أوضح الناقد السينمائي الفرنسي جان ميشال فرودو في الورشة المحترفة التي نظمها من أجل الصحفيين في إطار تظاهرة الايام السينمائية الفرنسية بالسينماتيك، أنه ليس ضروريا أن يلم الناقد السينمائي بالمعرفة السينماتوغرافية. مضيفا أن ما يهم هو كيفية ترجمة شعوره النابع من مشاهدته لفيلم ما لموضوع يحمل أفكاره. وأكد الناقد السينمائي الفرنسي جان ميشال فرودو عدم وجود قواعد سينمائية ثابتة في صنع الأفلام، مضيفا أنه من المرعب حقا تقليص مساحة السينما إلى نماذج معينة، معتبرا أن الفيلم قد يكون مقتبسا من رواية أو أغنية أو قصيدة أو لوحة وبالتالي فهو مختلف ولا يتشكل بالضرورة من قصة واضحة أو من عناصر مرتبة ترتيبا كلاسيكيا. واعتبر جان ميشال أنه ليس من الضروري أن يلّم الناقد السينمائي بالأدوات السينمائية أو أن يكون مختصا في الفن السابع رغم أن كل معرفة بأمر ما تزيد في العقل اشياء، مستطردا أن الناقد السينمائي هو ذاك الذي يحسن ترجمة مشاعره وإلبساها أفكارا ورؤى عديدة. وأكد المتحدث على ذاتية الناقد بل قال إن كل كتابة نقدية ذاتية مائة بالمائة كما طالب بالحرية التامة للكتابة النقدية معيبا على النقاد الذين يتحدثون باسم الآخرين كأن يكتبون أن فيلما معينا، جيدا الا انه لن يُعجب الشباب ليضيف أن الناقد هو ايضا من لا يسأم من مشاهدة الأفلام وان لا يكون دوره اقصاء الأفلام او اعطاء ميداليات لصانعيها بل تكمن مهمته في بناء جسر بين الفيلم والجمهور. وفي هذا السياق، قال المتحدث أن الناقد إنسان كغيره يتأثر بالمؤثرات الخارجية وبالتالي يمكن أن يكتب نقدا وهو في حالة نفسية سيئة وهو ما قد يترجم في الكتابة، لينطلق في تعداد ما أسماه ب«أعداء النقد السينمائي الأربع” وهم: السوق وتنظيمات الترفيه والصحفي والاستاذ المتخصص في النقد. وقال جان ميشال أن هناك من يعتبر أن مهمة النقد السينمائي تتمثل في خدمة الاشهار (السوق)، معتبرا أن وظيفة النقد ليست في تقديم خدمات للافلام من خلال الكتابة عنها مقدما مثالا عن أن نسبة ضئيلة من الجمهور (لا تتعدى 7بالمائة حسب دراسات ميدانية) يذهب إلى قاعات السينما لمشاهدة أفلام معينة بعد أن يكون قد قرأ عنها في المقالات النقدية. بالمقابل، اعتبر جان ميشال أن الناقد السينمائي هو الأول الذي يتحدث عن الافلام ويعطي الرغبة للجمهور في التوجه إلى قاعات السينما لمشاهدتها علاوة على توضيح ما ربما لا يمكن تفسيره في الفيلم، بالمقابل أصبح للفيلم عمرا اطول مقارنة من السابق، حيث كانت قاعات السينما الفضاء الوحيد الذي تعرض فيه الأفلام بينما أصبح اليوم يعرض في المهرجانات الكثيرة وعلى الاسطوانات والانترنت. واشار الناقد إلى أن المخرج الذي يكسب رضا النقاد بعمله الجيد ستفتح له الابواب في المستقبل والعكس صحيح، مستطردا قوله أن الناقد ايضا له دور في التعريف بالأفلام قليلة الاشهار وكذا الدفاع عن مختلف انواع الأفلام وعدم التعميم في النقد مقدما مثالا عن النقاد الذين يعتبرون أن افلام السينما على شكل سينما هوليوود سيئة وهو خطأ لانه لا يجب التعميم ابدا. وتوقف المتحدث عند العدو الثاني للنقد الا وهو تنظيمات الترفيه أي حينما يُعتقد أن النقد هو عبارة عن خدمة يقدمها الناقد للمستهلك أي أن النقد أصبح مجرد ترفيه يتمثل في وضع علامة الايجاب او السلب امام الأفلام مثلا بدون كتابة نقدية، أما العدو الثالث فهو ذلك الصحفي الذي يكتب عن فيلم ما بدون الاهتمام بحيثياته، حيث انه يكتب مقالا عن شيء آخر يتعلق ربما بموضوع الفيلم وليس عن الفيلم في حد ذاته مثل كتابته عن موضوع يتعلق بالثورة حينما يُراد أن يكتب عن فيلم موضوعه الثورة. أما العدو الرابع للنقد، حسب الناقد فهو الأستاذ المتخصص في النقد أي ذلك الذي درس النقد أي انه يتعامل مع الفيلم بطريقة نقدية خالية من العواطف وأكاديمية بحتة وهو ما يرفضه جان ميشال الذي يرى أن النقد عبارة عن عمل فني وأدبي في آن واحد بالإضافة الى دوره في تسليط الضوء على الأفلام التي يعتقد انها “تحفة فنية”، مضيفا أن الفيلم الناجح هو ذاك الفيلم الذي يجد فيه الجمهور ضالته من خلال إحساسه بقدرته هو أيضا على تقديم لمسته الخاصة للفيلم وهذا عن طريق اطلاق العنان لخياله. للاشارة، جون ميشال فرودو، صحفي وناقد وأستاذ تاريخ السينما، ولد سنة 1953، عمل ناقدا سينمائيا في الجريدة الأسبوعية “لوبوان” وكذا في الجريدة اليومية “لومند” ومن ثم اشتغل رئيس تحرير مجلة “كايي دو سينما” (كراريس السينما) إلى غاية سنة 2009، كما يشتغل ايضا في النقد السينمائي عبر الانترنت وله العديد من المؤلفات في عالم الفن السابع كما تحصل على جائزة “روني كلار” سنة 1995.