أيام قلائل تفصلنا عن عيد الأضحى المبارك، وهي المناسبة العزيزة على نفوس الجزائريين، والتي يحسب لها المواطن بوهران أيضا ألف حساب، وهو الأمر الذي لاحظناه خلال الجولة التي قمنا بها في أسواق المدينة، حيث تعكف العديد من العائلات على اقتناء ما يلزمها من مستلزمات النحر على غرار السكاكين، السواطير وغيرها، والتي يحرص التجار على توفيرها للزبائن بأشكال وأحجام مختلفة، حيث يعج سوق المدينةالجديدة بالزبائن نظرا لأسعاره المنخفضة زيادة على توفره على سلع متنوعة. كما تعرف وهران في مثل هذه الأيام رواج حرفة شحذ السكاكين التي ترتبط بالمناسبة، حيث يغتنم العديد من الشباب العاطل الفرصة لممارسة هذه المهنة بنصب آلات الشحذ بالأحياء والأسواق الشعبية قصد تقديم هذه الخدمة للعائلات التي تعمد إلى إخراج ما عندها من سكاكين وسواطير لاستعمالها في نحر الأضحية، فيما يستغل عدد آخر من الشباب المناسبة لعرض مادة الفحم التي يضعونها في أكياس من مختلف الأوزان. وقد أكدت لنا السيدة «نجية»، التي التقناها بسوق المدينةالجديدة وكانت بصدد اقتناء مسلزمات عيد الأضحى على غرار الأدوات التي تستعملها في تحضير الأطباق التي تشتهر بها عاصمة الغرب الجزائري، حيث أكدت أنها تقوم بشراء التوابل قبل أن يقترب الموعد ويكثر عليها الطلب فيما تترك متطلبات النحر لزوجها وأولادها وهذا المتعارف عليه لدي العائلات الوهرانية، كما تقول السيدة نجية، لكل اختصاصه والدور المنوط به في مثل هذه المناسبات الدينية. كما لا تقتصر هذه التحضيرات على مستلزمات النحر فقط، فحتى قارورات غاز البوتان تصبح مطلوبة لأن السيدات يستعملن الطابونة، وبالرغم من ارتفاع أسعار الأضحية هذه السنة والتي فاقت بكثير مقدور العائلات المحدودة الدخل وحتى المتوسطة، إلا أن العديد منها يلجأ إلى طرق كل الأبواب الممكنة، حيث يعمد كل رب عائلة إلى إدخال الفرحة إلى قلوب أطفاله الذين لا يفقهون معنى الضائقة المالية ويصرون على أن يفاجئهم بكبش أقرن حتي يتباهوا به أمام نظرائهم، وتتجلى مظاهر الفرحة بالأضحية لدي العائلات الوهرانية بقيام الجدات بوضع الحناء على جبين الأضحية وربط شرائط زهرية اللون لها كنوع من الترحاب، مع أخذ صورا تذكارية لها مع الأطفال الذين يعتبرونها شيئا مميزا، خاصة سكان العمارات الذين يخصصون مكان أسفل البناية ليتم فيه ربط الأضاحي قبيل العيد. وتعمد ربات البيوت إلى التنظيف وصنع بعض أنواع الحلويات لتقديمها صباح العيد للمعايدين من الأهل والجيران، فيما تشتهر عاصمة الغرب الجزائري بأطباق وطقوس مميزة تتفق عليها أغلب العائلات صباح العيد بعد نحر الأضحية وتنظيف أحشائها فيما تعلق الأضحية وتترك لصباح اليوم الموالى لكي تجف من الدم، بينما هناك بعض العائلات التي تعمد إلى تقطيعها ويهدى منها للأهل، وكذا الجيران ممن لم يتمكنوا من شراء الأضحية من الفقراء والمساكين، هذا أهم ما يميز المجتمع الجزائري، لتنطلق عملية شواء «الملفوف»، وهو الطبق الرئيسي لدى الوهرانيين، وهو عبارة عن كبد مشوي مقطع مربعات متوسطة الحجم تلف بقطع من الشحم الشفاف - المحيط بالأمعاء ثم توزع على سلك خاص واحدة تلو الأخرى ويعاد شيها من جديد وتؤكل ساخنة بعدها تقوم ربات البيوت بتنظيف لحمة الرأس أو كما يعرف ب»البوزلوف»، حيث يتم تنظيف الرأس والأرجل على النار ويستحسن نار الحطب لأنها تساعد كثيرا على إزالة الصوف، يتم غسله ويقطع أطرافا ويغلى حتى يطبخ وهناك من تعيد إدخاله للفرن بعد تتبيله، ومنهن من يفضلن صنع مرق البوزلوف. أما الطبق الثالث الذي يميز هذه المناسبة، فيتمثل في طبق العصبان... فعيدا سعيدا وكل سنة والجزائر بألف خير.