**نعمل على تقوية إرادة المدمن وإظهار رغبته بالشفاء وبناء سلوك بديل ** هدفنا مساعدته على تطوير مهارته وتعديل سلوكه لتحقيق التوافق مع ذاته والحياة والبيئة الجديدة يظل الانفلات من قبضة الإدمان وبناء حياة جديدة والتصالح مع الذات من الرغبات الملحة لدى من سقطوا ضحية المخدرات وتعَكّر صَفوُ حياتهم وحياة المحيطين بهم بسببها. وتمثل مؤسسات العلاج والتحسيس والتشخيص والوقاية من الإدمان وإعادة الإدماج الاجتماعي, للأشخاص المدمنين, قارب النجاة من دوامة تدمير الذات ووسيلة للانبعاث من قلب الدمار وبالتالي الاندماج في الحياة بروح جديدة. ويمر مسلسل علاج المدمنين عبر مراحل مختلفة تبدأ بعملية التخلص من السموم لتنتهي إلى إعادة التأهيل مرورا بفترة النقاهة والوقاية من الانتكاسات.ويعدّ مركز الوسيط لعلاج المدمنين على المخدرات بفوكة ولاية تيبازة واحد من بين 53 مركزا مبرمجا على المستوى الوطني ،والذي خصّ مديره الدكتور محمد حماني جريدة الحياة العربية بهذا الحوار التالي: الحياة العربية :أولا : متى أنشأ هذا المركز وكيف كانت بداية عملكم ؟ مدير المركز : أنشئ المركز ضمن البرنامج الوطني لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة سنة 2004، وفتح أبوابه مؤخرا ، حيث بدأ العمل في فيفري 2011. و يهدف أساسا إلى علاج حالات الإدمان على المخدرات والكحول, و يشمل جميع شرائح المجتمع،يفتح أبوابه لكل شخص أراد الحصول على معلومات أو استفسار عن ظاهرة المخدرات وإدمانها وفي حالة ما إذا كان الشخص مدمنا وله الرغبة في العلاج وذلك بمحض إرادته فإنّ المركز يتكفل بمتابعة حالته، وكان عمل المركز في البداية منحصرا على الإشهار والتدخلات التوعوية والتحسيسية في الثانويات، ومراكز التكوين المهني ، وبعدها شهد تطورا على جميع الأصعدة. : من هم القائمون عليه؟ يقوم على المركز 08 متخصصين في شتى المجالات هناك طبيبين عموميين ، طبيبين نفسانيين ، طبيبة اجتماعية و مستشارة قانونية ، طبيبة نفسانية متخصصة في الوقاية التربوية ومسؤولة عن الاتصال والعلاقات الخارجية . كم عدد المنخرطين بالمركز ؟ ** أحصى المركز شهر جوان إلتحاق 57 شخصا مدمنا، ليرتفع عددهم إلى 94 شخص في الشهر الحالي. كيف يمكنكم أن تعرفوا ظاهرة الإدمان على المخدرات ؟ ظاهرة انتشار المخدرات والإدمان عليها من الظواهر الأكثر تعقيدا والأكثر خطورة على الإنسان والمجتمع، بأبعادها وأضرارها الجسيمة على النواحي الصحية والاقتصادية والأمنية، وكذلك النفسية، والاجتماعية، والدينية، وتعتبر هذه الظاهرة إحدى مشكلات العصر،لقد أصبح الإدمان خطرا داهما يهدد المجتمع البشري كله شرقه وغربه، شماله وجنوبه، بدوله المتقدمة والنامية على السواء. ،في السنوات القليلة الماضية، كانت إساءة استعمال العقاقير والمخدرات ترتبط بفئات الأقلية من شرائح الدخل الدنيا، أما الآن فهي موجودة ضمن كل الطبقات الاقتصادية والاجتماعية، وهذه ضريبة المجتمعات الحرة المتقدمة، ويزداد تورط المجموعات الأصغر سنا، بل إن أكثر ضحايا الإدمان من الشباب، وهم في قمة نشاطهم وعنفوانهم وقدراتهم، وإن هذه القوة إذا ما انزلقت في مزالق الخطورة، تنتج عن هذا الانزلاق آثارا وأضرارا خطيرة على صحة الفرد والمجتمع، وتنعكس على اقتصاد الوطن جراء فقدانه عنصرا فاعلا وهم الشباب. ماهي أبرز الأسباب التي تؤدي إلى الإدمان في رأيكم؟ إن معظم المتخصصين في مجال معالجة الإدمان اتفقوا على أنه لا يوجد سبب واحد يدفع نحو الإدمان، إذ يتفقون على عوامل متعددة؛ منها عوامل وراثية مرتبطة بالمدمن، وعوامل بيئية وذاتية، وعوامل مرتبطة بالمادة المخدرة. وأعتبر أن العوامل الاقتصادية الاجتماعية تدخل ضمن العوامل المساهمة، فيما تتداخل وتتفاعل مؤسسات المجتمع المدني الأسرية والتربوية والنفسية والثقافية والحضارية لتشكل معالجة السلوك الإدماني. ما هي كيفية العلاج؟ يمرّ العلاج بخطوات متعدّدة تبدأ بفحص المدمن من قبل أطباء متخصصين حيث يقومون بتشخيص حالته بعد القيام بتحليل الدم والأشعة الصدرية ومخطط القلب لتقدم له وصفة طبية حسب حالته، ثم يقوم الأخصائيين النفسانيين بالإصغاء إلى المشاكل النفسية للمدمن حيث تعمل على خلق نوع من الاستقلال النفسي لديه، وبعدها يعطى له بطاقة خاصة بالمواعيد للمتابعة على حسب حالته، وبعدها يأتي دور الأخصائيين الاجتماعيين الذين يعملون على إعادة التأهيل والإدماج الاجتماعي، إذ تتمثل في إعادة بناء علاقات اجتماعية تساعده على بناء حياته من جديد من حيث إكمال مشواره الدراسي أو المهني ، كما أن للأخصائيين القانونيين دور هام في هذه العملية المشتركة بين جميع المجالات حيث يقومون بتسهيل المعاملات الإدارية وحل المشاكل القانونية للمدمن وكذلك تعريف المدمن بحدود القانون في حيازة والمتاجرة وإستهلاك المخدرات أو أي مؤثرات عقلية أخرى بشرح القانون 18-04, إضافة إلى ذلك يتوفر المركز على مرافق للتسلية كقاعة للإعلام والإنترنيت ،إلى جانب فضاءات أخرى للتسلية في القريب العاجل،وكل هذا في إطار إعادة التأهيل الإجتماعي للمدمن. هل هناك حالات شفيت؟ ** أشار المختصون النفسانيون والاجتماعيون, وكذا المختصون القانونيون أن هناك حالات عرفت استقرارا وتحسنا ملحوظا بنسبة 60% ، وهناك حالات شفيت تماما و عادوا إلى حياتهم الطبيعية, و أشغالهم اليومية. ومن بين أهم هذه الحالات شاب يبلغ من العمر 30 سنة ، شفي نهائيا من الإدمان على المخدرات وعاد لمزاولة نشاطه بصفة جدّ عادية,وشابة أخرى نجحت في التخلّص من المخدرات إذ لم تكن تؤمن بأنه يمكن أن يأتي يوم ستتوقف عن تعاطي السموم وتندمج مرة أخرى في المجتمع، حيث كان ذلك مجرد حلم بالنسبة لها, لكنها بفضل المركز والعاملين به وإرادتها اجتازت مرحلة العلاج بنجاح. وهناك آخر كانت حياته ضائعة بسبب الإدمان على المخدرات ،كان يشعر وكأنّه في متاهة يدبّ فيها الخوف و الفزع, كأنه رهينة بين أنياب أسد و دمّر حياته بيده, الأمر الذي دفعه إلى الالتحاق بالمركز, أين لقي علاجا تحت أيدي أطباء مختصين.و بعد نجاحه في العلاج, شعر بالأمل ووجد أبوابا مفتوحة في حياته, فبدأ العمل, و عاد إلى حياته الطبيعية. ماذا عن رد فعل الأولياء؟ جاءتنا والدة شاب يبلغ من العمر17سنة, و هو مدمن على المخدرات وقالت أن الخطأ خطأها فابنها طلب منها الذهاب إلى الطبيب منذ حوالي سنة تقريبا, لأنه شعر بأنه ليس طبيعيا لكنها رفضت, و ظنّت أنّ هذا الشيء طبيعي و راجع إلى سن المراهقة, و بعد إلحاح ابنها على المعالجة أتت به إلى هنا.وقالت أخرى, أن عند سماعها بخبر إدمان ابنها, أصيبت بالإحباط لكن الأطباء ساهموا في تحسين وضع ابنها, ومساعدة الأمّ على إجتياز حالتها والتعايش مع هذا الأمر, لأنّ الأطباء النفسانيين يدرجون الأولياء في حصص نفسانية مع أبنائهم لتأهيلهم للمعالجة. هل هناك نشاطات توعوية وتحسيسية؟ نحن بصدد التحضير لعدّة حملات تحسيسية وإعلامية في المدراس, ستنطلق يوم 17 أكتوبر على أن تنتهي في نهاية السنة الجارية و هناك مشروع خاص بإنشاء خلايا استماع على مستوى المستشفيات يقوم بالإصغاء إلى المرضى ، ثم يرسلونهم إلى مركز المعالجة, إضافة إلى ذلك هناك مشروع إنشاء مؤسسات مصغرة للنشاطات اليدوية, حتى تتم المعالجة بالتشغيل. هذا وتبقى حسب ما يقوله الأخصائيون الوقاية خير من العلاج.