دعا الحرفي رشيد شيخة ابن قرية لعزيب من بلدية افرحونان ولاية تيزي وزو إلى ضرورة الحفاظ على الحرف التقليدية اليدوية لأنها مورث حضاري تناقلته الأجيال لتفادي زوالها واندثارها. قال الحرفي شيخة الذي التقته «المساء» على هامش احتضان ولاية تيزي وزو للصالون الوطني لصناعات التقليدية مؤخراً، أنه تعلم حرفة النقش على الخشب عن أجداده، حيث أبدى ميله لممارسة الحرفة في سنة 1990، هذه الحرفة التي كانت عائلته تمارسها منذ القدم، إذ كانوا يصنعون أواني كبيرة من الخشب مثل الجفنة ومع الإمكانيات العصرية والاعتماد على المحرك الكهربائي تم توسيع الحرفة لصنع أواني أخرى مثل المهراز، الصحون، الكؤوس، معالق الأكل، المزهريات، أو ما يسمى ب«تسلبت»وغيرها من الأواني. عملية تحويل الخشب إلى أواني جاهزة للاستعمال تتطلب وقتاً ومراحل يشرحها الحرفي شيخة قائلاً، نقوم بجلب الحطب من الغابات، لتهيئته وتقطيعه على شكل أقراص ودوائر ثم وضعه بالميزان وهو عبارة عن جهاز للقياس الذي يصنعه الحرفي لنفسه، نقوم فيما بعد بالاعتماد على الشاقور لتجهيز القطعة مع ترك الوسط على حاله لتسهيل عملية تثبته على الجهاز لنشرع في عملية تسوية الأطراف شيئا فشيئا بواسطة الضغط بالأرجل على العجلة وبوساطة اليدين إلى أن يصبح جاهزاً، وفيما بعد ننتقل إلى مرحلة التزين باستعمال ألوان منها الأسود، الأبيض والأحمر بوضع أشكال هندسية جميلة معبرة. يفضل الحرفي شيخة، وضع رموز مختلفة تميز أعماله عن غيرها فنجد أشكال ترمز إلى الحبوب ورمز آخر للطاحونة ورسوم يوحي ل«أكوفي» أين تخزن الحبوب بالمنازل القديمة بمنطقة القبائل، كما نجد رسومات تحاكي الشمس، المفتاح، المشط وغيرها من الرموز المعبرة عن حياة المرأة القبائلية. وفيما يخص المادة المستعلمة في صناعة الأواني الجميلة، قال محدثنا أنه يعتمد على عدة أنواع من الخشب منها خشب شجرة «الصفصاف» (الحور السوداء) والتي نجدها بكثرة بالأماكن التي يوجد بها الماء، إلى جانب شجرة «اولمو»وشجرة «الصدر» والتي نجدها بالمرتفعات الجبلية .دون أن ننسى شجرة الجوز التي تعد من أنواع الأشجار النادرة كونها لا تزرع كثيراً إضافة إلى شجرة «انطريم». تتطلب عملية صنع الأواني وبيعها وقتاً من 6 أشهر حتى سنة يقول الحرفي شيخة، فهناك بعض الأواني الخشبية التي يتطلب صنعها وتجفيفها وقتاً طويلًا. أما فيما يخص عملية التسويق فتعرف إقبالاً كبيراً للزوار بالمدن الكبرى وبالأخص الذين يعشقون كل ما له علاقة بالصناعات التقليدية، وعن الأسعار جاء على لسان محدثنا «أنها تخضع للجهد الذي بذله في إعدادها ولا يأخذ بعين الاعتبار نوعية الخشب لأن الزبون لا يفهم الفرق بينهما لذلك لا يدخله في ميزان تحديد السعر». شارك الحرفي شيخة في عدة تظاهرات ثقافية أين أتيحت له فرصة عرض منتوجاته التقليدية المميزة وتزيد خبرته عن 20 سنة، حيث كانت مشاركته بدعوة من دار الثقافة لتيزي وزو عبر 23 ولاية في إطار التبادل الثقافي بين تيزي وزوو الولايات الأخرى، كما شاك في عدة مهرجانات منها وهران، قالمة والصالون الوطني للصناعات التقليدية لتيزي وزو وغيرها من المدن الجزائرية.