...”صحا عيدكم” ... “عيد مبارك وكل عام وأنتم بخير” اتعيدو بالصحة و الهناء”...”.تقبل الله منا ومنكم وكل عام وأنتم بخير” ...وغيرها من العبارات التي باتت تكتب على شكل رسائل (SMS) تطير عبر الأثير ليستقبلها الأهل والأحباب والأقارب في الأعياد، لتعوض الزيارات، حيث أصبح البعض يكتفي بإرسال رسائل لتجنب عناء التنقل لينتظر في المقابل الحصول على رد قد يحمل نفس الكلمات. إثر الإنتشار الكبير للهواتف النقالة وما تقدمه من عروض وخدمات سريعة إلى التأثير على لغة التواصل بين أفراد المجتمع الواحد. وإن كان الأمر مقبولاً على مدار السنة فإنه يؤثر على علاقة الأفراد ببعضهم البعض عند إحياء بعض المناسبات على غرار الأعياد الدينية.ولأننا نحتفل بعيد الفطر المبارك نجد بعض المواطنين لا سيما فئة الشباب يميلون إلى تبادل عبارات التهاني عبر الرسائل القصيرة ما ساهم في التأثير على صلة الرحم علاوة إلى إستقبال كلمات جافة لا تحمل في طياتها أي مشاعر . من خلال الإستطلاع الذي قمنا به ببعض شوارع العاصمة تبين لنا بعد الإحتكاك بشرائح مختلفة من أفراد المجتمع أن السبب الرئيسي الذي جعلهم يلجأون إلى تبادل التهاني عبر الرسائل القصيرة هي الزحمة التي تعرفها الطرقات أيام العيد، إلى جانب الرغبة في الإستفادة من التكنولوجيا المتوفرة والخدمات المجانية التي تقدمها مختلف شبكات الهواتف النقالة بالمناسبة، فهذا الشاب عبد اللطيف قال في حديثه “للمساء” أن أفراد عائلته كثر ولوقضى اليوم كله يتنقل من منزل إلى منزل ليقدم التهاني بمناسبة العيد لإنقضى اليوم دون أن يتمكن من أداء واجبه، لذا فهو يفضل أن يرسل وهو قابع في مكانه العديد من الرسائل،وبالتالي يضرب عصفورين بحجر واحد “. بينما حدثتنا مواطنة أخرى من سكان الأبيار قائلة “ إلى وقت قريب كنت أقوم أتكبد عناء التنقل يوم العيد إلى كل أقاربي حتى أصل الأرحام لأنها العبرة من الإحتفال بالعيد، غير أنني بت مؤخراً أعجز عن التنقل سيما بعد الإنتشار الواسع للهواتف النقالة ومن ثمة إقتصر تنقلي على بعض الأقارب غير البعيدين من مقر سكناي فقط، بينما أكتفي بإجراء بعض الإتصالات أو إرسال بعض الرسائل وأعتقد أن المهم هو القيام بالواجب. بينما برر البعض الأخر من المستجوبين سبب لجوئهم الى الرسائل القصيرة أو إجراء بعض المكالمات الهاتفية ببعد المسافة وكثرة الأحباب والأصدقاء وهو الإنطباع الذي لمسناه عند الشابة سهام التي قالت “ أعتقد أننا لم نحسن فهم كيفية إستغلال الرسائل القصيرة إذ من المفروض ونحن نحتفل بعيد الفطر أن نتبادل الزيارات خاصة إن كنا ننتمي إلى نفس الحي أو الولاية لأننا نؤجر على ذلك، ولأن العبرة من الإحتفال بالعيد هو وصل الأرحام بغض النظر عن المسافة . أما إن كان بعض الأقارب بعيدين عنا ففي هذه الحالة بإمكاننا إجراء الاتصالات الهاتفية لتبادل عبارات التهاني، وإن تعذر علينا الإتصال في هذه الحالة نلجأ إلى إستعمال الرسائل . وتستطرد محدثتنا قائلة “ما نعيشه اليوم خاصة في ظل الزخم الكبير للعروض المجانية التي تقدم بمناسبة العيد جعل البعض منا يفضل إرسال رسالة واحدة إلى كل الأقارب الأمر الذي جعل عيد الفطر يفقد حرارة اللقاء “. وإذا كان البعض يفضل إجراء مكالمة قصيرة لتقديم التهاني أو الإكتفاء بإرسال رسالة قصيرة تحمل عبارات خالية من الإحساس. نجد في المقابل البعض الآخر من المواطنين يفضلون تبادل تهاني العيد بالتصافح والتقبيل وأخذ بعضهم البعض بالأحضان وهو ما حدثنا به سعيد في عقده الأربعين من العمر حيث قال “على الرغم من أن الهاتف النقال قرب البعيد، غير أني أفضل في المناسبات على غرار عيد الفطر الذي نحن بصدد الإحتفال به تكبد عناء التنقل إحياء للعادات التي تربينا عليها، إذ أطرق كل الأبواب وأقاسمهم حلويات العيد،ولأن صلة الرحم بإعتقادي لا تتحقق إلا بمخاطبة الأقارب والأحباب وأخذهم بالأحضان. ماذا عن رأي الدين قال الأستاذ زين الدين العربي إمام بمسجد ابن فارس بالقصبة في رده على سؤال “المساء” حول تحول صلة الرحم إلى عبارات يتم تداولها عبر رسائل قصيرة عوض التنقل “إن الأسلوب الذي بات يعتمده البعض لتبادل عبارات التهاني بالأعياد طريق غير مستحب وأضاف مستطرداً “من المفروض أن الهواتف النقالة وخدمات الرسائل القصيرة وجدت للسؤال عن الشخص البعيد الذي يتعذر علينا بلوغه وفي الإطار يحضرني قول الرسول صلى الله عليه وسلم “ لا يدخل الجنة قاطع “ ويقصد بالقاطع حسب ما فسره العلماء هو قاطع الأرحام، ومن ثمة فإن المطلوب ونحن نحتفل بعيد الفطر المبارك تعزيز صلة الأرحام بتبادل الزيارات وتكبد عناء التنقل إلى منازل الأهل والأحباب والأقارب والجيران لتبادل عبارات التهاني والتصافح لأنها العبرة المرجوة من الإحتفال بالعيد . يقاسم يوسف بالمهدي دكتور في الشريعة الإسلامية الإمام زين الدين العربي الرأي حيث قال “ ونحن نحتفل بعيد الفطر المبارك يفترض أن يعرف المواطن الجزائري أن هذه المناسبة شرعت لتبادل التهاني والكلمات الطيبة بصورة مباشرة لما في ذلك من حرارة اللقاء وتعبير صادق عن المشاعر، يجعل المخاطب يأنس بمحدثه عندما يخاطبه قائلًا : رمضان مبارك وتقبل الله منا ومنكم “ فذلك يزيد من سرور المتخاطبين . وصف الدكتور يوسف بالمهدي تبادل عبارات التهاني بصورة مباشرة بمثابة الهدية يوم العيد حيث قال “ إن التنقل لتبادل التهاني بين الأقارب والأحباب صبيحة العيد يعد بمثابة الهدية التي يتبادلها المتغافران، أما إن كان من الصعب بلوغ بعض الأقارب بسبب بعد المسافة فلا مانع في إجراء إتصال هاتفي للسؤال عن أحوال الأقارب. وإن تعذر ذلك يتم للجوء إلى الرسائل القصيرة التي تعد آخر الحلول لأن صلة الرحم يوم العيد تقوم على الإلتزام بالتنقل وتبادل الزيارات. وحول تقييمه لصلة الرحم في المجتمع الجزائري جاء على لسان محدثنا أن تبادل الزيارات والتنقل للإطمئنان على الأهل والأقارب والجيران بالأعياد تبعث على الإرتياح في المدن الداخلية وعلى مستوى بعض القرى والمداشر، غير أنها تعرف تراجعاً بالمدن الكبرى ربما بسبب الإنتشار الكبير لوسائل الإتصال الحديثة التي جعلت البعض يؤثر البقاء بالبيت وإجراء بعض المكالمات الهاتفية أو إرسال بعض الرسائل القصيرة .وعلق بالقول “صلة الرحم واجبة ومن وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها”.