ونحن نودع سنة 2012 ونستقبل سنة جديدة نتمنى أن تكون سنة أمن واستقرار ورخاء بالنسبة للجزائر والجزائريين، لابد من التوقف عند محطة العلاقات الجزائرية- الفرنسية، والتي كانت محل خلاف وجدل طوال سنوات عهدة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، إلا أن بداية عهدة الرئيس الحالي فرانسوا هولاند شهدت انفراجا سياسيا وأعطت بارقة أمل من خلال اعترافه بالمجازر الرهيبة التي تعرض لها الجزائريون في ال17 من أكتوبر 1961، وسعيه لإقامة علاقات ثنائية مميزة مع الجزائر، وخاصة بعد زيارة الدولة التي قام بها للجزائر، والتي اعترف من خلالها أمام ممثلي الشعب في البرلمان بغرفتيه بأن نظاما استعماريا عنيفا ومدمرا وجائرا سلط على الجزائريين مدة 132 سنة من الإحتلال وأن لاشيئ يمكن من وجهة نظره أن يبرر الاعتداءات المرتكبة في حق الشعب الجزائري، وخص بالذكر مجازر سطيف وقالمة وخراطة. كل ذلك يعد مؤشرا على أن العلاقات بين البلدين تسير نحو إرساء أسس متينة مبنية على الندية والمصالح المشتركة وطي صفحة الماضي دون تمزيقها، وهذه كانت نظرة غالبية الجزائريين، إلا أن اليمين الفرنسي المتطرف هو من عمل على نبش الماضي باستفزازاته المتكررة لضحايا الاستعمار الفرنسي في مستعمراته، من خلال إصدار قانون 23 فيفري 2005 الذي يمجد الاستعمار ويبرر كل الجرائم التي ارتكبها في حق الجزائريين وكل شعوب المستعمرات الأخرى. وإذا كان فينا من اعتقد أن صفحة الاستعمار قد تطوى وتنتهي بزوال جيل المجاهدين وأبنائهم وأبناء الشهداء فإنهم واهمون، وإذا سلمنا بأن ذلك صحيح، فإن اليمين الفرنسي المتطرف لم ينس ذلك، من خلال سعيه إلى تنفيذ بنود قانون 23 فيفري على الواقع، بإنشاء هيئة الذاكرة وحرب الجزائر والمغرب وتونس، لتغرس ما يحملونه من حقد على الجزائريين في وجدان الأجيال الفرنسية القادمة، ويبررون أفعالهم الإجرامية من باب أنهم رسل تمدن وحضارة، متجاهلين بأن الجزائر قبل الاحتلال كانت أمة متمدنة تنعم بحضارة الاسلام، وقعت العهود والمواثيق مع العديد من الدول الغربية ومن بينها أمريكا، وكانت الأساطيل تمخر عباب البحر المتوسط طولا وعرضا، وكانت لنا أفضال على فرنسا، وهي مدينة لنا، وحين احتلتنا عنوة وجدت خزائننا مليئة ذهبا وفضة، ومن ثم فإن ما وقع لشعبنا جرائم ضد الإنسانية وذنب لا يغتفر، ولا يكفي فيه الاعتذار، بل الاعتراف والتعويض.