احتضنت قاعة الأطلس بباب الوادي مجموعة من الأنشطة الثقافية الخاصة بالأطفال لأزيد من أسبوع، بغرض مشاركتهم أيام العطلة الشتوية بمسرحيات هادفة تنمي ذكاء الطفل وتخرجه من أجواء الرتابة، حيث كانت هذه الأيام فرصة ذهبية للأطفال المحرومين من النزهات للتنفيس عن الذات، كما شاركهم الآباء هذه المتعة أيضا. استمتع عشاق المسرح الصغار طيلة هذه المدة، بعروض مسرحية من إمضاء مخرجين وممثلين من ولايات مختلفة من الوطن، حيث جاءت كل مسرحية حبلى بحكاية ومغزى ورسالة، استنبطها الأطفال وفهموا معانيها من خلال مشاركتهم القوية في فعاليات المسرحيات التي شاهدوها، وعلت أصواتهم الصغيرة مشجعة الفعل الخيري، كما هاجموا بشدة كل ما هو شر وله علاقة بإلحاق الضرر بالآخر، في صورة تعكس حرص العائلة الجزائرية على تقديم مجموعة من القيم الإيجابية لأبنائها، حيث صادف وجودنا عرض بعض المسرحيات من بينها ”ساعي البريد” لجمعية النبراس من الجلفة للمخرج تومي سعيد، التي تطرقت الى عمل ساعي البريد الأمين وعمله النبيل والمتمثل في إيصال الرسائل والطرود لأهاليها، حيث تعرض الساعي لسرقة الهدية التي كانت بين يديه من طرف سكان الحديقة الهانئة، لتتعالى أصوات الأطفال في كشف السارق الذي أخد الهدية، علاوة على تفاعلهم القوي وإخبارهم الساعي بأن الهدية المسروقة مخبأة وراء الشجرة، حيث خلقت أطوارها حماسا كبيرا لدى الأطفال الذين عاقبوا السارق والكاذب بطريقتهم الخاصة والمتمثلة في الطرد، علاوة على التنفيس الذي بدا من خلال أصواتهم الحانية المتعالية هنا وهناك ومن مختلف الأعمار أيضا، حيث تراوح عمر الجمهور الصغير المشارك بين 4 و14 سنة. وقد شهد الصغار مجموعة معتبرة من الأعمال المسرحية التي حملت رسائل مختلفة، منها الإحسان للآخر، عمل الخير وحبه ونجاحه في كل الحالات، مساعدة المحتاج، ومن بين الأعمال المقدمة خلال هذه العطلة، مسرحية ”سلمى والغراب” لجمعية البراعم للنشاطات الثقافية – بسكرة - ”الحروف” لجمعية ولد عبد الرحمان كاكي”، ”حديقة مايا” لجمعية ثقافة بلا حدود ، مسرحية ”النملة والدبور” للجمعية الثقافية اثرات تيزي وزو. وقد أكدت لنا بعض العائلات التي رافقت أبناءها في أكثر من مسرحية، أن هذا النشاط التربوي تكملة لعمل المدرسة التي تقدم للطفل الكثير من الأمور الهامة والنبيلة، وان مسرح الطفل في حد ذاته مدرسة قائمة بذاتها نظرا لجمالياته والرسائل المختلفة التي يقدمها، وفي هذا الصدد تقول السيدة ”حياة” التي جاءت رفقة أبنائها الثلاثة ” جئت من القبة لأشاهد ثاني عرض اليوم رفقة أبنائي بعدما أعجبوا بالعرض السابق والخاص بحكيم طرايدية، بحيث شعرت أنهم يطيرون في السحاب من فرط السعادة، وبعد مشاهدتهم لساعي البريد لاحظت مجموعة من الانفعالات وردود الأفعال المختلفة التي جعلتني أشعر بالسعادة، لأنه أبنائي بكل بساطة يفهمون ما يقدم لهم من نصائح في المدرسة والبيت والمسرح أيضا”. أما منى وريم ونريمان صغيرات في السادسة والثامنة من العمر جئن لمشاهدة المسرحيات للتعرف عن قرب على المسرح، لأنها المرة الأولى التي يتعرفن فيه على هذا الفن، فأجمعن على أنهن لن يتأخرن في مشاهدة العروض المتبقية، وكذا الإقبال كلما سنحت الفرصة، تقول نريمان ” والدي معلم يصر على اصطحابنا لمشاهدة النشاطات الثقافية آو اللعب في الحديقة، وأنا اليوم جد مسرورة لمشاهدة مسرحية تعلمت منها أن الخير يغلب دوما وأبدا، وأن الشر والأشرار لا ينجحون”. وعلاوة على المتابعة، جادت حناجر الصغار ببعض الأناشيد والأغاني الرياضية التي تقدم في نهاية العروض والتي تنشطها آمال، الشابة التي حملت على عاتقها مهمة إسعاد الطفولة، بحيث تصنع من لحظات الختام شوقا ليوم آخر يطلب فيه الطفل من والديه مرافقته للمسرح للاستماع بالأعمال المقدمة، ومشاركة أترابه بعض الأغاني الرياضية الرائجة وأغنية الحديقة الساحرة الهادئة التي تحمل في طياتها دفء الأمومة وعشق الحياة. وحول هذا النشاط المسرحي، قالت المنشطة آمال ” لقد عشنا 10 ايام كاملة من عمر عطلة الشتاء في أجواء يمكن وصفها بالرائعة والمميزة، حيث رافقنا الأطفال بعروض خاصة قدمها ممثلون مختصون منهم حكيم طرايدية المختص في مسرح الطفل، وجمعيات فاعلة في الميدان، الى جانب تألق الأطفال أنفسهم، لأن الأعمال الفنية والأدبية والتربوية المقدمة في هذه المسرحيات والموجهة للأطفال من إمضاء الأطفال أنفسهم، فقد كان حضور العائلات معتبرا، كما أننا نعدهم ببرنامج مميز خلال عطلة الربيع، علاوة على تواصلنا معهم طيلة أيام السنة وبالضبط يوم السبت على الساعة العاشرة صباحا بقاعة الأطلس، حيث نعدهم كل يوم بالجديد”. الجدير بالذكر، أن هذه المسرحيات تحت إشراف الديوان الوطني للثقافة والإعلام.