تتواجد المرأة الجزائرية والعربية بقوّة في كان 2012 في جميع أقسام وفروع المهرجان من سوق الأفلام وقرية ''ريفييرا'' على مستوى أجنحة بلدانها، وأيضا في لجان التحكيم، بما يؤكّد إرادتها وإصرارها على اكتساح هذا المجال الذي كان إلى وقت غير بعيد حكرا على الرجال، ويتأكّد الحضور المكثّف للمرأة على مستوى جناح الجزائر في القرية الدولية للأفلام، حيث يلاحظ وجود مميّز لعدد من المبدعات العازمات، حسب ما صرحن به ل''و.أ.ج'' على المضي دون هوادة في تحقيق أحلامهن في السينما، في وقت أصبح فيه الإنتاج السينمائي رهين جرأة وحنكة المبدع في جلب اهتمام شركات الإنتاج والأجهزة الداعمة للمواهب الشابة. من بين هذه المبدعات، صوفيا جاما، المخرجة الجريئة التي غامرت في تجربتها الثانية في نوع الأشرطة القصيرة، بتقديم فيلم عن وضعية المرأة من خلال ''مايسة'' التي تتعرّض للاغتصاب في مصعد العمارة، لكن من خلال البطلة تقدّم المخرجة إشارات لكثير من مشاكل المجتمع، لا سيما وضعية المرأة التي ورغم كلّ ما حقّقته من تقدّم في جلّ المجالات، إلاّ أنّ استمرار بعض الذهنيات البالية يعمل على تقليص دورها وتواجدها خارج الفضاء الخاص (البيت). وقد حصل الفيلم على جائزتين في مهرجان كليرمون فرون (فرنسا)، مما شجّع صوفيا على مواصلة المشوار بكثير من الثقة، ورغم صعوبة مهنة السينما، إلاّ أنّ المخرجة لا تكترث فهي تحبّ السينما، كما تقول، ومصرّة على تحقيق مشاريعها، وكانت صوفيا خلال تواجدها بكان لا تفوّت فرصة كما يتجلى من خلال تنقّلها دون ملل بين مختلف فضاءات المهرجان، عارضة أعمالها في الأركان الخاصة بذلك، كما تجدها سباقة للقاء محترفي الصناعة السينماتوغرافية في مسعى متواصل بحثا عن آفاق جديدة للعمل. نفس الحماس يحرك مخرجة أخرى سبقتها شهرة والدها الراحل عز الدين مدور إلى الميدان، إلاّ أنّها لم تكن يوما معتمدة على اسمه، انطلاقا من قناعتها بأنّ أحلى طعم للنجاح هو الذي يصنعه صاحبه، كما صرحت أثناء تواجدها بالجناح الجزائري، وتقول منية وهي تعود بشريط الذكريات إلى 16 ماي 2000 يوم رحيل والدها في أوجّ عطائه '' لقد وجدت نفسي مسؤولة عن أعمال والدي فأخذت على عاتقي تلك المهمة وأنا لم أتجاوز ال20 سنة''، من هذا الباب وجدت منية نفسها تغوص في عالم سحري وجذاب، وبدأت تداعب الكاميرا في أوّل المشوار بأشرطة عن الطلبة في جامعات المهجر، وفي 2009 قدمت أوّل شريط وثائقي بعنوان ''الطبخ في المغرب''، يتناول حياة عاملات في البيوت ''الدادات'' كما يسميها البعض والماهرات في الطبخ الذي يتوارثنه ابنة عن أم. وتكشف منية من خلال الشريط، الكثير من أسرار المرأة في المنطقة. وقد تمكّنت المبدعة بفضل شريط ''السينما الجزائرية.. حياة جديدة''، الذي أنتجته عن الجيل الجديد من السينمائيين الجزائريين، أن تعرف باسمها في المحافل السينمائية، خاصة بعد المشاركة الموفقة للشريط في المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بخريبكة المغربية، حيث فاز بجائزة النقّاد، وانتقلت بعد ذلك إلى الفيلم الروائي، حيث وقّعت أوّل تجربة لها بفيلم من إنتاج فرنسي بعنوان ''ادويج''. وتبقى مشاريع كثيرة في جعبة منية التي أتت إلى ''كان'' في إطار جناح الجزائر للبحث عن آفاق وفرص أخرى لتجسيد تلك المشاريع، وقالت بهذا الشأن ''وجود جناح جزائري بكان يعطي فضاء لالتقاء السينمائيين والمنتجين من آفاق مختلفة''. وإلى جانب المبدعات الشابات، حضرت المهرجان المخرجة الموهوبة يمينة شويخ، أحد ألمع الوجوه السينمائية الجزائرية، التي جاءت حاملة معها سنوات من التجربة والخبرة في عالم السينما الذي دخلته في السبعينيات، وقد عملت يمينة لسنوات في مجال التركيب مع اكبر السينمائيين مثل راشدي وحمينا وأيضا زوجها محمد شويخ، ثم تحوّلت إلى الكتابة والإخراج بفيلم ''رشيدة'' الذي أظهرها كمخرجة محترفة.