنها ستلجأ إلى اتباع نفس السياسة السابقة لربح مزيد من الوقت؟