في الوقت الذي أغلقت فيه أكثر من مكتبة أبوابها، ها هي «الجزائر نيوز» تفتح مكتبة جديدة في ساحة الأمير عبد القادر لتطلق عليها تسمية مؤسّس الدولة الجزائرية الحديثة وتجعلها بوابة للكتاب من خلال عملية البيع من جهة واحتضان الندوات الثقافية والفكرية المتنوّعة من جهة أخرى. بهذه المناسبة أوضح السيد احميدة العياشي ل«المساء» أنّه تمّ تأسيس شركة بين مؤسسة «الجزائر نيوز» ودار النشر السورية «النايا» تهتمّ بالتعريف بالمؤلّفين الجزائريين في المشرق العربي من خلال تسويق وترجمة كتبهم، وكذا استيراد أهم الكتب العربية. وأضاف المتحدّث في كلمة ألقاها أمام الضيوف الذين حضروا حفل افتتاح المكتبة أوّل أمس، أنّه سيتم ترجمة الكتاب الجزائري المكتوب باللغة الفرنسية إلى العربية وتسويقه في الأسواق العربية، وهو نفس مصير الكتاب المكتوب باللغة العربية الذي سيعرف حظه من التوزيع. وقال العياشي أنّه تمّ تأجير هذا الفضاء الواقع في النفق مقابل معلم «الأمير عبد القادر» من صاحبته وهو في الأصل مكتبة أيضا أغلقت أبوابها منذ سنوات، في انتظار أن يتم تجهيز النفق أيضا بالكتب القديمة في عمليات بيع، وهو ما يتفاوض من أجله مع مسؤولي بلدية الجزائر الوسطى بهدف تحويل هذا الفضاء إلى منبع للثقافة الجوارية. كما تمنى العياشي أن تتحوّل مكتبة الأمير عبد القادر إلى فضاء مفتوح على النشاطات الثقافية طوال السنة وليس في رمضان فقط، باعتباره سيحتضن عدّة ندوات فكرية وثقافية بقية شهر رمضان تهتم بتناول مواضيع الساعة وأخرى متنوعة تمسّ ألوانا من التوجّهات وأطيافا من التيارات الفكرية المختلفة. بالمقابل أعلن المتحدث عن تكريم المفكر جون سيناك الذي اعتبره بحقّ المفكر الذي أسّس جسرا بين المثقفين الذين يكتبون باللغة العربية ونظرائهم الذين يكتبون باللغة الفرنسية وأنّه لم ينل حظه من التكريم الذي يستحقه. من جهته، هنأ المدير العام للمكتبة الوطنية الجزائرية، السيد عز الدين ميهوبي، الجميع بميلاد مكتبة جديدة في زمن أغلقت فيه أكثر من مكتبة أبوابها، وكذا الأمر بالنسبة لقاعات السينما. مضيفا أنّ هذا الفعل يثبت عودة الكتاب إلى الواجهة، مقدّما أمثلة عن هذا الأمر كوجود ألف ناشر جزائري، وكذا استقبال المكتبة الوطنية من ألفين إلى ثلاثة آلاف منخرط في المكتبة يوميا، وفي هذا أكّد ميهوبي ارتفاع معدل المقروئية عند المواطن الجزائري وإن كان هذا لا يظهر للعيان باعتبار انه يقرأ في أماكن منغلقة عكس الأوروبي الذي يقرأ في الأماكن العمومية. للإشارة، تحتضن مكتبة الأمير عبد القادر عددا من الندوات يوميا إلى غاية نهاية شهر رمضان، والبداية كانت أمس مع محاضرة ناصر جابي حول كتابه الأخير «لماذا لم يحدث ربيع عربي في الجزائر؟»، في حين ستكون الندوات المقبلة حول مواضيع متفرّقة على غرار «أي دستور لأيّ جزائر؟» من تنشيط عمار بلحيمر وعبد العزيز رحابي، «الحقل الإعلامي في الجزائر، تحديات وآفاق» من تنشيط إبراهيم إبراهيمي ولحسن بلقاسم جاب الله، «ظاهرة الانشقاق في الأحزاب الجزائرية» من تنشيط سفيان جيلالي وعبد العزيز جراد وبن عبد السلام، «الصوفية، تاريخها وتاريخ رجالها» من تنشيط لويزة قاليز، «المثقفون الجزائريون والسلطة» من تنشيط صادق بخوش وحميد قرين و«تكريم جون سيناك» مع احمد حمدي وبلخوجة. بالمقابل، تم في نفس الليلة وفي الفضاء الثاني ل«الجزائر نيوز» «بلاصتي» تكريم الشيخ نور الدين بمشاركة المحافظة السامية للأمازيغية، وفي هذا الصدد قال مدير الثقافة الأمازيغية بالمحافظة، سي الهاشمي عصاد، ل«المساء»، أنّه يعتمد منذ ثلاث سنوات على تكريم الشخصيات الثقافية الأمازيغية في سهرات «نيوز»، متمنيا أن تتم الشراكة بين المحافظة والجريدة في مكتبة الأمير عبد القادر أيضا. وفي هذا السياق، تم بهذه المناسبة قراءة قصائد شعرية للشيخ نور الدين أعقبها سماع تسجيلات بصوت الشيخ، ومن ثم قدّمت مجموعة من الأطفال القادمين من قرية واسيف بتيزي وزو مقطوعات موسيقية للشيخ نور الدين. للتذكير، فإنّ الشيخ نور الدين من مواليد 1918 بقرية اڤمون بالأربعاء ناث ايراثن، انطلق في عالم الغناء سنة 1936 بعدها قام بتسجيل أوّل اسطوانة متكونّة من 12 اغنية، وأشهرا من بعد اشترك رفقة أشخاص آخرين في تأسيس القناة الإذاعية الثانية ونشر سنة 1960كتاب «جزائري يحكي» عن دار نشر «لوسوي»، كما كتب الكاتب يوسف نسيب سيرته الذاتية سنة 1998، وفي سنة 1999 توفى الممثل والمطرب والشاعر الشيخ نور الدين عن عمر ناهز 81 سنة.