تواصل مديرية متحف السينما بوهران برمجة الأفلام الثورية بمناسبة الاحتفال بالذكرى الخمسين لاستعادة السيادة الوطنية، وهو الأمر الذي لقي استحسان الجمهور الذي يتوافد على القاعة بكثرة إلى درجة إعادة برمجة الفيلم أكثر من مرتين بهدف إشباع رغبة الجمهور في مشاهدة الأفلام المخلّدة للبطولات الجزائرية والتضحيات الجسام التي بذلها الشعب الجزائري من أجل استعادة حريته المغتصبة. الجمهور الوهراني المتوافد على قاعة متحف السينما يتكوّن من غالبية الشرائح الاجتماعية بما في ذلك الكثير من العائلات التي تتنقل مجتمعة من أجل متابعة الأفلام المعروضة ومناقشتها بعد ذلك، من خلال استرجاع الكبار للعديد من الذكريات المؤلمة، وهو ما يعتبره الصغار بمثابة ردّ الاعتبار للمجاهدين والعائلة الثورية التي قدّمت الغالي والنفيس من أجل تحقيق حلم العيش في ظلّ الحرية والعلم الجزائري يرفرف في سماء الجزائر خفّاقا. من هذا المنطلق، وجدت إدارة متحف السينما بوهران نفسها تبرمج 21 فيلما ثوريا من توقيع كبار المخرجين من بينهم محمد لخضر حمينة مخرج فيلم «وقائع سنين الجمر» الذي تميز في مهرجان كان الدولي بإحرازه «السعفة الذهبية» سنة 1975 ليبقى بذلك الفيلم العربي الوحيد الذي تحصّل على هذا التكريم، والمخرج رابح عامر زعميش صاحب فيلم «واش واش» الذي أخرجه عام 2002 وكذا المخرج رشيد بوشارب صاحب فيلم «الخارجون عن القانون» الذي أثار العديد من النقاشات في المجتمع الفرنسي، الذي أحرز على الكثير من الجوائز القيّمة زيادة على فيلم «الأخوات هاملت» للمخرج عبد الكريم بهلول. ويعود سبب برمجة هذه الأفلام من طرف إدارة متحف السينما بوهران، إلى الاهتمام الكبير الذي يوليه الشباب من الجيل الجديد بعالم السينما، حيث تفتتح قاعة السينما بعد العصر لتواصل عرض الأفلام في السهرة بعد صلاة التراويح، وهي بذلك تعطي الفرصة للجميع من أجل متابعة ممتعة وشيّقة لكافة الأفلام المبرمجة، كما أنّها من أهم الفرص للشباب من أجل التعرّف على تاريخ بلادهم المجيد. من جانب آخر، لم تكتف إدارة متحف السينما بعرض الأفلام الثورية فقط وإنما امتدّ اهتمامها إلى تقديم وعرض الأفلام الجزائرية الأخرى ذات الطابع الدرامي والاجتماعي، حسب ما جاء على لسان السيد بن صالح عبد القادر، المسؤول الأول عن متحف السينما بوهران، قائلا أنّ العروض ستنطلق بداية من الأسبوع الأخير من شهر رمضان المبارك، ويدخل هذا في إطار التنويع في البرمجة وتمكين الأغلبية من المتفرّجين من مشاهدة الأفلام الجزائرية ومن ثمّ التعرّف على المخرجين والممثلين الكبار الذين أدوا أدوارهم بكلّ شجاعة واعتزاز وفخر. ومن أهم الأفلام المبرمجة فيلم «الفحّام» للراحل محمد بوعماري الذي أخرجه سنة 1972، ويصوّر فيه مختلف التحوّلات الاجتماعية والاقتصادية التي عرفها المجتمع الجزائري، من خلال يوميات رجل فقير يعيش حياة البؤس رفقة عائلته الصغيرة، إلاّ أنّ رفضه لهذا الواقع جعله يفكّر في الكيفية التي يخرج بها من هذا الوضع المزري ليتوّجه بعدها إلى المدينة بحثا عن العيش الرغيد والسعيد، مع التذكير بأنّ فيلم «الفحّام» هو أوّل الأفلام الجزائرية التي تناولت قضية النزوح الريفي ومظاهر التمدن، حيث نال هذا الفيلم العديد من الجوائز العالمية منها جائزة مهرجان برلين سنة 1973 وكذا جائزة الديوان الكاثوليكي الدولي، إضافة إلى جائزة «سعفة النقد الإفريقي» بواغادوغو. وإلى جانب هذا الفيلم تمّ برمجة فيلم «عمر قتلاتو الرجلة « للمخرج مرزاق علواش، الذي يتم فيه معالجة المشاكل الاجتماعية التي عاشها شباب ما بعد الاستقلال مثل السكن والبطالة وغيرهما من المشاكل التي جعلت هذه الفترة من أصعب الفترات التي عاشها الشعب الجزائري، إلى جانب العديد من الأفلام الأخرى المبرمجة والتي يمكن للجمهور الوهراني مشاهدتها بعد التراويح أو في اليوم الموالي في فترة الإعادة التي تتم بعد صلاة العصر.