ذكرت مجموعة تضم 56 باحثا في تاريخ وفلسفة القرون الوسطى يوم الاربعاء الماضي، أن نهضة الغرب المسيحي إنما حدثت بفضل ما قدمته الحضارة الإسلامية· وقد وجه جمع من المؤرخين الفرنسيين والألمان والإنكليز والإيطاليين ومن جنسيات أخرى، في منبر نشرته صحيفة ليبراسيون الفرنسية، انتقادات إلى كتاب سليفان غوغنهايم تحت عنوان ارسطو بجبل سان ميشال الذي يزعم إثبات ان أوروبا المسيحية في القرون الوسطى تكون قد اكتسبت التراث اليوناني بشكل مباشر في غياب أية صلة بالعالم الإسلامي· واعتبر هؤلاء المؤرخون ان الكتاب يتعارض والبحوث المعاصرة ويقترح اعادة قراءة زائفة للصلات بين الغرب المسيحي والعالم الإسلامي بدعم من طرف أبواق الصحافة وكذا بعض مواقع الانترنت المتطرفة· وإذ اشاروا الى أخطاء في المضمون والمنهجية التي قد لا تظهر في الكتاب، الذي يبدو في ظاهره بحثا علميا"، خلص المؤرخون الى القول بأن الكتاب عبارة عن عرض أبعد ما يكون ذو قيمة علمية، بما أنه يضرب عرض الحائط كل بحث حول ما قدمه العلماء العرب المسلمون للانسانية من بينهم إبن رشد وابن سينا والخوارزمي والزهراوي وابن النفيس والجابر والقزويني وابن الهيثم والكندي والجزري وآخرون، ممن صنعوا العصر الذهبي للعلوم العربية من بغداد الى قرطبة ومن طليطلة الى لاهور· كما اشار المؤرخون الى ان الكاتب يتصور اطروحات لم يدعمها ابدا اي باحث جاد، كقوله أن كون المسلمين قدموا طواعية هذه المعارف العريقة للمسيحيين ما هو إلا وهم· موضوحين ان الحاصل قد تم اغفال اجزاء كاملة من ابحاث ومصادر معروفة بما يسمح للكاتب بالتوصل الى اطروحات تنم عن إيديولوجية محضة· وأكد المؤرخون ان الكتاب في خاتمته يواجه بين "حضارات " حددها عبر الدين واللغة يقصي بعضها بعضا بصفة حتمية، مما يفضي الى عنصرية ثقافية مستلهمة من اليمين المتطرف وهو ما يثبت ان منهجها لا يمت للعمل بصلة، بل انه ينم عن مشروع ايديولوجي يحمل في طياته إيحاءات سياسية غير مقبولة· ففي الوقت الذي نشهد فيه تفاقم معاداة الإسلام في اوروبا والتي يعد كتاب ارسطو بجبل سان ميشال احد مظاهرها، شأنه شأن الرسومات الكاريكاتورية المسيئة إلى الإسلام وتدنيس قبور المسلمين والاعتداءات على المساجد، اكد معهد العالم العربي بباريس ان تاريخ العلوم الغربية طالما تنكر لفضل العلوم العربية عليه وأصبحت بالتالي هذه الاخيرة حلقة ضرورية في التاريخ العالمي للعلوم· وذكر معهد العالم العربي أن علماء البلدان الإسلامية درسوا وقارنوا ثم قدموا اسهامات جديدة للتخصصات التي كانت قائمة خلال الحضارات السابقة (لاسيما اليونانية وحضارة الرافدين والحضارة الهندية) بفضل توخي العلوم التجريبية وكشف مجالات وتقنيات لم تظهر إلا بعد فترة طويلة في اوروبا· مشيرا الى أن القرون الوسطى في العالم الغربي تزامنت مع العصر الذهبي للحضارة الإسلامية· واضاف ان اللغة المشتركة وهي العربية وازدهار الامبراطورية بحيث كانت تمتد من اسبانيا الى الهند، ساعد على تطور التجارة الدولية وتشجيع الخلفاء والامراء حرية الفكر والتسامح، كلها عوامل سمحت بتقدم التراث العلمي المشترك· مؤكدا أن الحضارة العربية الاسلامية تركت للإنسانية نظام ترقيم يستعمل في العالم بأسره، كما ان علماء الرياضيات العرب قد أسسوا علم الجبر وكانوا اول من ابتكر مختلف مناهج حل المعدالات· وذكر المعهد بأنه علاوة على علم الفلك من خلال اختراع الاسطرلاب وعلم الكيمياء لتفسير تحرك المادة، وكذا الطب والهندسة المعمارية وعلم الخرائط والعلوم البحرية فقد تحكمت الحضارة الإسلامية بناصية كافة فروع العلوم الفكرية والتقنية·· وقامت باكشتافات مذهلة في مختلف المجالات العلمية سواء فيما يخص حساب الوقت والاستكشاف الفضائي (الملاحة واختراع الخرائط الجغرافية) واختراع اجهزة ميكانيكية وبصرية·