كشفت مجموعة من المعارضين لسياسة التسيير التي ينتهجها أحمد أويحيى الأمين العام لحزب التجمّع الوطني الديمقراطي أمس الأربعاء عن تكوينها لحركة تصحيحية داخل معسكر الحزب اختير لها اسم (حركة من أجل إنقاذ الحزب)، وذلك عقب اجتماع عقد يوم الثلاثاء الفارط وتمّ فيه إنشاء النواة الأساسية التي توكل إليها مهمّة تسيير الحركة، وهو ما قرأه البعض على أنها حمّى راحت تنتقل بين أحزابنا بدءا بالحزب العتيد الذي لم يخرج بحلّ واضح إلى حدّ الساعة· يبدو أن عدوى الحركات التصحيحية أخذت تتوسّع بشكل سريع في أوساط ما عرف بأحزاب السلطة التي كانت لها تجربة طويلة في الحكم وتسيير البلاد. فبعد حركة التقويميين التي لاتزال تسعى إلى الإطاحة ببلخادم الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني أعلنت مجموعة من المعارضين للسياسة التي تنتهجها قيادة حزب التجمّع الوطني الديمقراطي أمس الأربعاء عن تكوينها لحركة تصحيحية (من أجل إنقاذ الحزب) سعيا منها إلى تنحية أحمد أويحيى الأمين العام ل (الأرندي) عقب اجتماع عقده أوّل أمس الثلاثاء بعض القيادات السابقة للحزب أمثال نورية حفصي والطيّب بحاصير وأعضاء من مجلس الأمّة ككمال بلخير وعبد الملك شنيني، إلى جانب رئيس بلدية الجزائر الوسطى الطيّب زيتوني ورئيسة الجمعية الوطنية لضحايا الإرهاب زهرة فليسي وعضو المكتب الوطني بلخيري حميد· وقد كشف أعضاء حركة إنقاذ حزب التجمّع الوطني الديمقراطي أنه تمّ أوّل أمس الثلاثاء تنصيب النواة الرئيسية التي ستتولّى تسيير حركتهم التي تسعى إلى الإطاحة بالأمين العام للحزب وقيادته احتجاجا على سياسة التسيير التي ينتهجها من خلال تنظيم مؤتمر استثنائي لتعيين أمين عامّ جديد للحزب وتغيير القيادة الحالية بقيادة جديدة· نورية حفصي: "ننتظر الإقصاء من أويحيى" عبّرت نورية حفصي الأمينة العامّة للاتحاد الوطني للنّساء الجزائريات والقيادية السابقة في حزب التجمّع الوطني الديمقراطي في اتّصال لنا معها أمس الأربعاء عن استيائها من السياسة التي يتبنّاها الأمين العام أحمد أويحيى في تسيير الحزب، والتي تعتمد حسب حفصي على إقصاء الإطارات والمناضلين ووضع الحزب رهينة مجموعة من الأشخاص الذين لا تربطهم أيّ علاقة بال (الأرندي)، مشيرة إلى أنها أشرفت رفقة 47 عضوا مثّلوا منتخبين وأعضاء المكتب الوطني وأعضاء من مجلس الأمّة ومناضلين في الحزب على تشكيل خلية خاصّة لتأطير حركة إنقاذ حزب التجمّع الوطني الديمقراطي وأوضحت في ذات السياق أن حركتها هي حركة شاملة لا تسعى إلى تنحية الأمين العام فحسب، بل تهدف إلى إعادة بناء الحزب الذي أكّدت أنه عرف تراجعا خطيرا أظهرته نتائج الانتخابات التشريعية التي أجريت بتاريخ 10 ماي الجاري. حيث رأت القيادية السابقة في حزب التجمّع الوطني الديمقراطي أن الحزب لم يحقّق شيئا خلالها نظرا للفوز الكاسح لحزب جبهة التحرير الوطني، معبّرة عن استيائها من النتائج قائلة: (بالنّسبة إلينا عدد المقاعد المحصّل عليه لا شيء لم نحقّق حتى ثلث ما فاز به حزب جبهة التحرير الوطني). وحمّلت حفصي مسؤولية ذلك إلى قيادة التي أدّت إلى تراجع الحزب بعدما كان القوّة الأولى في الساحة السياسية، على حدّ قولها· وأكّدت الأمينة العامّة للاتحاد الوطني للنّساء الجزائريات أن حركة إنقاذ (الأرندي) تعمل من أجل تحقيق أهدافها وهي قادرة على تنحية الأمين العام لأن الأسماء في الحزب لا تنصبّ على أساس ثقلها أو ماضيها وإنما على أساس قدراتها وكفاءاتها وإمكانياتها، موضّحة أن المناضلين متساوون داخل الحزب ولا توجد أسماء ثقيلة وأخرى ضعيفة، أمّا عن العائق القانوني الذي يشترط تنظيم مؤتمر استثنائي لتنحية الأمين العام، والذي استحدثه أحمد أويحيى بعد الانقلاب الفاشل الذي عمل على تنحيته سنة 2002، والذي قد يسبّب نوعا من الضغط على الحركة التي يلزمها القانون بكسب تأييد ثلثي أعضاء المجلس الوطني من أجل عقد مؤتمر استثنائي أكّدت حفصي أن حركتها ستعمل جاهدة على جمع توقيعات ثلثي الأعضاء، أي ما يقارب 120 عضو، مضيفة أنه هناك عدّة طرق لتنحية الأمين العام دون الحاجة إلى مؤتمر استثنائي. واستبعدت حفصي في ذات السياق تكرّر سيناريو الانقلاب الفاشل الذي نظّم في 2002 من أجل تنحية الأمين العام، مؤكّدة أن أغلب المناضلين يقفون ضد قيادة الحزب ما سيسهّل عملية الحركة وطرحت في نفس الوقت إمكانية فشل الحركة، منتظرة أن يكون ردّ الأمين العام قويا باتّخاذ سلسلة من القرارات الإقصائية في حقّ المعارضين. من جهة أخرى أشارت المناضلة في حزب التجمّع الوطني الديمقراطي إلى إمكانية انسحابها في حال فشلت الحركة في تنحية أويحيى قائلة: (ما يتعامل به أويحيى دائما في مثل هذه المواقف هو الإقصاء وأنا لا يشرّفني أن أكون مع إنسان دكتاتوري ومنبوذ من كافّة الشعب)· وأشارت نورية حفصي في حديثها ل (أخبار اليوم) إلى أن حركتها تناضل من أجل مبادئ وقيم لا من أجل مصالح خاصّة كما يتّهمها البعض، موضّحة أنها تعرّضت للإقصاء منذ 2002 لكنها فضّلت مواصلة النّضال من أجل استرجاع الحزب وإعادة بنائه وكان آخر إجراء مجحف اتّخذ في حقّها حسب تصريحها هو حرمانها من الترشّح لانتخابات العاشر من ماي حين وضعت في المرتبة الثانية في قائمة ولاية سعيدة بعد المنسّق الولائي، ممّا دفعها إلى الانسحاب احتجاجا على وضع شخصية أقلّ كفاءة وشعبية منها على رأس قائمة الولاية. ودعت حفصي المكلّف بالإعلام في حزب التجمّع الوطني الديمقراطي ميلود شرفي الذي توعّدها بالردّ على حركتها في الدورة العادية للمجلس الوطني الذي ستعقد يومي 31 ماي و1 جوان إلى التزام حدوده قائلة: (تعلّم أن تتكلّم دون الاستعانة بورقة، ومن ثمّ يمكنك التحدّث عن أمور بعيدة عن صلاحياتك)·وللإشارة، فإن (أخبار اليوم) أجرت اتّصالا بالمكلّف بالإعلام في الحزب ميلود شرفي في محاولة للحصول على تصريح منه حول موقف الحزب من تشكّل هذه الحركة، إلا أنه رفض التعليق قائلا: (ليس لدينا أيّ تعليق على هذا الموضوع، لكننا سنردّ في المجلس يومي 31 ماي و1 جوان)· دبش: "الحركات التصحيحية شكّلت لمصالح خاصّة" في تعليقه على التوسّع الذي صرنا نلحظه للحركات التصحيحية داخل بعض الأحزاب، رأى إسماعيل دبش أستاذ العلوم السياسية بكلّية الإعلام والعلوم السياسية أن هذه الحركات التقويمية التي ظهرت في حزب جبهة التحرير الوطني ثمّ حزب التجمّع الوطني الديمقراطي هي مجرّد مجموعات تهدف إلى تحقيق مصالح خاصّة ارتبطت بقوائم الترشيح للانتخابات التشريعية التي لم تضمّ بعض الأفراد فراحوا يعبّرون عن استيائهم بتشكيل حركة تصحيحية تنادي بتغيير قيادة الحزب، أم أنهم لم يتمّ إدراجهم ضمن أعضاء المكتب السياسي، وهو ما حصل في معسكر (الأفلان) -حسب دبش-. وفي ذات السياق توقّع أستاذ العلوم السياسية استمرار قيادتي الحزبين وذلك للنتائج التي حقّقاها في الانتخابات الأخيرة ولعدم وجود أسباب موضوعية أو حزبية أدّت إلى تشكّل هذه الحركات التصحيحية، مضيفا أن هذه الحركات لن تؤثّر على مصير الأحزاب، خاصّة حزب التجمّع الوطني الديمقراطي الذي تساهم فيه القيادة بتقرير مصير الحزب أكثر من مناضليه·