يعتبر التدخين السبب الثاني للوفاة في العالم، بناء على تقرير منظمة الصحة العالمية التي كشفت عن وجود أكثر من مليار مدخن في العالم، 80 بالمائة منهم يعيشون بالدول ضعيفة الدخل، من أجل هذا، اعتبر المختصون في الجزائر أن الحملات التحسيسية لمكافحة التدخين، لم تعد تجدي بالنظر إلى الانفتاح الإعلامي والتطور التكنولوجي الذي يفرض البحث عن آليات عقابية جديدة تحد من هذه الآفة التي طالت الأطفال، انطلاقا من باب التقليد. وبخصوص المجتمع الجزائري الذي يعتبر من بين الدول التي عرف فيها التدخين انتشارا كبيرا مس الطبقة المثقفة وغير المثقفة، طرح البروفيسور سليم نافطي، رئيس مصلحة الأمراض الصدرية والسل بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا، عشية الاحتفال باليوم العالمي للتدخين، إشكالية حماية غير المدخنين الذين يصبحون معرضين للإصابة ببعض الأمراض الناجمة عن التبغ بمجرد استنشاقهم لدخان السجائر، حيث قال؛ ''هل يمكن لأي شخص أن يطلب من مدخن ألا يدخن أمامه، طبعا هذا غير ممكن، لأن المدخن سينهال عليه بالسب والشتم، ومن هنا نطرح إشكالية النص القانوني الذي على الرغم من أهميته في الحد من التدخين، غير أنه جاء مفرغا من محتواه، لأنه لم يركز على الجانب الصحي إلا في مواد قليلة، كما صيغ بأسلوب عام، مما زاد من إبهامه، وأضعف من الإلتزام بتطبيقه، إن لم نقل انعدم، وبالتالي لم يقدم لغير المدخن الحماية اللأزمة، وهو نفس الكلام الذي ينطبق على النص الخاص بمنع التدخين في الأماكن العمومية، ومن هنا نطرح التساؤل؛ ما هي الأماكن العمومية التي يحضر فيها التدخين؟ وإذا دققنا النظر، نجد أن أكثر الأماكن التي يحبذ المواطن الجزائري التدخين فيها، هي الأماكن العمومية، وبالتالي لا مجال مطلقا -يضيف المتحدث- للحديث عن قانون مفرغ من محتواه. الإشكالية التي ينبغي التطرق إليها اليوم ونحن نحصي -يقول البروفيسور نافطي- 40 شخصا يموتون يوميا، نتيجة الإصابة بسرطان الرئة، هو التوجه إلى أسلوب الردع، ففي اليمن مثلا، يعاقب كل مدخن بالسجن، والولايات المتحدةالأمريكية، تتجه اليوم إلى منع التدخين بالشوارع، بعد منعه بالملاهي الليلية، ومنه، كان على الجزائر أن تضع التوعية والتحسيس للمجتمع المدني، وأن تتفرغ الهيأة المعنية إلى تشريع عقوبات رادعة، تجعل المدخن معرضا للعقوبة أو الغرامة المالية، للحد على الأقل من عدد المدخنين، حتى لا تتسع الرقعة لفئة الأطفال الذين يميلون بدورهم إلى التقليد، ويجدون في المجتمع الجزائري القدوة، بدءا بالأب، المعلم، الطبيب، وصولا إلى الشرطي وغيرها من الأمثلة التي لا حصر لها. من هو المسؤول عن تنامي تعاطي التدخين؟ إشكالية أخرى طرحها البروفيسور نافطي، وأجاب عنها قائلا؛ ''من منا لا يعرف اليوم مخاطر التدخين، يكفي فقط أن يدخل شبكة الأنترنت لمعرفة كل الأمراض التي تنجم عن التدخين، لذا أعتقد أن المسؤول عن الانتشار الكبير لتعاطي هذا النوع من السموم، هو المجتمع في حد ذاته الذي يغيب لديه الحس الثقافي، يكفي فقط أن ننظر إلى طبيب مدخن، لنقتنع أن الأمر يتعلق بثقافة ووعي، ولعل أحسن مثال على ذلك، تقرير قام به فريق طبي كشف عن وجود 16 بالمائة من طلبة الطب، وهم أطباء المستقبل، طبعا، مدخنون فما الذي ننتظره من الغير. من جهتها، انتقدت الدكتورة يمينة حوحو، من جامعة الحقوق الترسانة القانونية، التي عالجت التدخين كآفة اجتماعية، حيث قالت؛ ''في غياب العقوبة والغرامة، يظل النص القانوني نصا مكملا، وبالتالي لا يحقق الهدف المنشود من صياغته، بدليل أن البحث الذي قمت به، كشف لي أنه لم يتم تطبيق أي عقوبة على التدخين من الناحية الواقعية، وأكثر من هذا، إن أراد غير المدخن أن يشتكي من شخص مدخن، فإنه لن يجد أي نص قانوني يعتمد عليه في شكواه، ومن ثم، أعتقد أن لا وجود لحماية قانونية لغير المدخن، الشيء الذي يجعلني أناشد السلطات المعنية بالتدخل لمراجعة النصوص القانونية وتحديدها بدقة، كان يشرح، مثلا، المقصود من الأماكن المغلقة مع تحديدها، وفرض تطبيق واحترام القوانين، مع إرفاقها بعقوبات زاجرة وغرامات مالية تعاقب المدخن وتحمي غير المدخن.