تشكل مسألة ضمان نزاهة العملية الانتخابية وتفادي حدوث التزوير خلال الاستحقاقات المقبلة الهاجس الأكبر للأحزاب السياسية والقوائم الحرة المشاركة في تشريعيات 10 ماي القادم وكذا الناخبين، ولذلك سعت السلطات العمومية إلى التأكيد على التطبيق الصارم للعقوبات في حق كل من تسول له نفسه المساس بمصداقية الاقتراع. ويراهن رؤساء الأحزاب السياسية في حملتهم الانتخابية التي دخلت أمس أسبوعها الثاني على أهمية الاستحقاق الانتخابي لإنجاح الإصلاحات السياسية التي دخلت فيها البلاد وبناء دولة عصرية وديمقراطية، ولذلك يركز معظمهم في خطابهم الموجه للمواطنين والمناضلين وخاصة الشباب منهم على دعوة الجميع للمساهمة الفعالة من اجل إنجاح هذا الاستحقاق التاريخي الذي يعتبر أول امتحان فعلي لقياس البرنامج الإصلاحي الهادف إلى تغيير الاوضاع، بداية من إنشاء برلمان مدعم بكفاءات وطنية واعية بقضايا الشعب وطموحاته. وسعت السلطات العمومية من جهتها إلى وضع عدد من الإجراءات الكفيلة بضمان المصداقية التامة لهذا الموعد الانتخابي الحاسم، من خلال استحداث اللجنة الوطنية للإشراف على الانتخابات التي أسندت إلى الجهاز القضائي وكذا تنصيب اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات التي تضم ممثلين عن كل الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات وتسهر من خلال لجانها الولائية والبلدية على مراقبة مختلف الجوانب التنظيمية المتعلقة بالانتخابات. كما شددت وزارة الداخلية من خلال قانون الانتخابات الجديد الإجراءات الردعية في حق أي طرف يمس بنزاهة الموعد الانتخابي، وذلك من خلال التنصيص على عقوبات صارمة تطبق ضد كل من يمس بمصداقية هذه الانتخابات، مؤكدة بأن الضمانات الإستثنائية التي تميز هذا الموعد السياسي الهام لا تترك أي مجال للتشكيك في نزاهة هذا الموعد الذي تسهر السلطات العليا في البلاد على إنجاحه. وفي إطار هذا الحرص جاء رد الداخلية على سلسلة من الانشغالات التي أثارتها اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات التشريعية، ومنها رفضها الاقتراح المتعلق بوضع ورقة واحدة لكل القوائم الانتخابية، ''التي من شأنها التسبب في التمييز بين الأحزاب فيما بينها وكذا بين الأحزاب والمترشحين الأحرار. وردت نفس الهيئة على مطلب وضع صورة رئيس الحزب على ورقة الاقتراع إلى جانب صورة متصدر القائمة بالإشارة إلى صعوبة تطبيقه، على اعتبار انه ''سيفضي إلى حدوث إشكال في حال ما إذا كان رئيس الحزب هو نفسه متصدر القائمة وكذا في حال التكتل الذي يضم أكثر من حزب واحد''. مع الإشارة في هذا الإطار إلى أن المترشحين الأحرار كانوا قد احتجوا على مطلب وضع صور رؤساء الأحزاب على أوراق التصويت. ومن أجل ضمان الإنصاف بين كل المترشحين كان رئيس الجمهورية قد شدد على وجوب التزام كل مسؤول أو عضو في الحكومة أو موظف سام أو إطار مسير في مؤسسة عمومية مترشح للانتخابات التشريعية بالامتناع عن استعمال وسائل الدولة اثناء حملته الانتخابية، محملا الهيئات الإدارية مسؤولية ضمان حياد أعوانها حيادا تاما.