الثقافة الغربية عموما ثقافة استعمارية استعلائية وأشرس الثقافة في هذا المجال الثقافة الفرنسية لأنها ثقافة إقصائية وانعكست ممارستها في البلدان التي استعمرتها وفي الجزائر أكثر من غيرها. فقد تعلمنا في دراستنا الأكاديمية أن الاستعمار أنواع، منه المصلحي وهو الاستعمار الانغلوسكسوني والاستعمار الفرنكفوني الذي جاء لمسخ الآخر ثقافيا وأخلاقيا وقيميا وخير دليل على ذلك أن فرنسا احتلت الجزائر بشعار "السيف في يد والأنجيل في الأخرى". وقد عملت بكل ما أوتيت من قوة مدمرة على مسخ الهوية الوطنية بكل أبعادها عن طريق التنصير والتجهيل والتفقير والتهجير والقتل الجماعي باختصار عمدت إلى الإبادة الجماعية لشعب رفض الاستعمار الفرنسي منذ الوهلة الأولى. وفرنسا الرسمية اليوم هي وريثة فرنسا الاستعمارية بالأمس تتحمل عبئها التاريخي بكل ما يمثله من إيجابيات وسلبيات وتاريخها في الجزائر كان دائما سلبيا ووصمة عار في جبين الإنسانية المعاصرة لأنه جاء ليناقض مبادئ الثورة الفرنسية نفسها. ومحاولات فرنسا التهرب من ماضيها الاستعماري في الجزائر ومن المجازر التي ارتكبتها في حق الشعب الجزائري تدخل في خانة النفاق الدبلوماسي الذي لا يغني الضحية ولا يسمنها من جوع. إن الإرث التاريخي بين فرنساوالجزائر يتطلب الكثير من الشجاعة ونكران الذات بل وكثيرا من التواضع من أجل النظر إلى الواقع كما هو وإذا حدث ذلك لا تتأخر فرنسا الرسمية اليوم عن الاعتراف بجرائم فرنسا الاستعمارية بالأمس، بل وبالاستعمار في حد ذاته لأنه كان جريمة الجرائم.