إحياء لذكرى رحيله أعاد أوّل أمس، النادي السينمائي الذي يشرف على تنظيمه الديوان الوطني للثقافة والإعلام عرض فيلم "الفحام " للمخرج محمد بوعماري الذي أنتج بداية السبعينيات، واعتبر من أهمّ الأعمال السينمائية الجزائرية. وفي مناقشته للفيلم، أشار المخرج لمين مرباح أنّ السينما الجزائرية خلال السبعينيات كانت تقف إلى جانب الكفاح الاجتماعي، وسعت إلى تبني خيارات الدولة الفتية والايديولوجيا السائدة، موضّحا أنّ المخرجين لم يكونوا مجبرين بل مخيّرين في ذلك، رغم أنّ العديد من الكتابات التي تتناول السينما الجزائرية تؤكّد أنّ الدعم الذي كان يتلقاه لمخرجون من الدولة وتقاضيهم لأجور شهرية لم يترك لهم خيار كبيرا، كما أنّ المعروف عن السينما الجزائرية خلال هذه الفترة ارتكازها على ثلاث مواضيع أساسية هي الثورة المسلحة، الثورات الاجتماعية (الثورة الزراعية والصناعية....) وكذا الشباب، ولم تكن الدولة آنذاك تقدّم دعما خارج هذه المحاور، وهذا لا يعني أنّ السينما الجزائرية كانت هزيلة بل اعتبرت سنوات السبعينيات بمثابة العصر الذهبي للسينما الجزائرية كما وكيفا. لمين مرباح في تناوله لفيلم "الفحّام " أشار أيضا إلى أنّ هذا العمل الذي عرض أوّل مرة في 1973 تمّ انجازه بإمكانيات بسيط جدا وتكاد تكون منعدمة، مؤكّدا بالمقابل أنّ الراحل بوعماري لو تمكّن من الحصول على دعم أكبر لكان الفيلم أحسن بكثير مما هو عليه، لكن آنذاك- يقول لمين مرباح- "كان هناك من يضع الحجر في الطريق للآخر حتى يضفر هو بميزانيات ضخمة لانجاز أعماله"، ولم يسمي مرباح هؤلاء واكتفى بالقول أنّ الخاسر الكبير في العملية هو الجمهور، لأنّ محمد بوعماري رحل لكن فيلمه مازال حيا يشاهده الجمهور جيلا بعد جيل، من جهة أخرى، أشار مرباح إلى أنّ السينما الجزائرية لم ترتق بعد إلى مستوى الفن قائلا: "ليس لنا فن في السينما، الجزائر لم تصل بعد إلى هذا المستوى، لأنّ الفن شيء آخر...". يذكر أنّ "فيلم الفحّام" الذي يعدّ أوّل فيلم طويل للمخرج محمد بوعماري الذي رحل عنا في 2006 حمل رسالة صريحة ومباشرة تؤيّد الثورة الزراعية وتحرّر المرأة وخروجها للعمل، وذلك من خلال قصة الفحام "بلقاسم" وعائلته التي كانت تعاني الفقر والحرمان ولم تجد إلاّ الثورة الزراعية كحلّ لكلّ تلك المشاكل. وقد حصل العمل على عدد من الجوائز منها على غرار السعفة الفضية بمهرجان قرطاج سنة 1972، الجائزة الدولية للنقد بواقادوقو سنة 1973، بالإضافة إلى جائزة الديوان الكاثوليكي الدولي وجائزة مهرجان برلين. والمعروف أنّ أهمّ الانتقادات التي وجهت للعمل عند عرضه لأوّل مرّة تعلق باللقطة التي سعى فيها الفحام إلى رفع حجاب زوجته (الحايك والعجار) أمام كل رجال القرية، وهو ما وصفه النقاد بالجرأة الزائدة باعتبار أنه كان يستطيع أن يترك زوجته تعمل دون أن يرفع حجابها.