أكد مؤرخون وأساتذة جامعيون، أمس الأربعاء، بالجزائر العاصمة، أن معركة "ايسين" الشهيرة التي شارك فيها الشعبان الجزائري والليبي ضد الاستعمار الفرنسي عام 1957 تعد رمزا تاريخيا خالدا من رموز المقاومة والكفاح المسلح ضد الاستعمار بين شعوب المنطقة المغاربية بصفة عامة وبين ليبيا والجزائر بصفة خاصة. وأوضح مختصون في التاريخ في ندوة تاريخية احتضنها مقر المجلس الشوري لاتحاد المغرب العربي بالعاصمة حول الذكرى ال55 لهذه المعركة الشهيرة تحت شعار "معركة ايسين محطة من محطات دعم الشعوب المغاربية للثورة الجزائرية، أن هذه الملحمة التاريخية التي وقعت في الحدود الجزائرية-الليبية ضد الاستعمار الفرنسي يوم 03 أكتوبر 1957 جسّدت الدعم المغاربي بالمنطقة لاسيما مساندة الشعب الليبي الشقيق لنظيره الجزائري في كفاحه المرير ضد فرنسا الاستعمارية. وفي هذا الاطار، أكد المؤرخ محمد عباس أن معركة "ايسين" التي امتزج فيها دم الشعبين الجزائري والليبي لم تكن ملحمة لتجسيد التضامن والدعم المادي والمعنوي الليبي للثورة الجزائرية بقدر ما كانت تعكس عمق العلاقات الثنائية الراسخة بين نضال الشعبيبن، حيث ساهمت بشكل كبير في دفع الثورة من خلال فتح جبهة استراتيجية زادت في توسيع رقعة الكفاح المسلح ضد الاستعمار الفرنسي. وأوضح السيد عباس أن هذا التضامن الذي قدّمته ليبيا لثورة التحرير المجيدة في هذا الاطار بإنشاء قاعدة جوية للامداد العسكري للثورة وتزويد المجاهدين بالأسلحة والذخيرة لطالما أرعب الاستعمار الذي حاول بشتى الطرق والوسائل الانتقام من الشعبين وتشتيت وحدتهم، معتبرا ما صنعه الجزائريون والليبيون في هذه المعركة رغم سقوط العشرات من الشهداء من الجانبين شاهدا حيا على امتزاج دماء الشعبين في سبيل الحرية والاستقلال. وتطرق المؤرخ إلى المجازر البشعة التي اقترفتها فرنسا الاستعمارية خلال هذه المعركة الشهيرة ومحالة عزل الثورة المسلحة ومنع كل محاولات تموينها من قبل الدول العربية المتعاطفة. مؤكدا أن ليبيا كانت بمثابة قاعدة الامداد العسكري والاستراتيجي لثورة الفاتح نوفمبر 1954 والمعبر الهام للأسلحة والذخيرة التي كانت تأتي من دول المشرق العربي. ومن جهته، أكد السيد عامر رخيلة أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر أن معركة ايسين تدل على قوّة وعراقة العلاقات التاريخية والاجتماعية بين الشعبين الجزائري والليبي وشعوب المنطقة المغاربية الداعمة للثورة ككل، داعيا الى تسليط الضوء أكثر على هذه الفترة التاريخية الهامة في النضال التاريخي للشعبين من أجل الاستقلال وتدوينها في البحوث الجامعية وأرشفتها حتى تبقى للأجيال القادمة. كما أوضح المجاهد أحمد محساس المدعو سي علي في تدخل له أنه كان من بين الأوائل الذين شاركوا في تهريب الأسلحة من ليبيا نحو الجزائر، مشيرا الى الدعم الليبي منقطع النظير اتجاه الثورة المسلحة من خلال تكوين لجنة تتكفل بعملية جمع التبرعات المالية. وشدّد السيد محساس على ضرورة الضغط على فرنسا للكشف عن أرشيف هذه المعركة التاريخية وتدوينه وجعله في متناول الباحثين والمؤرخين بمراكز البحث. ونوّه المجاهد بالعلاقات التي تربط شعبي البلدين مؤكدا أنها ليست وليدة اليوم بل هي امتداد لعلاقات سابقة في تاريخ العلاقات بين الجزائر وليبيا. وتندرج هذه الندوة التي بادرت بها جمعية مشعل الشهيد في اطار الاحتفالات بالذكرى ال50 لاسترجاع السيادة الوطنية. وبمناسبة مرور 55 سنة على هذه المعركة الخالدة في تاريخ الجزائر وليبيا.