تواجه الجزائر ''توبيخا'' من قبل لجنة التدخين لمنظمة الصحة العالمية، بسبب عدم تقديمها للمرة الثانية على التوالي أي تقرير عن وضع التدخين بالجزائر، رغم إمضائها للاتفاقية الإطار الخاصة بمكافحة التدخين عام 2006، حيث بقيت البنود التي التزمت بتطبيقها مجرد حبر على ورق، بدليل عدم تطبيق منع التدخين في الأماكن العمومية، والتساهل في البيع العشوائي لعلب السجائر. بعيدا عن بهرجة الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة التدخين المصادف لتاريخ 31 ماي من كل سنة، والتي عادة ما تصاحبها حملات تحسيسية وأيام إعلامية تنظمها السلطات المعنية بالأمر لتمرير المناسبة لا غير، يختفي واقع آخر لآفة التدخين بالجزائر، يتمثل في المخلفات السلبية على صحة المدخن والمحيطين به. يأتي هذا في ظل عدم تطبيق عديد القوانين التي من شأنها الحد من ظاهرة التدخين بالجزائر، البالغ عددها نحو 30 مادة قانونية. فرغم وضوح تلك القوانين، على غرار القانون التنفيذي رقم 01 285 الصادر في 24 سبتمبر 2001 والمحدد للأماكن العمومية التي يمنع بها التدخين، إلا أنه تنعدم الصرامة في تطبيقها، ودليل ذلك انتشار التدخين على مستوى مختلف الأماكن العمومية دون أي رادع. وعن هذه المسألة، أكد لنا الدكتور مخناشة جمال، اختصاصي في الأمراض الصدرية، أنه يكفي أن نقصد بعض الأماكن العامة بالجزائر العاصمة أو غيرها من المدن الجزائرية، لنقف على مدى عدم الاحترام الكامل للقوانين المانعة للتدخين ''فالكل يدخن، بدءا من الشرطي الذي من المفروض أن يحث على احترام منع التدخين في الأماكن العمومية، إلى الطبيب الذي يعالج من تسبّب لهم التدخين في مضاعفات صحية''. إلى جانب كل هذا، فإن الجزائر لم تلتزم بعد ببنود الاتفاقية الإطار لمكافحة التدخين التي صادقت عليها سنة .2006 ففي الوقت الذي احترمت 194 دولة في العالم بنود ذات الاتفاقية، فإن الجزائر تجاهلتها، وهو ما سيعرّضها للتوبيخ الكتابي من قبل لجنة التدخين التابعة لمنظمة الصحة العالمية، على اعتبار أنها لم تلتزم بما هو منصوص عليه في الأساس، والمتمثل في تقديم تقرير كل ثلاث سنوات عن وضع التدخين بالجزائر، حيث غفلت عن إرسال تقرير 2009 وكل المؤشرات تؤكد بأنها لن ترسل تقريرها لسنة .2012 وسبب ذلك يعود إلى عدم وجود تحقيقات ''إيبدميولوجية'' عاكسة لوضعية التدخين بالجزائر، حسب ما أكده لنا البروفيسور نافتي سليم، رئيس الجمعية الجزائرية للأمراض الصدرية والسل. يحدث هذا في الوقت الذي تسجل الجزائر سنويا 15 ألف وفاة بسبب مضاعفات التدخين، أي ما يمثل 40 وفاة يوميا، وهو ما يعادل 3 مرات وفيات حوادث المرور التي تثير حاليا جدلا واسعا، في حين يبقى السكوت عن وفيات التدخين بارزا للعيان. ويبقى الحل، حسب البروفيسور نافتي، كامنا في تطبيق القوانين بعيدا عن حملات التحسيس التي تعوّد عليها الجزائري وبات مطلعا على المضاعفات الثانوية للتدخين، والمرور لسياسة الردع وسنّ العقوبات المالية لكل من يدخن في الأماكن العمومية ويضر بصحة الغير، تماما مثل التطبيق الصارم لقانون المرور وإرغام المواطن على دفع غرامات مالية معتبرة، وهو ما بات يخيفه ويدفعه للحذر الشديد من كل هفوة، والحرص على احترام قانون المرور بعدما بات جيبه هو المستهدف.
البروفيسور نافتي ل''الخبر'' 50 وحدة لمكافحة التدخين لم تر النور l أوضح البروفيسور سليم نافتي، رئيس مصلحة الأمراض التنفسية بمستشفى مصطفى باشا الجامعي، أن وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات أعلنت عن فتح 50 وحدة صحية مختصة في مكافحة التدخين على مستوى الوطن، لكن المشروع بقي مجرد كلام ولم ير النور لحد اليوم. في تقييمه لتجربة وحدة مكافحة التدخين التابعة لمصلحة الأمراض التنفسية لمستشفى مصطفى باشا الجامعي التي بادر الفريق الطبي لذات المصلحة بفتحها سنة 2003، أكد صاحب المبادرة، البروفيسور سليم نافتي، أن تجربة 7 سنوات من الممارسة أثبتت أن وحدة واحدة على مستوى الوطن لا يمكنها أن تفي بالمطلوب، خاصة أنها لم تتلق أي دعم كيفما كان نوعه من طرف وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات، بل إن المساعدات التي تلقاها والتي كانت عبارة عن مطويات ومناشير تشرح سلبيات التدخين وتأثيره الخطير على صحة الإنسان ''قدمتها لنا مخابر أجنبية متواجدة بالجزائر''. وأضاف المتحدث أنه بالرغم من إعلان وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات في سنة 2003 فتح 50 وحدة صحية لمكافحة التدخين عبر التراب الوطني، إلا أن ذلك لم يتجسد ''رغم أننا سعينا من أجل دعم ذات المشروع إلى تكوين 180 طبيب مختص في علم التدخين''، بمساعدة أساتذة وأطباء مختصين من فرنسا. وسيبلغ عددهم مع نهاية السنة الجارية 240 طبيب مختص ''لكن غياب سياسة فعلية وواضحة لمكافحة التدخين من شأنها أن تترك مشروع الوحدات 50 مجرد حبر على ورق''، يختم البروفيسور نافتي. ص. ب السوق لا تعرف أزمة تبغ خلافا للمواد الغذائية الجزائر تنتج مليارا و232 مليون علبة سجائر سنويا أفادت تقارير أعدّها خبراء في الاقتصاد، أن الجزائر تنتج ما لا يقل عن مليار و232 مليون علبة سجائر في السنة، من بينها 532 مليون علبة ممثلة للماركات العالمية، وهو ما يؤكد إغراق السوق بمختلف أنواع السجائر. وأضافت نفس المصادر أنه في الوقت الذي عرفت الجزائر في فترات معينة انقطاعا في التزود ببعض المواد الغذائية، مثل السكر والزيت التي سجلت منذ مدة، ناهيك عن الأزمات المتكرّرة لمختلف أنواع الأدوية، لم يتعرّض المستهلك ببلادنا إلى أزمة انقطاع التزويد بالسجائر أو حتى ندرتها، خاصة بعد اتفاقية الشراكة المبرمة بين الشركة الوطنية للتبغ والكبريت و''مجموعة المستثمرون العرب'' الإماراتية العام 2001 والتي سمحت بإنتاج ما يقدّر ب500 مليون علبة سجائر من الماركات العالمية سنويا، إلى جانب اتفاقية شراكة مع إنجلترا يتم بموجبها أيضا إنتاج 32 مليون علبة من السجائر الأجنبية، ناهيك عن 700 مليون علبة من السجائر ممثلة للإنتاج المحلي، علما أنه قبل عقد هذه الاتفاقيات، كانت نسبة استيراد الجزائر من السجائر تقدّر ب90 بالمائة. وبفعل إغراق السوق الجزائرية بمختلف أنواع السجائر وبأسعار متاحة، أكدت نتائج دراسة ميدانية شملت دول المغرب العربي ومن بينها الجزائر، وتطرقت لمسألة التدخين في إفريقيا والشرق الأوسط، أنجزتها الجمعية العالمية للبحوث والمعلومات حول الصحة، أن الجزائريين ينفقون يوميا 800 مليون سنتيم على اقتناء السجائر بمختلف أنواعها، فيما ينفق المغربي على التبغ ما يفوق إنفاقه على التعليم. تخصص لزراعتها محليا أكثر من 8000 هكتار ووارداتها في ارتفاع متواصل عائدات التبغ في الجزائر تتجاوز 7000 مليار سنتيم كشفت آخر التقارير المتخصصة أن صناعة التبغ في الجزائر تبقى من بين الصناعات المربحة، سواء من الناحية الجبائية أو الصناعية، وتتجاوز عائداتها 70 مليار دينار سنويا أو 7000 مليار سنتيم، ويستهلك أكثر من 5 ملايين جزائري على الأقل التبغ بمختلف أشكاله بصورة منتظمة، حسب تقديرات وزارة الصحة. ووفقا لتقديرات إحصائية، فإن المساحة المخصصة لإنتاج التبغ تجاوزت 8000 هكتار، وهي تضاف إلى كميات كبيرة يتم استيرادها، سواء كمادة نهائية أو نصف مصنعة أو مادة أولية. ورغم أن تبعات التبغ تكلّف الخزينة العمومية حوالي 280 مليار دينار، حسب تقديرات وزارة الصحة، فإن صناعة التبغ تجلب العديد من المستثمرين إلى غاية الآن، وينطبق هذا الأمر على الجزائر أيضا. ووفقا لتقديرات وزارة الصحة، فإن الأسر في الجزائر تخصص ما نسبته 10 بالمائة من نفقاتها لاستهلاك التبغ، مع الإشارة إلى أن 70 بالمائة من المدخنين لا يتجاوزون 40 سنة، وأن 10 بالمائة من المستهلكين للتبغ من النساء. ويظل التبغ من بين المنتجات التي تجني منها الدولة عائدات جبائية مرتفعة، وتقدّر نسبتها ب21 بالمائة من إجمالي العائدات الجبائية، وتراوحت عائدات الجباية أو الرسم على التبغ خلال السنوات الأربع الماضية ما بين 9 و12 مليار دينار. الجزائر: حفيظ صواليلي لم يعدن يدخنّ في الخفاء نساء يتحدّين نظرة المجتمع بإشعال سيجارة لم يعد التدخين لدى الجنس اللطيف ظاهرة جديدة في الجزائر، فلطالما حرصت هذه الفئة على إخفاء ولعها بالسيجارة بالتدخين في الخفاء، بعيدا عن عيون العائلة وحتى الأصدقاء المقرّبين، فاليوم تغيرت هذه الصورة بشكل كبير. الاختباء في الحمام، فتح النوافذ، ثم رش العطر للتخلص من رائحة دخان السيجارة، أصبحت موضة قديمة بالنسبة للكثير من الفتيات المدخنات، اللواتي تحدّين نظرة المجتمع التي تدينهن على خلاف الرجل المدخن، متجاهلات الأضرار الصحية على أجسادهن أكثر من نصفهن الثاني. فليس غريبا أن تصادف سيدة تنفث دخان سيجارتها وهي تقود سيارتها في زحمة المرور، غير آبهة بعيون الفضوليين، والأمر سيّان في المطاعم والجامعات وكذا مقرات العمل. لكن، إن كان أغلب المدخنين من الرجال عانقوا السيجارة في سنّ مبكرة، اقتداء بأصدقائهم أو أحد الأقارب لإثبات الرجولة، حسبهم، فالأمر مختلف بالنسبة لحواء، التي ترى في إشعال السيجارة تحدّيا وخطوة نحو التحضر. وهو ما حدث مع إسمهان، الطالبة الجامعية التي قصدت العاصمة من ولاية داخلية لدراسة الحقوق، وأشعلت سيجارتها الأولى بعد شهر فقط من ولوج الجامعة، فقط لتثبت لرفيقاتها أنها من مستواهن، وليتقبّلنها بينهن، فيما كان التدخين بالنسبة لأخريات رد فعل منهن على معاملة الأب، الأخ أو الصديق، فهو تحدّ فقط بالنسبة إليهن. /الجزائر: سلمى حراز