يبدو أن نهاية أزمة سكان بلدية باب الوادي مع مصنع التبغ والكبريت والروائح المنبعثة منها لن تكون غدا بعد أن أوصدت جميع الأبواب في وجوههم، حيث قلل أصحاب هذه الوحدات من مخاوف السكان مؤكدين أن مصانعهم لا تشكل أي خطر صحي على السكان المجاورين بتأكيد دراسة المطابقة التي قامت بها مديرية البيئة حول نشاط مصانع التبغ والكبريت وتأثيرها على المحيط والسكان، حسب مسيّري المصانع الذين سقطت ادعاءاتهم بتأكيد مديرية البيئة على ضرورة تحويل الوحدات خارج المجمعات السكانية· وقد سمحت لنا الجولة التي قادتنا إلى قلب بلدية باب الوادي بالاطلاع على الظروف التي يعيشها سكان باب الوادي وبالخصوص العائلات المقيمة بشارع محمود فاضل، حيث تتواجد وحدة بوديسة لإنتاج التبغ والكبريت والتي تعد الأكبر إنتاجا من مجمل الوحدات الأربعة المنتشرة بأقليم البلدية· وبمجرد دخولنا إقليم بلدية باب الوادي قادمين من حي سيدي عبد الرحمان بالقصبة السفلى حتى بدأنا نشم رائحة التبغ التي انتشرت بالمكان وصارت تزكم الأنوف، وهي الرائحة التي ازدادت حدة لدى دخولنا حي محمود فاضل حيث تتواجد وحده بوديسة والذي يكاد المار خلاله أن يختنق جراء الرائحة المنبعثة من الوحدة، بالإضافة إلى الدخان الذي تقذفه عبر مدخنات صغيرة المنتشرة أعلى المصنع وبين أسطح وشرفات العمارات المجاورة· ولشدة الرائحة لم نلمح أي نافذة مفتوحة بكامل الحي، وهو ما فسره لنا أحد السكان بقوة الرائحة التي تقتحم البيوت وتسكن الأفرشة والجدران قائلا: "حتى وأنت تخرج من منزلك، رائحة الدخان تفوح منك ولو لم تكن من المدخنين وحتى لو وضعت تشكيلة من العطور"· وحسب شهادات وتصريحات السكان فإنه لا يتسنى للعائلات وأرباب البيوت فتح النوافذ سوى لفترة جد محدودة خلال الصبيحة قبل أن تشرع الوحدة في العمل في حدود الساعة التاسعة صباحا لتحرم البيوت من أشعة الشمس ونسمات الهواء النقي· وقد بدت على محيا سكان الحي علامات اليأس بعد أن طرقوا جميع الأبواب في غياب لجنة الحي التي تتكفل بانشغالاتهم وشكاويهم وترفعها إلى الجهات الوصية، وفي ظل الغليان الذي لمسناه لدى السكان بالحي والمنطقة ككل توجهنا إلى الوحدة حيث طلبنا مقابلة مديرها الذي رفض استقبالنا رغم إلحاحنا الشديد، حيث بقينا ننتظر ونلح على طلبنا لأزيد من 45 دقيقة ليكتفي في الأخير بإيفاد المكلف بالأمن على مستوى الوحدة الذي تساءل عن سر احتجاج سكان الحي وتذمرهم، بما أنهم مستفيدون من تواجد الوحدة بالحي- يضيف رئيس الأمن الذي أكد أن جل العاملين بالوحدة يقطنون بالحي، ثم إن الرائحة المنبعثة لا تضر ولا تؤثر على صحة المواطنين بدليل دراسة المطابقة التي أجرتها مديرية البيئة والتي نفت إفراز الوحدة لأي تسممات أو روائح مضرة بصحة المواطن· ولشدة استصغار المشكل شبه محدثنا الروائح والدخان المنبعث من الوحدة بدخان المقاهي أو مصنع للغراء، مضيفا أن هناك من الناس من يحب الرائحة المنبعثة من المصنع تماما كمن يحب رائحة الغراء أو رائحة القهوة···؟ ولاستكمال الموضوع اتصلنا بمدير البيئة لولاية الجزائر السيد مسعود تيباني الذي كشف لنا بخصوص وحدات التبغ والكبريت لباب الوادي أنه بالفعل تم إجراء دراسة مطابقة أثبتت أن المصنع مضر بمحيطه الأمر الذي يستدعي تحويله إلى خارج النسيج العمراني كونه في موقع لايتماشى والنسيج الحضري للبناءات والسكان وغير مطابقة لمعايير المدن والمجمعات السكانية· وحسب السيد مسعود تيباني فإن وزارة المساهمة ستتكفل بتحويل الوحدات في أوانها لأن الأمر يستدعي دراسة جدية لنقل نشاط وحدات التبغ والكبريت التي كانت قد شرعت في نشاطها منذ أزيد من 30 سنة· وأكد محدثنا أنه تم إشعار مصانع التبغ والكبريت بباب الوادي مرارا بضرورة احترام المقاييس البيئية من خلال عدم نفث سمومها خارج الوحدة عبر مداخنها، وذلك بوضع مصفاة واتخاذ تدابير خاصة، مضيفا أن السلطات لاتريد غلق الوحدات لأسباب اقتصادية واجتماعية غير أنها ستضطر لذلك في حال عدم احترام هذه الوحدات لمقاييس وشروط حماية البيئة والمحيط وصحة المواطن·