استقبل رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، أمس، بالجزائر المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية السيد كريستوفر روس. وحضر اللقاء الذي جرى بإقامة جنان المفتي، وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي والوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية السيد عبد القادر مساهل. وفي تصريح للصحافة عقب الاستقبال، قال السيد روس أنه "على الصعيد الشخصي أود أن أساهم في التوصل إلى حل ينهي النزاع ومعاناة الأسر الصحراوية المشتتة، حل يعزز الأمن والاستقرار في شمال إفريقيا والساحل ويمكن من استكمال بناء اتحاد المغرب العربي". وأضاف "لقد استمر النزاع في الصحراء الغربية بما فيه الكفاية (37 سنة) وعلى أهل الخير أين ما كانوا أن يلتفوا عاجلا حول حل مشرف للجميع لهذه القضية". وذكر السيد روس أنه منذ تعيينه في جانفي 2009 كمبعوث خاص عمل على "تسهيل" المفاوضات المباشرة بين المملكة المغربية وجبهة البوليزاريو بمساعدة الدولتين المجاورتين الجزائر وموريتانيا وبمؤازرة الأسرة الدولية "للتوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين (المغرب وجبهة البوليزاريو) يكفل لشعب الصحراء الغربية الحق في تقرير مصيره". وعبر في هذا السياق عن أسفه لعدم إحراز أي تقدم يذكر نحو هذا الهدف "بالرغم من عقد اجتماعات وجولات عديدة من المفاوضات والمحادثات". وبخصوص جولته الجديدة في المنطقة، أبرز السيد روس أنها ترمي "للمساهمة في تقييم ما جرى خلال السنوات الخمس الماضية من مفاوضات مباشرة ولمناقشة الأفكار والآراء حول أفضل السبل لإحراز تقدم حقيقي في العملية التفاوضية وللنظر في تأثير التطورات الأخيرة في شمال إفريقيا والساحل على قضية الصحراء الغربية". وفي هذا الصدد، أوضح أنه أجرى محادثات "مطولة" و«مفيدة" مع الرئيس بوتفليقة ووزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي ومع الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية السيد عبد القادر مساهل حول هذه النقاط. كما أكد أنه تم التطرق مع المسؤولين الجزائريين إلى العلاقات بين الجزائر والمغرب و«الخطوات المقبلة" في مسار بناء اتحاد المغرب العربي. وصرح السيد روس أنه سيطلع الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون بعد عودته إلى نيويورك على نتائج جولته إلى المنطقة كما يقدم تقريرا بشأنها لمجلس الأمن في أواخر شهر نوفمبر. وكان المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة قد وصل الجزائر، أمس، في إطار جولته في المنطقة لبعث المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليزاريو، طبقا للوائح مجلس الأمن. وقد استقبل السيد روس بالجزائر من قبل الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية السيد عبد القادر مساهل بعد زيارة قادته إلى الأراضي المحتلة، شكلت منعرجا حاسما في موقف الأممالمتحدة والمجتمع الدولي حيال القضية الصحراوية. ويوجد السيد روس في الجزائر في إطار جولة بالمنطقة من أجل إعادة بعث المحادثات بين المغرب وجبهة البوليزاريو لإيجاد حل لقضية الصحراء الغربية يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. وشكلت زيارة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الأراضي المحتلة التي دامت ثلاثة أيام "صفعة" في وجه المغرب الذي يحتل الصحراء الغربية منذ 1975. وكان المغرب قد سحب الثقة من كريستوفر روس قبل أن يتراجع ويوافق على إبقائه من قبل الأممالمتحدة في مهمته. وقام السيد روس خلال جولته الإقليمية بزيارة المغرب ولأول مرة الأراضي المحتلة لتقييم خمس سنوات من التفاوض المباشر بين جبهة البوليزاريو والمغرب والحصول على أفكار جديدة حول أنجع الطرق لتحقيق تطور حقيقي في مسار المفاوضات. وسيقدم السيد روس الذي يدعم حلا سياسيا عادلا ودائما ومقبولا من كلا الطرفين يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره عند عودته الى نيويورك نتائج زيارته للأمين العام الأممي. ورغم أن زيارة السيد روس إلى الأراضي المحتلة شكلت بالنسبة للقضية الصحراوية "مكسبا لا يستهان به" على المستوى الدبلوماسي، فإنها بالمقابل أدت إلى قمع غير متوقع بالعيون، حيث تعرض السكان للعنف على يد قوات الاحتلال المغربية حسب شهادات نقلتها وسائل الإعلام والمنظمات الإنسانية عبر العالم. وصرح المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة الذي التقى بعدة مسؤولين وأعضاء من منظمات المجتمع المدني الصحراوي، أن محادثاته مع الأمين العام لجبهة البوليزاريو السيد محمد عبد العزيز ولقاءاته مع المجتمع المدني الصحراوي "ساهمت بشكل كبير" في البحث عن حل سياسي يضمن للشعب الصحراوي حقه في تقرير المصير. كما استقبل السيد كريستوفر روس من قبل الوزير الأول السيد عبد القادر طالب عمر الذي جدد له دعم جبهة البوليزاريو والحكومة الصحراوية لمساعيه الرامية إلى التوصل إلى حل يضمن حق الصحراويين في تقرير مصيرهم. وأشار الوزير الأول إلى أن الأمر يتعلق بالنسبة لروس بتعجيل تطبيق لوائح وتوصيات مجلس الأمن، لا سيما تلك المتعلقة بتنظيم استفتاء لتقرير المصير ورفع الحصار المفروض على المنطقة وإدراج مسالة التكفل بحقوق الانسان في عهدة المينورسو (بعثة الأممالمتحدة من أجل تنظيم استفتاء في الصحراء الغربية)، إضافة إلى وضع حد لنهب ثروات الإقليم الذي يبقى تحت المسؤولية المباشرة للأمم المتحدة في انتظار استكمال مسار تصفية الإستعمار لآخر مستعمرة في إفريقيا. وتوجه روس بعدها إلى بوجدور، حيث التقى اعضاء حركة الدفاع عن حقوق النساء وجمعية عائلات المعتقلين والمفقودين الصحراويين، الذين أكدوا له أن أي انسداد لن يزيد إلا من تعزيز تمسك الصحراويين بقضيتهم وعزمهم على انتزاع حقهم في تقرير مصيرهم بشتى الوسائل الممكنة. وفي تقريره الاخير ندد الامين العام لمنظمة الاممالمتحدة السيد بان كي مون بالعراقيل التي يضعها المغرب أمام بعثة الاممالمتحدة من أجل تنظيم استفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو)، حيث أعرب عن اسفه لكون ان هذه "العراقيل" تمنع هذه الأخيرة من أداء مهمتها على أكمل وجه وبكل "مصداقية" في الأرضي الصحراوية المحتلة. وأضاف أن "المينورسو" غير قادرة على ممارسة مهامها المتمثلة في مراقبة حفظ السلام وليست لها أي سلطة لتفادي تفكك دورها". وفي لائحته 2204 (2012) التي تمت المصادقة عليها بالاجماع في افريل الفارط، دعا مجلس الامن طرفي النزاع (جبهة البوليزاريو والمغرب) إلى "مواصلة المفاوضات تحت رعاية الامين العام لمنظمة الاممالمتحدة دون شروط مسبقة وبنية صادقة من أجل التوصل إلى حل عادل ودائم ومقبول من كلا الطرفين، يسمح للشعب الصحراوي بتقرير مصيره في اطار اتفاقات تتطابق مع اهداف ومبادئ ميثاق الاممالمتحدة". وتعد الصحراء الغربية آخر مستعمرة في إفريقيا وتعتبرها الاممالمتحدة إقليما غير مستقل منذ 1966.