تشير مصادر أمنية من المديرية العامة للأمن الوطني إلى تراجع نسبي في عدد القضايا والحالات المتعلقة بحمل الأسلحة البيضاء والتي أصبح استعمالها وحملها يقتصر على جماعات في شكل عصابات تمتهن السرقة والتهديد بالإضافة إلى استعمالها من قبل شباب بعض الأحياء الشعبية التي لا تزال تشهد شجارات بين الفينة والأخرى بين شبابها بسبب المخدرات أو مشاكل تافهة تدفع بالأطراف المتصارعة إلى إشهار السيوف والسكاكين واستعمالها. وقد أثمرت عمليات التفتيش المفاجئة والمداهمات الليلية التي تقوم بها مصالح الامن بالإضافة إلى تعميق المتابعات القضائية التي لا تتسامح مع حالات حمل السلاح الأبيض بالتقليص من استعماله خلال الأشهر الأخيرة. فقد قامت مصالح الامن على مستوى الدوائر ومقرات الامن الحضري بالعديد من الولايات خلال الشهور الأخيرة بعمليات تمشيط واسعة مست العديد من الأحياء والتجمعات السكنية وحتى المؤسسات التربوية والتكوينية التي تستقبل الفئات الشبانية بالإضافة إلى عمليات مداهمة ليلية تمكنت من خلالها من توقيف عدد كبير من الشباب من مستعملي وحاملي هذا النوع من الأسلحة بالإضافة إلى استرجاع أصناف متعددة من الأسلحة البيضاء المحظورة كثير منها لم يكن متوقعا وجوده. ويشير مصدرنا إلى أن حالات عدم التسامح حيال ظاهرة حمل الأسلحة البيضاء والمتابعات القضائية المرهقة التي يتعرض لها حاملو الأسلحة البيضاء قد قلصت بشكل كبير من الحالات المتعلقة بالظاهرة علما أنه وخلال شهر جوان فقط أوقفت مصالح الامن 344 شخصا بتهمة حمل أسلحة محظورة عبر كامل ولايات الوطن وذلك من مجمل 78692 شخصا تم تفتيشهم، وهو ما يعكس تراجعا في حالات حمل السلاح التي كانت تمثل أزيد من 50 بالمائة من حالات التوقيف. ويتعرض حامل السلاح الأبيض المحظور إلى عقوبة السجن لمدة ستة أشهر في حال الحمل فقط وبإمكان قاضي المحكمة تقييم الوضع وإعادة تكييف القضية بحسب حجم السلاح الذي عثر بحوزة الموقوف حيث أنه غالبا ما يتم إطلاق سراح صاحب السلاح الأبيض الصغير الذي لا يتعدى حجمه عشرة سنتمترات وفيما عدا ذلك فإن عقوبة السجن ثابتة على المتهم على اعتبار أنه لا وجود لمبررات تدفع بالشخص العادي إلى حمل سلاح يفوق حجمه العشر سنتمترات فما فوق إلا لنية التهديد أو الاعتداء وغيرها. ويعاقب القانون بسنة سجنا نافذا على محاولة استعمال السلاح، أما عند الاستعمال والتسبب في جروح فالعقوبة تكيف حسب تقرير الطبيب الشرعي الذي يؤكد حجم الإصابة وفي حال القتل فالمؤبد يكون مصير الجاني.. ونفس العقوبة يتعرض لها حامل قارورة الغاز المسيل للدموع وهي الحبس ستة أشهر في حين يعاقب كل من يهدد بالسلاح "الموجه" وهي الحيوانات الخطيرة كالكلاب بعقوبة تتراوح بين ستة أشهر وعامين مع حجز الكلب وتوجيهه إلى المحشر. للعلم لم تكن المتابعات تطال حاملي السيوف في السنوات الماضية إلا في حال إشهارها أو استعمالها في عمليات الاعتداء غير أن الأمور تطورت بشكل أصبح حمل السلاح والخناجر موضة خاصة في الأحياء الشعبية، حيث تشكلت عصابات منظمة تتسلح بالسيوف والخناجر التي عوضت السكاكين الصغيرة وأدت إلى نشوب شجارات بين عصابات الأحياء كتلك التي شهدتها أحياء باب الوادي وبئر التوتة وبلوزداد...والتي استفحلت بشكل كبير ومخيف. وقد قامت المصالح المختصة التابعة لمصالح الامن بإعداد تقارير حول نوعية الأسلحة البيضاء الأكثر استعمالا وكذا تحديد الفئات العمرية الأكثر استعمالا لها وحملها بالإضافة إلى مستواها التكويني ووضعيتها الاجتماعية والقضائية إلى جانب تحديد الأماكن التي تشهد انتشارا كبيرا لمستعمليها.. للإشارة، كانت مصالح الامن قد تلقت تعليمات خلال شهر رمضان الماضي تقضي بتوقيف أي شخص يحمل سلاحا أبيض أيا كان حجمه وذلك على خلفية الاعتداءات المتكررة التي راح ضحيتها العديد من المواطنين الذين تعرضوا للسرقة والاعتداء باستعمال أسلحة بيضاء على غرار السكاكين والسيوف والعصي .. ويشير المصدر إلى ارتفاع قائمة الأسلحة البيضاء المحظورة إلى أزيد من 100 نوع ومن المرجح أن يتم توسيع هذه القائمة لتطال أصنافا أخرى دخلت السوق حديثا بعضها متطور إلى جانب أنواع من البنادق المستعملة أصلا في ديكور المنازل والزينة غير أنها استغلت لتخويف وترهيب المواطنين نظرا لتصاميمها القريبة من البنادق الأصلية. وقد عرف شهر رمضان الجاري تسجيل اعتداءات بالأسلحة البيضاء بالعديد من الولايات وخاصة العاصمة بعضها مميت كما هو الحال بالنسبة لحادثة بلوزداد التي جرت وقائعها الأسبوع الماضي وراح ضحيتها طفل لا يتعدى ال14 سنة.. غير أن حجمها لم يصل إلى المستوى الذي سجل في الأشهر الماضية وتحديدا في رمضان 2010 و2011 وهذا يعكس مدى نجاعة الإستراتيجية والخطة الأمنية التي انتهجتها المديرية العامة للأمن الوطني للتصدي لظاهرة حمل الأسلحة المحظورة والحد من استفحالها من خلال تكثيف عمليات المداهمة والتوقيفات التي تطال كل من يحمل هذا النوع من الأسلحة البيضاء الخطيرة مع إخضاع الموقوفين لمتابعات قضائية تؤدي بصاحبها إلى السجن دون التسامح معه.