أجمع المشاركون في ندوة علمية حول "الطفولة والانحراف" المنظمة بالجزائر على الدور الوقائي الذي تلعبه المؤسسات التربوية في الحد من هذه الظاهرة التي تزداد تفاقما" في العالم العربي. في هذا الإطار أشار رئيس جامعة الجزائر السيد الطاهر حجار الى أن المجتمعات العربية هي اليوم "عرضة للكثير من الظواهر السلبية نتيجة تطورها وانفتاحها على العالم من خلال الغزو الثقافي والإعلامي الذي تعد الناشئة أول المتضررين منه باعتبارها بيئة خصبة ومناسبة لتفشي الأمراض الاجتماعية بمختلف أنواعها". وتبرز المؤسسة التربوية بمفهومها العام والمدرسة على وجه الخصوص في مقدمة الهيئات التي يتوجب عليها العمل على الحد من هذه الظاهرة بالنظر الى كونها الفضاء المستقبلي للطفل أغلب ساعات اليوم والعام الأكثر تأثيرا في شخصيته بعد الأسرة. أما رئيس جامعة نايف للعلوم الأمنية الدكتور عبد العزيز الغامدي فقد أكد على دور مختلف الهيئات بما فيها المدرسة والحي والمسجد في ايجاد الطرق الملائمة لتنشئة الطفل في جو صالح بعيدا عن المؤثرات السلبية التي تلقي بظلالها على شخصية الطفل الذي يعد أهم لبنة في بناء المجتمع. وتطمح جامعة نايف من خلال هذه الندوة حسب رئيسها الى الخروج بتوصيات تؤدي الى "صياغة رؤية علمية تسهم بفعالية في حماية الطفولة والأحداث من الجنوح" مؤكدا في هذا الصدد أن "70 بالمائة من توصيات الجامعة في مختلف المجالات قد رأت النور وشرع في تطبيقها على مستوى البلدان العربية". أما السيد أحسن مبارك طالب جامعي ومشرف على أشغال الندوة فقد أدرج انحراف الطفولة وجنوح الأحداث في خانة الظواهر الاجتماعية التي تعيشها المجتمعات الانسانية، داعيا الى اعادة التفكير في النواحي الإجرائية، اضافة إلى تغيير طريقة معاملة هذه الفئة حيث أن "السؤال الذي يتوجب طرحه في الوقت الحالي هو: "ما هي احتياجات الطفل المنحرف؟" من منطلق كون هذه الصفة تعد تعبيرا عن عدم ارتياحه عن الوضع الذي يعيشه وعدم توصله الى التوافق الاجتماعي. ويأخذ هذا الانحراف الذي يطبع سلوكيات الطفل صور متعددة أخطرها تعاطي المخدرات والهروب من المدرسة أو البيت والسرقة. وفيما يتعلق بالجزائر فإن الظاهرة تعود في رأي السيد طالب الى عدة عوامل حصرها في "التفكك الأسري والتسرب المدرسي والتهميش والعوز المادي اضافة الى العوامل النفسية وضعف الضوابط الأسرية". وشهد جنوح الأحداث في العشرية الأخيرة "ارتفاعا مقلقا" يتابع السيد طالب مستدلا بتقديرات وزارة العدل التي تفيد بأن عدد الجانحين الأحداث الذين تم تقديمهم للعدالة بلغ في 2006 حوالي 14 ألف بعد أن كان سنة 1990 لا يتجاوز 7000. وفي سبيل معالجة هذه الظاهرة الخطيرة دعا المتدخل الى انشاء مجلس وطني للوقاية من الجريمة والانحراف مهمته اعداد وتقديم برامج وقائية محترفة في هذا المجال. من جانبه دعا رئيس المؤسسة الوطنية من أجل ترقية الصحة وتطوير البحث مصطفى خياطي الى وضع ترتيب قانوني لتشديد العقوبات ضد الأشخاص الذين ينتهكون حقوق الطفل. واعتبر في تصريح للقناة الثالثة للإذاعة الوطنية أن التشريع الحالي لا يحمي بشكل كافي حقوق الأطفال لا سيما أولئك الذين يتعرضون للاختطاف. ودعا في هذا الإطار الى وضع قانون للطفل قصد السماح للعدالة بالقيام بدورها بنجاعة في مجال علاج الجرائم التي ترتكب في حق هذه الفئة الهشة من المجتمع. وأشاد خياطي من جهة أخرى بالجهود التي تبذلها مصالح الأمن في مجال مكافحة اختطاف الأطفال داعيا الى "تعزيز وسائل مكافحة هذا الإجرام الذي اخذ أبعادا خطيرة في الجزائر خلال السنوات الأخيرة، مشيرا الى اختطاف قرابة 300 طفل خلال 2007 عبر التراب الوطني.