شهدت بورصة أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء في أولى أيام شهر رمضان الكريم ارتفاعا جنونيا طرح أكثر من تساؤل في الوقت الذي تؤكد فيه وزارة الفلاحة تحسن وارتفاع الإنتاج الوطني إلى 3 ملايين و25 ألف قنطار بالنسبة للحوم الحمراء و2 مليون و62 ألف قنطار للحوم البيضاء، فخلافا لما كان متوقعا، واصلت أسعار الجملة ارتفاعها لتصل إلى 1200 دج للكيلوغرام الواحد بالمذبح البلدي لولاية الجزائر بحسين داي، وهوما دفع ذوي الدخل المتوسط إلى تغيير وجهتهم هذه السنة إلى الأسواق الموازية بقارعة الطريق عند منطقة مقطع خيرة، السوق الذي يشهد سنويا توسعا في نشاطه، فبعد أن كان لسنوات مشهورا ببيع لحم الديك الرومي ها هو اليوم يستقطب مستهلكي اللحوم الحمراء في ظل غياب أدني شروط النظافة والسلامة الصحية. وقد سمحت الجولة الميدانية التي قادتنا لمختلف نقاط بيع اللحوم الحمراء سواء تلك التابعة للخواص أو القطاع العمومي بالوقوف على هاجس حقيقي يؤرق المستهلك في الشهر الفضيل وهو الذي يعتبر من ضروريات تحضير المائدة الرمضانية المعتادة، فبورصة أسعار اللحوم بجميع أنواعها تكشف بلوغ مستويات قياسية لم يسبق وأن بلغتها من قبل ليبقى التساؤل مطروحا عن سبب هذا الارتفاع الجنوني والجهة التي تتستر وراء عملية اقتناء كميات كبيرة من اللحوم الحمراء مما ساهم في رفعها بسوق الجملة. ونحن بالمذبح البلدي حسين داي اكتشفنا نشاط شبكة غير معروفة تقوم باقتناء كميات كبيرة من اللحوم الحمراء وكبد الأغنام من دون تقديم ما يثبت نوعية النشاط التجاري الذي تقوم به، الأمر الذي زاد من ارتفاع الأسعار التي كانت لا تزيد عن ألف دج للكيلوغرام الواحد منذ 15 يوما لتقفز إلى 1200 و1250 خلال الأيام الأولى من شهر رمضان، وهو ما أرجعه تجار الجملة إلى ارتفاع الطلب على العرض رغم أن المذبح يستقبل يوميا الآلاف من رؤوس الغنم الموجهة للذبح غير أنها لا تكفي الطلب، حتى عمليات البيع اختلفت عن سابقتها على حد تعبير إحدى السيدات، فبعد أن كان التاجر يتلهف لبيع منتوجه من خلال اقتراح تخفيض السعر وتلبية طلبات الزبائن باقتراح عدة أنواع من اللحوم، ها هو اليوم يتمسك بالسعر المحدد وفي كل مرة يردد عبارة "المنتوج مباع، لا أملك ما أبيعه" وهو ما يؤكد أن الأسعار ستتواصل في الارتفاع إذا ما كثر الطلب عليها. ونحن بالمذبح حاولنا التعرف على هوية هؤلاء الأشخاص الذين يشترون كل ما يقع بأيديهم منذ الساعات الأولى من النهار، ليؤكد لنا بعض التجار أنهم من الأشخاص الذين يبحثون عن الربح السهل فهم يستغلون هذه المناسبات لاحتكار بعض المنتجات واسعة الاستهلاك لإعادة بيعها بأسعار خيالية، محملين مصالح التجار مسؤولية ما يحدث بالمذبح بعيدا عن المراقبة، حتى عملية نقل المنتوج تتم بدون مراعاة شروط النظافة على حد قولهم، فتكتفي سيارة سياحية أوشاحنة "405" لنقل البضاعة إلى وجهات مجهولة، وهناك من التجار من يحمل القصابة مسؤولية رفع السعر من خلال توظيف عدد من الشباب لشراء أكبر كمية من المنتوج بغرض رفع أسعار التجزئة. أما فيما يخص كبد الغنمي فقد اتفق تجار الجملة على سعر موحد هو 2000 دج للكيلوغرام الواحد وهوما جعل الزبائن يعزفون عن اقتنائه في الوقت الذي زاد عليه الطلب من طرف تجار التجزئة. أما الزيارة التي قادتنا إلى أسواق التجزئة بعدد من البلديات فقد أظهرت لنا تباينا كبيرا بين منطقة وأخرى فهناك من التجار من حدد سعر الكيلوغرام الواحد من لحم الغنمي ب1040 دج وهناك من أعلن عن سعر 980 دج بغرض التحايل على المواطنين كون السعر يخص جزءا معينا من الشاة وهو ما يتعلق بالقفص الصدري، في حين بلغ سعر باقي أقسام الشاة بين 1150 دج و1200 دج ورغم هذه الأسعار تهافت الزبائن على القصابات لاقتناء مستلزماتهم مما أحدث اكتظاظا كبيرا، خاصة بالقصابات التي تعود المواطنون على أسعارها المعقولة في وقت سابق، بالمقابل سجلنا نفور الزبائن من القصابات بالسوق البلدي لحسين داي التي عرضت أسعارا خيالية بلغت 1300 دج للكغ، ويتوقع التجار عودة الزبائن إليهم مجبرين بعد يومين أوثلاثة أيام على أكثر تقدير. أما فيما يخص اللحوم البيضاء فهي الأخرى تعرف هذه الأيام ارتفاعا جنونيا في الأسعار رغم أننا في فصل الصيف وأسعار الجملة تنخفض بسبب ارتفاع الإنتاج خوفا من الخسارة، حيث ارتفع سعر الكيلوغرام الواحد إلى 380 دج بالنسبة للدجاج غير المفرغ و400 دج للدجاج المفرغ عبر جميع القصابات أما الديك الرومي فقد ارتفعت أسعاره إلى سقف 700 دج بالنسبة للصدر و500 دج لباقي الحصص بعد أن سجل إقبالا كبيرا عليه خلال السنوات الفارطة. سوق مقطع خيرة يستقطب متوسطي الدخل رغم أن السوق مصنف ضمن الأسواق الموازية إلا أن شعبيته تزيد من موسم إلى آخر بسبب ارتفاع عدد المرتادين عليه، فبعد أن كان متخصصا في بيع لحوم الديك الرومي منذ أكثر من عشر سنوات ها هو اليوم يتخصص في بيع مختلف أنواع اللحوم، حيث اصطف العشرات من تجار الأرصفة على قارعة الطريق لعرض خدمات نحر وبيع لحوم الأغنام بسعر بلغ 990 دج للكيلوغرام الواحد أما الكبد فقد بلغ سعره 1800 دج، وهو الأمر الذي دفع بالعديد من المواطنين إلى قصد المكان، الأمر الذي خلف اختناقا مروريا كبيرا عند المدخل الغربي عبر الطريق الرئيسي، وما زاد من تعقيد الأمر هو غياب أدنى شروط النظافة خلال عملية النحر بالإضافة إلى عدم وجود طبيب بيطري لمعاينة الأضحية مما يجعل المستهلك عرضة لخطر الإصابة بالتسمم الغذائي والأمراض المعدية، ورغم علم السلطات المحلية بالخدمات غير شرعية للسوق إلا انه لم يتم وضح حد لنشاط هؤلاء التجار الذين يرتفع عددهم من يوم إلى آخر. وزارة الفلاحة تتوقع تعديل كفة الأسعار بلحوم البقر المجمدة ككل سنة، تعمد وزارة الفلاحة إلى تسليم تراخيص للخواص بالإضافة إلى نشاط مؤسسة تسيير المساهمات للإنتاج الحيواني "برودا"، حيث تم استيراد كميات هامة من لحوم البقر المجمد ليتم بيعه في عدة نقاط للبيع بسعر يتراوح بين 450 و550 دج، حسب حصة اللحم، وحسب تصريح مدير الشركة العمومية لتحويل وتغليف اللحوم «سوتراكوف" السيد جهيد زفزاف ل«المساء" فإن الهدف من استيراد حصص إضافية من اللحوم الحمراء المجمدة ليس بغرض تسقيف الأسعار بل من أجل خلق توازن في السوق بين العرض والطلب لتفادي المضاربة وتوفير منتوج بأقل سعر للمستهلك من الدخل المتوسط. وفي الوقت الذي رفض فيه المسؤول تحديد كميات اللحوم المجمدة المتوفرة حاليا عبر نقاط التخزين تشير بيانات من الوزارة إلى مراقبة المصالح البيطرية خلال السداسي الأول من السنة الجارية ل30341 طن من لحم البقري المجمد المستورد من الهند والبرازيل بزيادة عن نفس الفترة من السنة الفارطة ب28,05 بالمائة، وهي الحصة التي تقاسمها القطاع الخاص مع مؤسسة "سوتراكوف"، في حين تكفلت "الجزائرية للحوم" وهي فرع لشركة "برودا" بنظام ضبط المنتجات الواسعة الاستهلاك "سيبرلاك" للحوم الغنمي المحلي من خلال اعتماد برنامج عمل منذ بداية السنة مع عدد من المربين، وحسب تصريح مديريها السيد سامي بن مهيدي فقد تم فتح هذه السنة 40 نقطة بيع عبر التراب الوطني بالإضافة إلى الاشتراك مع نقاط البيع التابعة لشركة "سوتراكوف" لبيع المنتوج المحلي بسعر لا يزيد عن 990دج للكيلوغرام الواحد، وعن كميات اللحوم المخزنة أشار المتحدث إلى أنها جد معتبرة ويمكن تموين السوق بكميات إضافية طازجة حسب الطلب على ضوء العقد المبرم مع عدد من الموالين عبر التراب الوطني. ويذكر أن شركة "سوتركوف" تملك أكثر من 30 نقطة بيع عبر 29 ولاية بالإضافة إلى تعاملها مع 120 متعاملا خاصا بغرض بيع المنتوج بأسعار محددة بغرض تعديل بورصة السوق، في حين أشار السيد زفزاف ل«المساء" الى اختيار محلات ببلدية حسين داي يتم من خلالها بيع جميع المنتجات المنظمة عبر نظام "سيربلاك". وبالنسبة للعاصمة فقد تم فتح منذ قرابة شهر نقاط البيع التابعة للشركة عبر بلديات كل باب الزوار، المقرية، المدنية، معرض الصنوبر البحري، بلوزداد، سعيد حمدين، ساحة أول ماي وحسين داي هذه السنة بغرض التقرب أكثر من التجمعات السكانية الكبيرة والسماح لأكبر عدد من المستهلكين الاستفادة من اللحوم الحمراء المجمدة والطازجة بأسعار معقولة.