أكد الوزير والسفير الأسبق السيد كمال بوشامة أن الوقت حان لانتقال الجزائر بخطى ثابتة إلى الشرعية الدستورية بما يضمن مبدأ الفصل بين الصلاحيات وفق ما يتلاءم مع مصالح الشعب. موضحا أن كل الشروط مواتية لتحقيق هذا الانتقال السياسي النوعي الذي يحتاج إلى إرادة سياسية جادة. وأكد السيد بوشامة في ندوة صحفية نشطها، أمس، بمركز "الشعب" للدراسات الاستراتيجية حول موضوع "الجزائر بعد 50 سنة، من الشرعية الثورية إلى الشرعية الدستورية" أهمية هذا الخيار السياسي الذي تقبل الجزائر على تجسيده تزامنا مع جملة التدابير والاجراءات السياسية الرامية إلى إحداث الاصلاح الشامل والعميق بمؤسسات الدولة. مضيفا أن جملة الاصلاحات التي أعلن عنها رئيس الجمهورية مؤخرا نلمس فيها رغبة أكيدة لتحقيق الانتقال السلس والصحيح إلى الشرعية الدستورية. وأوضح في السياق أن الانتخابات التشريعية للعاشر ماي المنصرم عزّزت هذا الخيار الذي تتطلع إليه القوى السياسية والحزبية باعتبارها خطوة مهمة في مسيرة ترسيخ الشرعية الدستورية التي تفتح الباب واسعا لدستورية القوانين وضمان أداء سياسي يكون في مستوى الاصلاحات السياسية المسطرة، مشددا على ضرورة التأقلم مع الأوضاع الجديدة الجارية في العالم وأخذها بعين الاعتبار في مسيرة تجسيد هذا التحول السياسي. وتطرق المتحدث باسهاب إلى الكرونولوجيا السياسية لنظام الحكم بالجزائر منذ الاستقلال سنة 1962 إلى غاية 2012، معتبرا أن هذه الفترة عرفت عملية إعادة بناء الدولة الجزائرية الديمقراطية الشعبية الاجتماعية ذات السيادة وفق مبادئ بيان أول نوفمبر 1954 الذي يعد الوثيقة السياسية للثورة المسلحة. وأضاف أن النظام السياسي في هذه المرحلة أخذ توجيهاته من مبادئ ثورة التحرير وهو ما عرف ب”الشرعية الثورية". وقال في هذا الشأن "أنه كان لزاما علينا اختيار هذا النظام لمسايرته للمستجدات الوطنية والدولية التي حصلت في تلك الفترة"، كما اعتبر أن الرسالة التي كان يراد إظهارها من انتهاج الشرعية الثورية هو محاولة اقناع الدول لاسيما الغربية بتمسك الجزائر بمبادئ الفكر الثوري المستمدة من بيان أول نوفمبر 1954. وعرّج السيد كمال بوشامة في معرض حديثه على مختلف المحطات السياسية التي عرفتها الجزائر منذ الاستقلال الى اليوم بدءا بالمجلس التأسيسي في 20 سبتمبر 1962 برئاسة فرحات عباس إلى ميلاد الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية يوم 25 سبتمبر 1962، مستعرضا فترات حكم الرؤساء الذين تعاقبوا على الرئاسة لينتهي بفترة العشرية السوداء وما صاحبها من ركود سياسي واقتصادي شامل. وأضاف في الأخير، أنه لابد من توحيد جهود كافة المعنيين لتجسيد الانتقال السلمي والسلس من الشرعية الثورية التي ميّزت الجزائر لمدة 50 سنة إلى الشرعية الدستورية لضمان تطبيق أحسن للإصلاحات السياسية في أرض الواقع. وللاشارة، يعد الأستاذ كمال بوشامة من مواليد 1943 بشرشال وهو مفكر ودبلوماسي ووزير سابق درس بالمدرسة الفرنسية ببن عكنون ثم مصر كما تقلد منصب وزير الشباب والرياضة قبل أن يمثل الجزائر في عدة دول كان آخرها سفيرا في سوريا. كما كان من مؤسسي فرع الشبيبة لجبهة التحرير الوطني. وللسيد بوشامة حوالي 20 مؤلفا من أبرزها "جزائريو بلاد الشام" و«مساعدية الرجل الذي عرفت" و«عبد القادر علال إتاوة الكرامة".