حلّ الفنان السوداني الكبير وسفير النوايا الحسنة لمنظمة الأممالمتحدة، الدكتور عبد الكريم الكابلي، ضيفا عزيزا على الجزائر وذلك في إطار الأسبوع الثقافي السوداني ضمن تظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة العربية"· وبهذه المناسبة، نشّط الدكتور عبد الكريم الكابلي، أول أمس بالمعهد العالي للموسيقى، محاضرة تحت عنوان "ملامح من الغناء الشعبي السوداني"، أعقبها بأداء مميز لثلاث أغان سودانية· تحدث الدكتور عن أهمية الفن في حياة الفرد والمجتمع سيان، مؤكدا في السياق نفسه على دور الفنون في عملية تطور سيرورة الحياة، رغم أن تأثيرها غير واضح المعالم ولا يقبل القياس أو وضعه في إطار معادلة رياضية· وأضاف الكابلي أنه تمكن من وضع "نظرية" حول الفنون قسمها الى دائرتين الأولى تضم أقسام الفن وهي: الكلمة، النغم أو اللحن، اللون، المعمار، والحركة، والدائرة الثانية هي عملية التأثير التي تحدث بين هذه الأقسام، والتي إن صعب حسابها علميا، ستظهر نتائجها مع مرور الزمن· الكابلي، تناول أيضا في مداخلته قضية هامة، وهي الأخلاق، حيث اعتبر أن المثقف الحقيقي ليس ذاك الإنسان المتعلم صاحب المعرفة الواسعة وحسب، بل هو أيضا الشخص المتخلق والذي يحمل الصفات الحميدة، فالثقافة بالنسبة اليه موهبة وأخلاق وليست مسألة معرفة وكفى! وعن موضوع التراث وأهميته في تكوين الشخصية الوطنية، قال الدكتور أنه عندما ما ألقى أول محاضرة له وكان ذلك سنة 1960 في ثانوية بالسودان، كان كل اهتمامه وانشغالاته منصبة تماما في التراث بحكم أن الإنسان لا يقدر على الفكاك منه، لأنه يحمله في داخله ولأن التراث أيضا عبارة عن ميراث تركه الأجداد، إلا أنه بعد ذلك اكتشف محدثنا على حسب قوله بأنه كان على خطأ كبير إثر انشغاله كليا بالتراث وعدم اهتمامه بالمتغيّرات التي تحدث في الوطن والعالم· وفي هذا السياق أضاف الكابلي أنه من الضروري أخذ كل ماهو ايجابي من الماضي واستخدامه في الحاضر حتى نتمكن من الحصول على رؤية استشرافية للمستقبل، أي أن نعطي لماضينا وتراثنا نسبة مئوية متساوية مع أهمية اهتمامنا بالحاضر، لنستعد أكثر للمستقبل· بالمقابل توقف الكابلي عند نقطة حساسة تتمثل في تعدد عرقيات بلده السودان، حيث أكد أن تعدد عرقيات دولة ما قد يكون أمرا جدّ ايجابي لكن بتوفر شرطين أساسيين، هما الشعور بالإنتماء لنفس الوطن والعمل على الإتحاد فيما بينها وإلاّ لحدث الإنشقاق وظهرت العصبيات وتشتّت الدولة· للإشارة أدى عبد الكريم الكابلي بعد محاضرته ثلاث أغان، الأولى من التراث السوداني تحكي قصة امرأة ترثي أخاها الفارس المغوار الذي توفي على فراشه، والثانية حديثة تتناول تغزل الحبيب بحبيبته، أما الثالثة فهي حديثة أيضا ورقص على أنغامها سفير السودان بالجزائر وطلبة المعهد العالي للموسيقى، لحلاوة كلماتها وعذوبة أنغامها، فكانت مداخلة الدكتور بشقين نظري وتطبيقي· عبد الكريم الكابلي، شاعر، ملحن، مطرب وباحث في التراث الشعبي السوداني، متحصل على درجة الدكتوارة الفخرية للآداب وقلده رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة سنة 2002 وسام الاستحقاق، كما عين سفيرا للنوايا الحسنة لصندوق الأممالمتحدة للسكان· غنى للمتنبي والبحتري والعقاد، كما قدم مؤخرا أوبيرات سودانية، من تلحينه وكلمات الشريف زين العابدين الهندي، صفق له رؤساء مختلف دول العالم وبحثت عنه أم كلثوم لتصافحه عقب آدائه لأغنيته "أراك عصي الدمع" لأبي فراس الحمداني. *