أكد الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، السيد أحمد أويحيى، أول أمس، أن الانتخابات التشريعية للعاشر ماي الماضي كانت مرحلة حاسمة في الحياة السياسية للجزائر، كونها كانت مناسبة ''لشعبنا لتأكيد تمسكه باستقرار الجزائر ونظامها الديمقراطي والجمهوري'' لأنه ''لم ينس كل تلك الدماء التي أريقت والدموع التي ذرفت على مدى عشرية كاملة من المآسي''. وقال السيد أويحيى في تدخله، أول أمس، لدى افتتاح أشغال الدورة السادسة العادية للمجلس الوطني لحزبه بتعاضدية عمال البناء بزرالدة، إن الشعب الجزائري أفصح عن خياره لمواصلة وتعميق التقويم الوطني الذي يقوده الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، مضيفا أن هذا التقويم الوطني يعني السلم المستعاد ''ويعني بلدا بلا ديون، مثلما يعني تنمية منتعشة وديمقراطية معززة'' وأن ''تعميق هذا المسار سيكمن في كل الإصلاحات المعلنة والمنتظرة''. وأضاف -في هذا الصدد- أن الجزائر أثبتت للعالم أن نظامها الديمقراطي التعددي هو حقيقة تتحسن مرحلة لاخرى ''ولا أدل على ذلك من أن مواطنينا قد تمكنوا من التصويت في ظل شروط قانونية ومادية أقرب ما تكون إلى تلك الشروط المتوفرة لدى البلدان المتطورة''، مشيرا إلى أن الملاحظين الدوليين الذين جاؤوا بكثرة استطاعوا أن يشهدوا على أن الانتخابات في الجزائر تعتبر مسارا ديمقراطيا وشفافا بشكل كبير. وإذ أوضح أن الانتخابات التشريعية لل 10 ماي قد بينت الطابع الفعلي للإصلاحات السياسية التي أقرتها البلاد، أكد الأمين العام ل''الأرندي'' أن القانون المتعلق بترقية المرأة في المجالس المنتخبة قد حقق نتيجة جد مرضية، حيث رفع عدد النساء النواب إلى حوالي 150 إمرأة في المجلس الشعبي الوطني الجديد، مضيفا -في هذا السياق- أن المجلس الشعبي الوطني يتميز بحضور قوي للتشكيلات التي تدعم برنامج رئيس الجمهورية وإصلاحاته. وفي ذلك ما يوفر ضمانا أكيدا للحفاظ على الاستقرار السياسي للبلاد -يضيف السيد أويحيى- الذي أشار إلى مواصلة تنفيذ البرنامج الرئاسي بصفة منسجمة، مثلما سيكون ضمانا لدراسة هادئة وبناءة لمشروع مراجعة الدستور الذي أعلن عنه رئيس الدولة السنة الفارطة. ورغم إشارته إلى أن نسبة المشاركة في الاقتراع لم تكن في مستوى الآمال، إلا أنها بالنسبة للأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي لم تكن أيضا ''في مستوى آمال أولئك الذين كانوا يدعون إلى الامتناع عن التصويت''، قبل أن يضيف أن نسبة 43 بالمائة لاقتراع ال10 ماي لم تكن أدنى من النسب المتوسطة للتشريعيات السابقة. وفي السياق الحزبي، أوضح الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي أن الاقتراع الماضي كشف تعقد الانتخابات في المرحلة الجديدة من التعددية الديمقراطية في البلاد، لتميزها بالتنافس غير المسبوق، مما نتج عنه ''تفتت كبير للأصوات''. وأشار إلى أن التشريعيات الأخيرة ''بينت بعض الحالات التي تغلبت فيها روح الأنانية الفردية على وحدة الصف'' في التجمع الوطني الديمقراطي، حيث أثر ذلك سلبا على نتائج الحزب في هذا الاستحقاق. وفي هذا الصدد؛ قال السيد أويحيى أن حزبه تراجع في 15 ولاية وبقي قارا في 17 ولاية أخرى، غير أنه ''حسن وضعيته'' في 16 ولاية، أما على مستوى الجالية الوطنية في الخارج فذكر أن التجمع ظل ممثلا بنائب واحد كما في السابق. بالمقابل؛ أوضح أن حزبه ''سجل تطورا نوعيا لوجوده في المجلس الشعبي الوطني''، مستدلا في ذلك ب''تشبيب'' نوابه''، مشيرا إلى أن أزيد من نصفهم تقل أعمارهم عن 50 سنة منهم 25 أقل من 45 سنة، من بينهم 5 نواب يقل سنهم عن ال 40 سنة. ويتمثل التطور النوعي أيضا كما جاء في تدخل السيد أويحيى في ارتفاع مستوى التعليم بين النواب الجدد، حيث يحمل 64 منهم شهادة جامعية من بينهم 7 لهم درجة ماستر و9 دكتوراه، كما أشاد بوجود 23 امرأة ضمن نواب الحزب في الغرفة السفلى للبرلمان، أي بنسبة 33 بالمائة علما أن التجمع ظفر ب68 مقعدا في اقتراع ال 10 ماي الماضي. من جهة أخرى؛ دعا السيد أويحيى إطارات ومناضلي الحزب إلى التحضير للمشاركة في الانتخابات المحلية المقررة هذه السنة والتي قال إنها ''ستشكل تحديا أكثر تعقيدا بالنسبة لكل المتنافسين''. وأوضح -في هذا الصدد- أن عدد القوائم الانتخابية التي ستشارك في المحليات ستكون ''دون أي شك مرتفعة أكثر'' مما كانت عليه في تشريعيات ال 10 ماي، مذكرا أن سقف الإقصاء سيكون محددا بنسبة 7 بالمائة، علما أنه كان في التشريعيات بنسبة 5 بالمائة. كما أضاف أن ''تحديات كبيرة'' تنتظر الحزب يتعين التكفل بها في الميدان، مما يتطلب -كما قال- العمل في كنف ''الوحدة والانضباط''، داعيا -في هذا الصدد- معارضيه في الحزب إلى التعبير عن آرائهم داخل المؤسسات الشرعية للحزب ''شريطة أن يكون ذلك داخل الأطر الشرعية للحزب''. واعترف الأمين العام للتجمع ب''صعوبة مهمة'' تسيير الحزب، كما اعترف بوجود ''أشياء تحتاج إلى التصحيح والتقييم'' قبل أن يدعو الجميع إلى الوضع في الحسبان ''عشرات الآلاف من المناضلين وما تطالعهم الصحف يوميا'' من تراشق بين إطارات الحزب، كما دعا إلى الحرص على سمعة الحزب والكف عن التجريح في الأشخاص عبر وسائل الإعلام. للتذكير؛ كان عدد من مناضلي التجمع الوطني الديمقراطي، منهم عضو مؤسس وكذا الأمينة العامة للاتحاد الوطني للنساء الجزائريات، السيدة نورية حفصي، قد اجتمعوا -مؤخرا- وأصدروا بيانا ضمنوه ''عدم رضاهم'' على التسيير الحالي للحزب وقرروا إنشاء ما أسموه ''حركة الحفاظ على التجمع الوطني الديمقراطي''. وبعد تقديم السيد أويحيى لجدول أعمال الدورة الحالية للمجلس الوطني طالبه العضو بلقاسم ملاح بتغيير تشكيلة المكتب الوطني للحزب وفق المادة 50 من قانونه الأساسي الذي يقضي بتغيير التشكيلة كل سنة. أما العضوان بلقاسم بن حاصير ونورية حفصي فطالباه بإضافة قراءة بيان ''حركة الحفاظ على التجمع الوطني الديمقراطي'' إلى جدول أعمال الدورة، فرد السيد أويحيى بأن ذلك سيكون ضمن محور القضايا النظامية للحزب في جدول أعمال الدورة، ولم يرق ذلك للمتدخلين فعمت بعض الفوضى في القاعة. مناوشات بين مؤيدي الأمين العام ونورية حفصي وقد نشبت مناوشات عنيفة بين مؤيدي الأمين العام أحمد أويحيى ونورية حفصي عقب إلقاء السيد أويحيى لكلمته الافتتاحية، إذ وبمجرد الإعلان عن بدء الجلسات المغلقة، وخروج الصحفيين وزعت نورية حفصي على الصحافة بيانا غير موقع يدعو إلى عقد مؤتمر استثنائي عاجل للحزب قبل الانتخابات المحلية المقبلة من أجل انتخاب قيادة جديدة للحزب، تحت مبرر أن اجتماع أول أمس لم يكن شرعيا بسبب مشاركة 50 مناضلا ترشحوا -حسبها- في التشريعيات الماضية ضمن أحزاب أخرى. وقد هم أحد الأشخاص بدخول القاعة فمنعه مناضلون من الحزب وبدأ يردد كلمات معادية لقيادة الحزب فأبعد بالقوة عن المكان وبلغ الوضع حد تبادل اللكمات بين الجانبين لتفر حفصي ومؤيدوها إلى نادي التعاضدية، وحسب إطارات الحزب فإن هذا الشخص ليس مناضلا في التجمع بل مجرد متعاطف معه. يذكر أن أشغال المجلس اختتمت أمس واسفرت عن جملة من التوصيات وينتظر أن يعقد الأمين العام للتجمع صبيحة اليوم ندوة صحافية بمقر الحزب.