يرى المجاهد فريوة علي، سليل جيش التحرير الوطني وأحد أبناء هذا الوطن المخلصين الذين كانوا مستعدين لتقديم حياتهم قربانا للظفر بالحرية والذين ترسخت في أذهانهم مقولة أن الحرية تؤخذ ولا تعطى، أن جل الكتابات التاريخية حول ثورة التحرير تشوبها العديد من الأخطاء بسبب عدم التأكد من الأحداث من مصدرها وهو المجاهد والاقتصار على التواتر في نقل الحقائق. يؤكد المجاهد عمي علي المكنى وقت الثورة بيتي شاوي (الشاوي الصغير)، أن هناك خلطا في تحديد مكان وزمان استشهاد قائد معركة الجرف سنة 1955 البطل شيهاني بشير، معتبرا نفسه من الرجال القلائل الذين يعرفون هذه الحقيقة وأنه لا يريد نبش التاريخ من جديد قائلا فلنترك الرجل يستريح في قبره. وقد ولد المجاهد علي فريوة سنة 1936 بقرية الرباح بوادي سوف قبل أن ينتقل بعدها إلى خنشلة بعد ست سنوات من مولده رفقة عائلته التي كانت تبحث عن لقمة العيش، وعاد بنا عمي علي صاحب 76 سنة إلى سنوات خلت، حيث قال أن عمره كان يبلغ 18 سنة عندما اندلعت الثورة سنة 1954، وأنه كان يساند الثورة رفقة مجموعة من أقرانه من خلال نقل المؤونة من الفلاحين خلال موسم الحصاد وجمع الغلة وتقديمها للمجاهدين داخل الغابة، وقال أنه تحول بعد ذلك إلى نقل الرسائل من منطقة إلى أخرى ومن مركز إلى آخر بين المجاهدين وكان يقطع مسافة 8 كلم في الساعة ويتذكر جيدا رحلاته إلى سطيف عندما كان ينقل الرسائل، حيث كان يقطع المسافة في حوالي 24 ساعة. ويضيف عمي علي أن التحاقه بالجبل كان بتاريخ 25 جانفي 1955 بعد اكتشافه من طرف الجيش الفرنسي على إثر تسريب معلومات من طرف بعض الخونة حول طبيعة نشاطه، وقد التحق بأحد المراكز بين منطقتي الجحفة والقابل داخل غابة تكثر بها أشجار الزيتون لكن أحد الخونة سرب من جديد معلومات حول مكان تواجدهم إلى المستعمر الفرنسي مقابل منحه 10 هكتارات من الأراضي الفلاحية، ليعود بالذاكرة إلى ذلك اليوم بتاريخ 11 ديسمبر سنة 1957 وكان الطقس يومها باردا ومثلجا، حيث حاصرهم الجيش الاستعماري وتمكن من القبض على أحد مرافقي عمي علي وهو طبيب بعد أن أصيب على مستوى البطن ونقل من طرف جنود الاستعمار على متن حمار، ويصف عمي علي ذلك اليوم باليوم العصيب حيث يتذكر أنه كان يحمل معه وقتها قطعة كسرة صغيرة وسيجارة وكان بيده سلاح من نوع مات تشيكية الصنع وهو سلاح حسب محدثنا خفيف الوزن يحدث ضجيجا أكثر مما ينفع في القتال، كان يخيف به الطائرات الكشافة التي كانت تلاحقه أثناء فراره والتي كانت لا تبعد سوى ببعض الأمتار عن رأسه حيث يقول أنه كان يرى الطيارين داخل الطائرة ويصف بدقة القبعات على رأسيهما التي وهي قبعات بنية فاتحة اللون تحمل شريطا دائريا أزرق وآخر فوقه أحمر، وكان يسمع حتى نداءهما، حيث كانا يطالبانه بالاستسلام بعبارات أرواح...أرواح، لكنه كان يرد عليهما بالرصاص وبعد قطع مسافة حوالي 2 كلم، تمكن من دخول الغابة والاختفاء عن أعين الطائرات الكشافة. ويقول المجاهد علي فريوة المتقاعد من محطة التلفزيون بقسنطينة، أنه كان ينشط بين سنوات 1955 و1958 في الولاية الأولى وانتقل بعدها إلى الولاية الثانية مع القائد عباس لغرور. ويقول عمي علي فريوة أنه عمل مع العديد من الأسماء منهم من استشهد ومنهم من هو على قيد الحياة، حيث تحتفظ ذاكرته بأسماء حسين أنفر، السعداوي، الرميلي، مسعود يبن عيسى، عمار شكاي، عباس لغرور والشاذلي بن جديد الذي يقول بشأنه أنه كان ضمن مجموعته التي هاجمت واحتلت منطقة عين الزانة بأم الطبول بالطارف بينما كان قادة الجبهة يتفاوضون مع المستعمر بإفيان.