أرجعت كل من الأخصائية النفسانية مريم ثميني ورشيدة بارود، تنامي ظاهرة العنف ضد المرأة إلى التزامها الصمت وعدم التبليغ ضد المعتدي، سواء أكان الزوج أو الأخ أو الأب من منطلق غياب آلية قانونية ردعية تؤمن للضحية المعنفة الحماية اللازمة. على هامش الأبواب المفتوحة التي نظمتها مديرية النشاط الاجتماعي بالتنسيق مع جمعيات نسويه بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة الموافق ل 25 نوفمبر من كل سنة، تحدثت الأخصائية النفسانية رشيدة بارود ل «المساء»، عن مجموعة من الأسباب التي أدت إلى تفاقم الظاهرة والتي أرجعتها بالدرجة الأولى إلى ما أسمته «بجدار الصمت» الذي يغذيه الخوف والخجل، حيث قالت «إذا كان المقصود من العنف هو كل سلوك عدواني تكون فيه الضحية امرأة، فإن ما ينبغي لهذه المرأة المعنفة أن تدركه هو أن سكوتها وراء إهدارها لحقها في التحرر من العنف الممارس ضدها، وهو ما نعمل على توعية المرأة به من خلال الحالات التي تعرض علينا». وأضافت قائلة، من جملة الأسباب التي غذت ظاهرة العنف أيضا، نذكر الاضطرابات النفسية التي يعاني منها المعنف، والتي في كثير من الأحيان تتفاقم بسب افتقار المجتمع الجزائري لثقافة عيادة الطبيب النفساني الذي يقدم في كثير من الحالات الحلول التي تساعد في إخراج المرأة المعنفة من حالة العنف الممارس ضدها، عن طريق معالجة الشخص المعنف والتكفل به. وهو ما لا نجده بالمجتمع الجزائري، وإن حدث وقصد الشخص المعنف الأخصائي النفساني لا تكون هنالك متابعة، أي أن العلاج النفسي لا يكون دوريا، ناهيك أيضا عن تنامي ظاهرة تعاطي المخدرات التي تعد هي الأخرى من أهم العوامل التي غذت العنف، بدليل أن هنالك العديد من الحالات التي عرضت علينا أفادت صاحباتها أنهن لم يكن على علم بأن أزواجهن مدمنون على المخدرات، وبمجرد نفاد كمية المخدر يبحثون عن أتفه الأسباب للتخلص من حالة القلق التي يعانون منها عن طريق إفراغ شحنات الغضب فيهن، وفي المقابل تكون النسوة المعنفات مجبرات على التحمل في سبيل حماية الأسرة، وخاصة الأطفال الذين يعدون أيضا من ضحايا العنف، تقول الأخصائية النفسانية رشيدة. وجاء على لسان محدثتنا، أن غياب لغة الحوار أدت إلى تفاقم ظاهرة العنف ونتج عنه عنف من نوع آخر، تقول «لم نعد نجد أن العنف يمارس فقط من الرجل على المرأة، بل يمارس من المرأة على امرأة أخرى أي أن المرأة هي الأخرى تحولت إلى مصدر للعنف، ببساطة لان المجتمع الجزائري يعتمد على لغة العنف عند التحاور أو لدى مواجهة بعض مشاكل الحياة اليومية». من جهتها، تحدثت الأخصائية النفسانية مريم عن مجموعة من الحلول الكفيلة بالحد من الظاهرة، حيث قالت في حديثها ل «المساء»، أن التقليص من تنامي الظاهرة مرهون بتكاتف الجهود، ولعل أول ما ينبغي التركيز عليه هو التكثيف من الحملات التحسيسية، خاصة على مستوى المساجد، باعتبار أن الخطاب الديني لديه أثره في تقويم الذات البشرية، وهي أيضا وسيلة لتصحيح بعض المفاهيم الاجتماعية التي تربى عليها بعض المواطنين والتي تنطلق من المفهوم الخاطئ لبعض التعاليم الدينية الداعية إلى تأديب المرأة، هذا من ناحية، ومن جهة أخرى لابد من تشجيع الأسر الجزائرية على زيارة عيادات الأخصائيين النفسانيين كونهم الأقدر على مساعدة هذه الفئات على مواجهة مشاكلها والخروج منها. وأضافت المتحدثة قائلة، إخراج المرأة من صمتها لا يتحقق إلا بمنحها بعض الضمانات التي تؤمن لها الحماية الأزمة لحثها على كسر جداره والمطالبة بحقوقها، وهذا لن يتحقق إلا بوجود نصوص قانونية ردعية تعاقب الشخص المعنف، إلى جانب تنظيم دورات توعوية لفائدة الجنس الذكوري في مراحله العمرية الأولى يتم فيها التركيز على كيفية معاملة المرأة، وعلى وجوب احترامها، دون أن ننسى التأكيد على لغة الحوار الجاد والصريح الذي يعد اللبنة الأولى لبناء أسرة سوية خالية من العنف.