بعد أيام من التقلبات الجوية التي مست خصوصا المناطق الغربية للوطن، عاد الصحو ليميز أغلب الولايات، ومعه بدأت عملية تقييم النتائج السلبية وحتى الإيجابية للتدهور الذي عرفته حالة الطقس. فالبرغم من أن التقلبات وللأسف أدت إلى تسجيل وفيات وخسائر مادية معتبرة، فإنها بالمقابل أدت إلى امتلاء بعض السدود لمستوى غير مسبوق. وفي آخر حصيلة قدمت من طرف مصالح الحماية المدنية تم الكشف، أول أمس، أنه تم العثور بتلمسان على خمس جثث داخل سيارة جرفتها المياه بوادي تافنة بعد الأمطار الغزيرة التي شهدتها المنطقة، حسبما علم لدى مسؤول خلية الاتصال بالمديرية الولائية للهيئة المذكورة. وأوضح نفس المصدر أن جثث الركاب وهم رجلان وامرأتان وطفل كانت داخل السيارة التي ظلت مفقودة منذ يوم الثلاثاء الماضي. وتم نقل الضحايا إلى مصلحة حفظ الجثث للمستشفى الجامعي لمدينة تلمسان. وكانت هذه المركبة التي سقطت خلال الاضطرابات الجوية الأخيرة من جسر قرية "فاطمي العربي" التابعة لدائرة الرمشي محل بحث مكثف من طرف عناصر الحماية المدنية الذين ساعدهم في العثور عليها انخفاض منسوب مياه الوادي بعد توقف تساقط الأمطار. كما عثرت مصالح الحماية المدنية بالنعامة، أول أمس، على جثة الشخص الذي فقد مؤخرا بموقع يبعد بنحو 8 كلم عن مقر بلدية مكمن بن عمار بأقصى شمال غرب الولاية كما علم من ذات المصالح. وكانت سيول وادي ليتمية قد جرفت هذا الشخص المدعو (مرابط ن 29 سنة) والذي كان محل بحث منذ الساعات الأولى من يوم الأربعاء، حيث تم إنقاذ شخصين كانا برفقته على متن مركبة جرفتها سيول الوادي قبل أن ترمي بها بعيدا عن الطريق الوطني رقم 22 بإقليم البلدية والذي كان مقطوعا أمام حركة المرور جراء هذه السيول. وتم إجلاء جثة الضحية إلى مصلحة حفظ الجثث بمستشفى الإخوة رحماني بمدينة المشرية، كما ذكرت مصالح الحماية المدنية. للتذكير، فإن ذات المصالح قد تمكنت خلال اليومين الأخيرين من إنقاذ 28 عائلة غالبيتها من الموالين القاطنين بسهوب الولاية بعد أن جرفت المياه خيمهم التي نصبوها بمحاذاة مجاري الأودية. كما تم انتشال حافلتين لنقل المسافرين كان على متنهما 57 راكبا جرفتهما سيول الأمطار بمنطقتي خبازة ببلدية البيوض وبوعرفة شمال بلدية عين الصفراء إضافة إلى انتشال العديد من المركبات العالقة بالأودية. لكن الساعات الأخيرة سجلت عودة حركة المرور إلى مجراها الطبيعي بعد تحسن حالة الطقس، وسجلت سيولة عادية لسير المركبات عبر كامل شبكة المحاور طرقات ولاية النعامة. نفس التحسن شهدته ولاية وهران بعد يومين من التهاطلات الغزيرة والرياح القوية التي تسببت في بعض الأضرار والإضطرابات في الحياة اليومية للسكان، حيث قضى سكان بعض المناطق بوهران منها حي "الصنوبر" (بلانتور سابقا) وحي "رأس العين" ليالي بيضاء خوفا من انهيار جدران وأسقف منازلهم القديمة والهشة. ومع توقف تساقط الأمطار اكتشف الوهرانيون آثار هذه التقلبات الإستثنائية من أشجار مقتلعة وأعمدة كهرباء منقلبة وطرق مهترئة وبرك مائية لاسيما على مستوى مفترقات الطرق لمدينة وهران والضاحية. ويعود ركود المياه ببعض المواقع لعدم صيانة قنوات صرف المياه ولكن هذه المرة كانت أقل حدة، حيث لم تشهد وهران تحجر مياه كثيرة. ومع ذلك تبقى مضاعفة عدد قنوات صرف المياه وصيانتها ضرورية للقضاء على جميع النقاط السوداء. ويعكف عمال البلدية وأعوان النظافة بالتناوب على تسريح قنوات صرف المياه وتنظيف المدينة بعد هطول أمطار غزيرة تجاوزت في معدل 35 ملم. ومن ناحية أخرى، فقد استؤنف تزويد العديد من المناطق بالطاقة الكهربائية بعد انقطاعها نتيجة سقوط خطوط كهربائية بسبب الرياح القوية وذلك بفضل تجنيد تقنيين من مديريتي توزيع الكهرباء لوهران والسانية. وسجلت مديرية توزيع الكهرباء لوهران خلال ال48 ساعة الأخيرة أكثر من 200 تدخل بأحياء مختلفة من وهران وبئر الجير. وكانت مناطق الغرب قد عاشت على وقع قطع عدة طرقات أمام حركة المرور جراء التقلبات الجوية. وأوضحت قيادة الدرك الوطني أن الأمر يتعلق بولايات البيض ومعسكر وسعيدة وبشار وسيدي بلعباس وذلك بسبب فيضان أودية الغربي وسيفون وأولاد ملوك وزوزفانا ببنت السلطان وماكرة. كما تسببت التقلبات الجوية والفيضانات كذلك في انهيار جسري واد سوقر وسيدي سالم. وإذا كانت هذه الفيضانات سببا في خسائر مادية وبشرية، فإنها بالمقابل سمحت بتدعيم المنشآت المائية في هذه المناطق، حيث استفادت تيسمسيلت من 1 مليون و600 ألف متر مكعب من المياه الإضافية بفضل التساقطات الأخيرة، حسب مدير الري بالولاية السيد موسى لبقع الذي قال أن سد "كدية الرصفة" ببلدية بني شعيب قد استقبل قرابة 960 ألف متر مكعب من المياه فيما سجل سد "بوقارة" أزيد من 600 ألف متر مكعب فيما تتوزع الكمية المتبقية على سد "مغيلة" (العيون) والحواجز المائية المتواجدة بمناطق عماري وأولاد بسام وخميستي وسيدي عابد وثنية الحد و«بوزغزة" (لرجام). وقد ساهمت الأمطار المتساقطة خلال الأيام الماضية في ارتفاع نسبة امتلاء سدود الولاية إلى ما يقارب 93 بالمائة بحوالي 90 مليون متر مكعب من المياه استنادا إلى ذات المسؤول. وأشار إلى أن الاحتياطي المسجل حاليا بسد "كدية الرصفة" (الذي تصل طاقة استيعابه الى 73 مليون متر مكعب) والمنجز لتموين 14 بلدية بالماء الشروب يسمح بضمان تزويد السكان لمدة خمس سنوات في حالات الجفاف. للتذكير، فقد تراوح معدل كميات الأمطار المتساقطة خلال الأيام الماضية بولاية تيسمسيلت ما بين 40 و70 ملم. كما تعزز منسوب المياه المخزنة بسد "وادي الفضة" وسد "سيدي يعقوب" بولاية الشلف بكمية إضافية تجاوزت مليوني متر مكعب عقب الأمطار الأخيرة حسبما ذكرته مديرية الري بالولاية.