تبدو بلدية الحمدانية الجميلة، وهي بلدة صغيرة تقع شمال ولاية المدية، وفي المخرج الجنوبي لمنحدرات وادي الشفة، التي يعبرها الطريق الوطني رقم واحد، وكأنها تستقبل الحياة من جديد وتنظر إلى المستقبل بعين متفائلة، بعد جمود طويل فرضه الإرهاب. وقد عانت هذه المجموعة السكنية الصغيرة الأمرين، من ويلات المجموعات الإرهابية التي أحكمت قبضتها على المنطقة خلال التسعينيات الماضية، مما أثر سلبا على الوضع الأمني بها لسنوات عديدة، وحرم المنطقة من عائداتها السياحية التي كانت تعتبر مصدر عيش الكثيرين من سكان المنطقة. وبقيت، لوقت طويل، هذه البقعة الطبيعية الساحرة التي تشكل اليوم موعدا لهواة المشويات والتجوال. منطقة ساحرة تفرض رفع التحدي إن جمال هذه البلدة ذات الطبيعة الساحرة والهادئة، فرض رفع التحدي من أجل طي نهائيا تلك الصورة السلبية التي فرضتها العشرية السوداء على المنطقة. وأدرك الجميع ضرورة التخلص من الصفة السلبية التي لا صلة لها بجمال وبهاء ''الحمدانية'' ذات الجبال المخضرة المحيطة بها، والتي كثيرا ما يصفها الزوار ب''الجبال السويسرية''. ومع عودة الأمن، بدأ سكان المنطقة في رفع التحدي من أجل جعل منطقتهم تنبض بالحياة والجمال من جديد، وتكون أكثر استقطابا، وقرر أصحاب المطاعم المعروفة لدى كل من يسلك الطريق الوطني رقم واحد، العودة هم كذلك إلى نشاطهم. فسجل في هذا السياق، إنجاز عمليات للتهيئة، لا سيما على مستوى المحور التجاري المشكل للمحلات الصغيرة، وسمحت هذه الأشغال بتشكيل إطار ممتع للزبائن، مع توسيع طاقات استقبال تلك المطاعم الجميلة المحاطة بالاخضرار والسابحة، وسط هدوء ممتع. وتمثل العائلات 70 بالمائة من زوار هذه المطاعم، ومن أرباح المحلات، حسب ما صرح به أصحابها بعين المكان. إنجاز مطاعم ذات فضاءات أكثر اتساعا وبفضل هذه الجهود، برزت بالمنطقة ابتداء من ,2004 مطاعم ذات فضاءات أكثر اتساعا، متوفرة على شرفات في الهواء الطلق ومواقف للسيارات، اختير لها موقع جديد يميزه اخضرار الطبيعة الذي يدعو الإنسان إلى التأمل. وبدأ المكان شيئا فشيئا، يشد إليه المارين الذين لا يقوون على مقاومة الروائح الطيبة للحوم المشوية على الفحم. ولعبت هذه الروائح الشهية دورا كبيرا في استقطاب الزبائن، لاسيما منهم أصحاب السيارات المعتادين على سلك الطريق الوطني رقم (1)، الرابط بين مناطق شمال وجنوب البلاد. ويعمد غالبية المارة على تسجيل وقفة لتذوق مختلف أنواع المشويات. كما تقدم ذات المطاعم للأشخاص الذين هم على عجلة من أمرهم ''سندوتشات'' بالنقانق أو الكبد، يتناولونها وهم يواصلون طريقهم، أو خلال وقفة تأملية على بعد أمتار من هذه المطاعم. الغابات الكثيفة تزيد من جاذبية المكان وساهمت الغابة الكثيفة التي تعلو المكان وشلالات الجبال المتدفقة في وادي ''الشفة''، على زيادة جاذبية المكان بشكل كبير، خاصة لدى هواة السياحة البيئية. وساهم كل ذلك في جاذبية مطاعم ''الحمدانية'' التي أصبحت تستقطب يوميا أعدادا كبيرة من الزبائن؛ منهم إطارات، رجال أعمال، أزواج وعائلات صغيرة وكبيرة ممن يفضلون منطقة ''الحمدانية''، لهدوئها وطعم لحمها المشوي على الجمر. كما يتميز المكان بحركة كبيرة في المساء، حين تصطف عشرات السيارات بجوانب الطريق وتتدفق منها أعداد من الزبائن الذين يتسارعون لحجز طاولة بمطاعم المنطقة. نوع جديد من الزبائن وتبلغ هذه المطاعم ذروتها، خلال نهايات الأسبوع، حين يبقى العديد من الزبائن ينتظر حتى نصف ساعة في بعض الأحيان، للتمكن من الحصول على مكان، وبالتالي حجز طاولة. أما آخرون، فيفضلون الانتظار قليلا حتى يخلو المكان، ليستنى لهم التمتع بأمسية هادئة ومنعشة في فترات الصيف خاصة. وما فتئت ''الحمدانية ''هكذا ''تجمع النجوم'' الواحدة تلو الأخرى في مجال الإطعام، إذ لا يستبعد أحد من رواد المكان ''أن يسجل افتتاح مطاعم فاخرة بهذه المنطقة الجميلة.