أبدت الولاياتالمتحدةالأمريكية تحفظا على فكرة الاعتراف بحكومة مؤقتة تشكلها المعارضة السورية في الخارج مادامت هذه الأخيرة لم توحد صفوفها بما يمكنها لأن تكون طرفا يمكن التعامل معه على الصعيد الدولي. وعبر فليب غوردن مساعد كاتب الدولة الأمريكية المكلف بأوروبا في حديث لجريدة "لوموند" الفرنسية، أمس، عن رفض بلاده للفكرة بالقول إن "واشنطن تعتبر أنه من السابق لأوانه الاعتراف بحكومة مؤقتة للمعارضة السورية مادامت هذه الأخيرة لم تنظم صفوفها بعد ولدينا تحفظات بشأنها رغم أن "الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أعلن اعترافه بها". وتكون الولاياتالمتحدة من خلال هذا الموقف قد أعلنت رفضها الصريح لفكرة الحل السياسي، الذي اقترحته أنقرة ومعها باريس بإسقاط المبادرة اليمنية على الأزمة السورية من خلال استلام فاروق الشرع نائب الرئيس السوري بشار الأسد لمهام هذا الأخير ضمن خطوة أولى للشروع في مسار انتقالي في سوريا. وينبع الرفض الأمريكي من عدم قناعة الإدارة الأمريكية بإمكان نجاح هذه الحكومة في قيادة مرحلة انتقالية جد حساسة، خاصة وأن القوات المعارضة لم تتمكن إلى غاية الآن من فرض سيطرتها على أية منطقة من الأراضي السورية بما يسمح لها بقلب موازين القوة لصالحها. ويتأكد من خلال ذلك أن الولاياتالمتحدة لا تريد الوقوع في خطأ الاعتراف بالحكومة المؤقتة وهي تدرك مسبقا أن مثل هذا المقترح سيلقى الرفض القاطع من قبل روسيا والصين اللتين تدعمان بقوة النظام السوري في مجلس الأمن الدولي ووقفتا منذ اندلاع الأزمة في إجهاض أي قرار أممي يدين هذا النظام. وحتى تعطي مصداقية أكثر لموقف بلاده، قال فليب غوردن "لا نعتقد أن المعارضة مستعدة لتشكيل مثل هذه الحكومة"، معربا -في نفس الوقت- عن أسفه لعدم بلوغ المعارضة السورية درجة من التنظيم والتنسيق الكافيتين حتى تضطلع بمهمة تسيير المرحلة الانتقالية في سوريا. والمؤكد أن الموقف الأمريكي سيجعل المعارضة السورية تعيد ترتيب حساباتها وهي التي بقيت عاجزة عن التوصل إلى أرضية توافقية لتشكيل هيئة موحدة تضم كامل أطياف المعارضة الداخلية والخارجية حتى تحظى بدعم المجموعة الدولية. وسيحاول المجلس الوطني السوري، أهم أقطاب هذه المعارضة، مجددا إقناع مختلف التيارات المعارضة الأخرى الانضمام إلى صفه خلال اجتماع من المقرر أن يعقده الأسبوع المقبل بالعاصمة القطرية الدوحة. وفي انتظار ذلك، دعا الأمين العام الأممي بان كي مون، أمس، النظام السوري إلى إعلان وقف لإطلاق النار من جانب واحد وطالب القوات المعارضة باحترامه. وجاءت دعوة الرقم الأول في المنظمة الأممية في ندوة صحفية مشتركة عقدها مع الرئيس الفرنسي بالعاصمة باريس، أعرب خلالها عن قلقه العميق إزاء بلوغ الأوضاع في سوريا مستوى غير مقبول وغير محتمل، وقال إنه "لا يمكن استمرار معاناة السكان بهذه الطريقة". كما أضاف مون أن "الحكومة السورية تساءلت عما سيحدث إذا هي أعلنت وقفا لإطلاق النار... فأجبت أنني سأطالب القوات المعارضة باحترام وقف إطلاق النار"، كما جدد مون مطالبة الدول التي تزود طرفي النزاع المسلح في سوريا بالسلاح بالتوقف عن ذلك لأنه لن يزيد إلا من تعقيد مأساة الشعب السوري. وتزامنت دعوة مون مع حدوث تفجير مزدوج بسيارتين مفخختين استهدفتا، أمس، أحد مقرات جهاز المخابرات الجوية قرب العاصمة دمشق، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنه أسفر عن مقتل العشرات. لكن مصدرا أمنيا سوريا نفى وقوع قتلى وقال إن قوات الأمن تمكنت من إحباط عملية التفجير رغم انفجار إحدى السيارات المفخخة قرب المقر مخلفة إصابات عديدة. ولم تقدم لا المصادر الحقوقية ولا الرسمية أية حصيلة عن قتلى التفجير، الذي وقع مساء أول أمس وتبنته مجموعة مسلحة كانت مجهولة قبل اندلاع الأزمة تعرف نفسها باسم "جبهة النصرة". من جهة أخرى، أثار الرئيس فرانسوا هولاند التوتر الحاصل على الحدود بين تركيا وسوريا واعتبر أنه "إذا كان قد تم تفادي حدوث مزيد من التصعيد فإن ذلك يرجع إلى تركيا التي تحلت بالتعقل"، لكنه تساءل إلى متى سيستمر ذلك.في هذا السياق، تفقد قائد الجيش التركي، أمس، قواته المنتشرة عبر المنطقة الحدودية مع سوريا والتي شكلت مسرحا لعمليات قصف للمدفعية السورية أودت بحياة مدنيين أتراك، مما أثار أزمة بين البلدين الجارين. وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان قد أكد أن بلاده سترد على كل اعتداء يستهدف أراضيها.