ستجدون في خدمتكم أذانا صاغية، وفريق عمل من أطباء، أخصائيين نفسانيين ومربين، للاستماع إلى مشاكلكم ومساعدتكم على تجاوزها ...، هي العبارة التي أصبحت تتكرر على مسامعنا في كل مرة نقوم فيها بتغطية نشاط ما يدور حول مكافحة الآفات الاجتماعية، حيث نجد القائمين على النشاط يعملون وفقا لهذه الثلاثية وهي؛ الطبيب، الأخصائي النفساني والإمام، لتخليص المدمن من الآفة الاجتماعية التي يعاني منها، وفقا لواحدة من هذه الطرق. أرجع المشرفون على تنظيم اليوم التحسيسي لمكافحة الآفات الاجتماعية، الذي انعقد بالحديقة العمومية لبلدية براقي مؤخرا، تفشي مختلف الآفات الاجتماعية وسط الشباب إلى المشاكل التي تعانيها الأسر، ولمواجهة الظاهرة، تم التكثيف من الخرجات الميدانية لخلايا الإصغاء والنشاط الوقائي التابعة لمختلف الدوائر الإدارية، التي سخرت كل إمكانياتها المادية والبشرية للحد من الظاهرة، من خلال تفعيل عمل الأخصائي النفساني، الطبيب وحتى الإمام، على اعتبار أن بعض المناطق التي لا تزال تعيش نوعا من العصبية القبلية، تجعل عملية التواصل صعبة ومعقدة. وحول أهمية دور الطبيب في إنجاح العمل التحسيسي لمحاربة الآفات الاجتماعية، تحدثت ''المساء'' إلى لطفي قويسم، طبيب عام بالمديرية العامة للأمن الوطني تابع لأمن دائرة زرالدة، حيث قال: ''لا يمكن الاستغناء مطلقا عن دور الطبيب في مثل هذه الحملات التحسيسية، على اعتبار أن هذا الأخير هو أدرى الناس بالإنعكاسات السلبية الناجمة عن تناول أو تعاطي المخدرات أو شرب الكحول، وما إلى ذلك من المواد السامة التي شاع تناولها في أوساط الشباب. وأضاف قائلا: ''نحاول من خلال احتكاكنا بالشباب الذين يقصدوننا عند القيام بالخرجات الميدانية، أن نقدم لهم ما أمكن من التوجيهات والنصائح اللازمة، عن طريق الكشف عن الأمراض المستعصية التي يلتقطونها جراء تناولهم لهذه المواد السامة، ونحرص في ذات الوقت على متابعتهم ومرافقتهم بتوجيههم إلى المراكز الضرورية للعلاج، على غرار مركز الأنيس بباب الوادي الذي شُفيت عن طريقه الكثيرمن الحالات، وعملت معنا فيما بعد كمحفز للشباب الذي يطلب العون. وحول أهمية العمل الميداني، جاء على لسان محدثنا أنه ليس هناك أحسن من هذه الخرجات الميدانية التي قربتنا من المجتمع الجزائري أكثر وجعلتنا نعيش همومه، نتقاسم مشاكله ونساهم في توعيته وتوجيهه، بالاعتماد على أسلوب لين يقوده إلى الاقتناع بضرورة العلاج، لاسيما وأننا لمسنا إرادة ورغبة كبيرة لدى الشباب في الخروج مما يعانوه من مشاكل تجر بهم نحو التدخين وتعاطي المخدرات، غير أن ما ينبغي أن يؤمن به الشاب المدمن، أن إمكانية الشفاء ممكنة، يكفي فقط أن يتحلى المدمن بالإرادة. الأخصائي النفساني ضروري بالمؤسسات التربوية. محاربة الآفة الاجتماعية تبدأ من معالجة المشاكل النفسية، من أجل هذا أصبح دور الأخصائي النفساني ضروري في جميع الحملات التحسيسية، حيث قالت السيدة بن يحي، أخصائية نفسانية بالمديرية العامة للأمن الوطني، إن المجتمع الجزائري اليوم يعيش نوعا من الوعي بأهمية المرافق لتساعده على حل بعض مشاكله، حتى لا تؤدي به للوقوع ضحية لبعض الآفات الاجتماعية التي تأكد لنا من خلال خرجاتنا الميدانية، أن مصدرها المشاكل العائلية''. وأضافت: ''احتكاكنا بمختلف الشرائح العمرية التي تعاني من الآفات، عند القيام بالحملات التحسيسية، جعلنا نقف عند نقطة مفادها أن من يطلب منا النصيحة والتوجيه، ليس فقط من الفئات المدمنة، وإنما الأولياء أيضا الذين يغتنمون الفرصة لطرح المشاكل التي يعانوها في تربية أبنائهم، علاوة على المشاكل الخاصة بالخلافات الزوجية، وصعوبة التعامل مع الأطفال في مرحلة المراهقة، ومن خلال بحثنا كأخصائيين نفسانيين، تبين لنا أن الآفات الاجتماعية التي يعاني منها الشباب اليوم، مرجعها الاضطرابات النفسية التي عانوا منها خلال مرحلة المراهقة، ولعل أحسن مثال على ذلك، تضيف، ''الشاب الذي قصدنا مؤخرا وكان مدمنا على المخدرات، حيث أخضعناه للعلاج النفسي، وتبين لنا أنه رغب في أن يلفت انتباه أوليائه إليه بتعاطي المخدرات في مرحلة المراهقة، حين كان في أمس الحاجة إلى من يفهمه، من أجل هذا، أناشد كأخصائية نفسانية، أن يتم إدراج الأخصائيين النفسانيين العياديين بالمؤسسات التربوية، خاصة في المتوسطات، لحمايتهم من الوقوع ضحية لبعض الآفات الاجتماعية، وتحديدا الإدمان على المخدرات. وعن طريقة عمل الأخصائي النفساني، أوضحت محدثتنا، أن دور الأخصائي النفساني يتمحور في محاولة إنقاذ ما أمكن أنقاذه في شخصية وسلوك الفرد، بالاعتماد على عدة أساليب منها؛ تغير التصورات السلبية التي تتكون لدى الشباب في مرحلة المراهقة، والتي كثيرا ما تكون السبب وراء اقترافهم لبعض الأفعال، إلى جانب العمل على تغيير التصورات نحو المجتمع، ونحو المحيط الذي يعيشون فيه، إذ نستعين بالمراكز التي تلعب دورا كبيرا في إعادة تقويم سلوك الأفراد، فمثلا نوجه الأفراد المدمنين إلى مركز الأنيس، حيث يتلقون العناية اللازمة، بينما نوجه من يعانون من مشاكل عائلية عويصة إلى خلايا الإصغاء المتواجدة بدوائرهم الأمنية. ولتكتمل الثلاثية المطلوبة في محاربة الآفات الاجتماعية، تحدث ل''المساء'' فاروق بوقاقة، رئيس خلية الإصغاء والنشاط الوقائي لأمن المقاطعة الإدارية لبلدية براقي، عن دور الإمام الضروري خاصة في بعض الأحياء الشعبية التي لا تزال العصبية القبلية تحكمها، حيث قال: ''وقفنا على بعض الصعوبات في عملية التواصل ببعض الأحياء الشعبية، عند الحديث على بعض المشاكل التي لا تزال تمثل طابوهات بالنسبة لبعض الأسر، وللحد من التوتر الذي قد ينشأ، نستعين بالإمام الذي يعتمد على الوعظ والإرشاد الديني ليمتص الغضب ويسهل علينا العمل، وبالتالي، بتنا لا نستغني عن الأئمة في خرجاتنا التحسيسية، خاصة وأن الشعب الجزائري عندما يتعلق بالدين، يستجيب سريعا.