أكد وزير الفلاحة والتنمية الريفية السيد رشيد بن عيسى أمس استعداد الجزائر للانخراط التام في الحركية العالمية الرامية إلى تحسين مستوى الأمن الغذائي، مشيرا إلى أنه انطلاقا من قناعتها بأن التنمية لن تكون مستديمة إلا إذا مست مجمل المناطق وضعت الجزائر سياسة وطنية للتجديد الريفي والفلاحي، فيما اعتبر أن ضمان الأمن الغذائي بشكل مستديم في منطقة مجموعة حوار 5+5 يستدعي ضرورة رفع الإنتاج في دول المجموعة وضمان التكامل فيما بينها. وأوضح الوزير لدى إشرافه على افتتاح ملتقى مجموعة حوار 5 زائد 5 حول الأمن الغذائي الذي تختتم فعالياته اليوم بالمعهد الوطني للبحث الزراعي بالحراش أن ''الجزائر التي تؤمن بالحوار الأورومتوسطي 5+5 مستعدة للانخراط بشكل تام في الحركية العالمية الرامية إلى تحسين مستوى الأمن الغذائي للمعمورة، معربا عن قناعتها بأن التنمية لا يمكن أن تكون مستديمة إلا إذا مست مجمل المناطق، دون إقصاء أو تهميش، وذلك من منطلق انه ''لا يوجد إقليم دون مستقبل ولكن فقط هناك أقاليم دون مشاريع''. كما أكد أن سياسة التجديد الريفي والفلاحي التي تعتمدها الجزائر منذ سنوات قليلة، تنم عن قناعتها بأن الريف مرادف للمستقبل والإمكانيات متعددة وينبغي استكشافها وتثمينها. وفي سياق متصل اعتبر ممثل الحكومة أن ضمان الأمن الغذائي بشكل مستديم في منطقة مجموعة الحوار 5+,5 يستدعي رفع الإنتاج في دول المجموعة، ولاسيما في المنطقة الجنوبية للمتوسط، مع ضمان التكامل فيما بين هذه الدول وتحقيق اندماج أفضل في المنظومة الدولية، يراعي خصوصية النظام الغذائي المتوسطي الذي يعتبر الأكثر توازنا على المستوى العالمي. كما أشار إلى أن التحديات التي يواجهها القطاع الفلاحي في دول الفضاء المتوسطي تغيرت خلال السنوات القليلة الأخيرة وأصبحت اليوم أكثر تعقيدا، موضحا أن برنامج هذا الملتقى الذي يعد تجسيدا لإحدى توصيات الندوة الثامنة لوزراء خارجية دول الحوار المتوسطي 5+5 التي انعقدت في أفريل 2010 بتونس، يشمل تحليل الأزمات الغذائية وعلاقتها الجوهرية بارتفاع أسعار المواد الأولية لمنتوجات الفلاحية في السوق العالمية، وكذا اقتراح آليات العمل المشترك التي تمكن المنطقة من مواجهة تأثير التغيرات المناخية على مستويات الإنتاج الفلاحي ونوعيته، وذلك محاولة من خبراء القطاع بالدول المعنية للرد عن التحديات المطروحة أمامهم. وذكر الوزير في هذا الصدد بأنه بعد أن سمحت التقنيات المستعملة خلال ال50 سنة الماضية تحت تسمية ''الثورة الخضراء'' بتحسين مردودية الإنتاج الفلاحي والغذائي، ودفعت إلى الاعتقاد بأن خطر المجاعة في العالم تم إبعاده بشكل نهائي، جاءت الأزمة الغذائية العالمية لسنتي 2007 و2008 لتثبت عكس ذلك، حيث عادت مشاهد المجاعة التي تسببت في اللاستقرار السياسي والاجتماعي في العديد من البلدان وبشكل خاص في إفريقيا، مشيرا إلى أن التقنيات التي تم استعمالها في السابق تواجه انتقادات حادة تدعو إلى إعادة مراجعتها تحت ضغط العوامل البيئية والسياسية والاقتصادية. كما ذكر بأن الحديث اليوم في قطاع الفلاحة أصبح يدور حول مفاهيم جديدة على غرار ''الثورة الخضراء المضاعفة'' و''الفلاحة الذكية'' و''ضبط جهود مكافحة التصحر'' و''الحماية النشطة للموارد الطبيعية''، مؤكدا بأن قطاع الفلاحة والتنمية الريفية استعاد اليوم مهتمه كقطاع مهيكل في العديد من بلدان المنطقة الأورومتوسطية التي تزخر -حسبه- بمزايا متعددة وعوامل مشجعة تشمل موقعها الجغرافي وتنوع اقتصادياتها وثراء مواردها الطبيعية وتنوعها الاجتماعي. وبعد أن أبرز أهمية المسؤولية الواقعة على عاتق الخبراء والباحثين المدعوين إلى فتح مجالات للتفكير وتوجيه توصياتهم حول الإشكالات المطروحة، دعا السيد بن عيسى إلى إرساء شراكة بين المتعاملين والمؤسسات ومنظمات القطاع في دول منطقة الحوار الاورومتوسطي 5+5 وذلك من اجل الإسهام في تدارك التأخر المسجل في بعض المناطق وإرساء تنمية اقتصادية وريفية مستديمة. من جهته أبرز السيد محمد إسماعيل مدير قسم الأمن الغذائي في مؤسسة اتحاد المغرب العربي رغبة دول المنطقة المغاربية كلها في تطوير قدراتها في مجال تحقيق الأمن الغذائي، مشيرا إلى أن القطاع الفلاحي الذي يعتبر احد أهم الركائز التي يقوم عليها التعاون بين دول الاتحاد، لا سيما وانه يشكل 12 بالمائة من الناتج الداخلي الخام لهذه الدول ويضمن الغذاء لنحو 85 مليون نسمة، يحظى باهتمام خاص من قبل قادة الدول المغاربية. وذكر المتحدث بالمناسبة بالخطة المغاربية التي تم وضعها في 2008 والممتدة على آفاق 2030 للنهوض بالقطاع الفلاحي وتحقيق التنمية المستدامة ومكافحة التصحر وتنمية المبادلات بين دول المنطقة، مشيرا إلى أن هذه الخطة التي انبثق عنها البرنامج التنفيذي المغاربي الممتد بين 2010 و2020 والذي يضم مخططي مكافحة التصحر والمحافظة على الموارد الطبيعية، بإمكانها أن تشكل أرضية عمل للتعاون الأورومتوسطي، ولا سيما في جوانبها العلمية والتقنية. وأشارت السفيرة الأوروبية رئيسة المفوضية الأوروبية بالجزائر السيدة لورا بايزا في مداخلتها إلى الاهتمام الخاص الذي يوليه الاتحاد الأوروبي لمسألة الأمن الغذائي، بدليل تخصيصه مبلغ 925 مليون أورو خلال الفترة الممتدة بين 2007 و,2010 وذلك خارج ما يتم تخصيصه في إطار المساعدات الإنسانية. وأبرزت المتحدثة بالمناسبة أهمية التعاون القائم بين الاتحاد الأوروبي والجزائر منذ سنة 2007 في المجال الفلاحي، ولا سيما من خلال دعم المخطط الوطني للدعم الفلاحي والريفي الهادف إلى تأمين الغذاء بشكل مستديم والذي خصص له الاتحاد 11 مليون أورو. وأشارت السيدة بايزة إلى أن هذا المخطط يرمي بالأساس إلى إعادة إنعاش المناطق الريفية وضمان استقرار السكان والحد من ظاهرة النزوح الريفي، مسجلة في الأخير بأن مشكل الأمن الغذائي في دول جنوب حوض المتوسط خلال السنوات ال10 الأخيرة مرتبط أساسا بظاهرة النمو الديمغرافي ونقص الإنتاج الغذائي، وذكرت كمثال على ذلك تضاعف حاجيات الجزائر من الحبوب بخمس مرات منذ سنة ,1960 فيما تضاعفت وارداتها من الحبوب ب21 مرة، مقابل 20 مرة في المغرب و13 مرة في تونس. للإشارة فقد حضر افتتاح ملتقى مجموعة الحوار 5+5 حول الأمن الغذائي كل من وزير الموارد المائية السيد عبد المالك سلال والوزيرة المنتدبة المكلفة بالبحث العلمي السيدة سعاد بن جاب الله، فيما تواصلت أشغال اللقاء بعرض الخبرات الوطنية للبلدان العشرة الاعضاء في فضاء الحوار الاورومتوسطي في مجال الأمن الغذائي، مع مناقشة موضوع الأزمات الغذائية وانعكاساتها على أسعار المواد الأولية وارتفاع الاستثمارات الفلاحية والتسيير العقلاني للموارد الطبيعية، وذلك سعيا من خبراء المجموعة للخروج بتوصيات تسمح بإعداد استراتيجية مشتركة لدول حوار 5+5 من أجل تأمين أفضل للغذاء في المنطقة.