لقي مالا يقل عن 33 عراقيا مصرعهم وأصيب 235 آخرين في سلسلة تفجيرات انتحارية هزت بشكل خاص العاصمة بغداد وأهم مدينتين في منطقة كردستان في شمال البلاد. وبنظر العديد من المتتبعين للشأن الداخلي العراقي، فإنّ هذه التفجيرات يمكن أن تؤدي إلى اشتداد القبضة بين الوزير الأول العراقي نوري المالكي والمعارضين له من الطائفة السنية. وخلفت التفجيرات الثلاثة التي استهدفت مقرات أحزاب كردية في مدينتي كركوك وتوز خورماتو التي يقطنها خليط من العرب والأكراد والتركمان، ما لا يقل عن عشرين قتيلا في أعنف حصيلة قتلى تشهدها المدينتان خلال العام الجديد. لا يستبعد أن تكون التفجيرات جاءت في سياق الصراع العرقي وتجاذب السيادة على هذه المدن الحدودية بين المناطق التي تقطنها أغلبية عربية وتلك التي تقطنها أغلبية كردية بين حكومة الحكم الذاتي في إقليم كردستان والحكومة المركزية في بغداد. وكان الوزير الأول نوري المالكي شدد لهجته نهاية العام الماضي باتجاه الأحزاب الكردية، عندما حذر من مغبة كل مسعى لضم المدينتين البتروليتن إلى إقليم دولة كردستان ذات الحكم الذاتي المعلن عنه من جانب واحد.وكان الانفجاران اللذان هزا مدينة كركوك فجرا، الأعنف من نوعهما عندما لقي 16 شخصا مصرعهم وأصيب 190 آخرين. وأقدم انتحاري على تفجير سيارة مفخخة على مقربة من مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يقوده رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني، بينما استهدف الانفجار الثاني مقرا حزبيا آخر على بعد 500 متر فقط عن موقع الانفجار الأول وخلف مصرع أربعة أشخاص. وأكدت مصادر أمنية كردية، أن الإنفجارين خلفا خسائر مادية كبرى بسبب قوة التفجير التي طمرت جثث القتلى على عمق أمتار. وإذا كانت أية جهة لم تتبن العمليات التفجيرية إلى حد الآن، فإنّ أصابع الاتهام وجهت إلى تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين التي استعادت المبادرة الميدانية في الأشهر الأخيرة وخاصة وأنّ التقنية المستعملة عادة ما كانت من اختصاص هذا التنظيم. وشهدت العاصمة بغداد من جهتها، تفجيرات ثلاثة مماثلة خلفت سقوط خمسة قتلى من بينهم ثلاثة من أعوان الأمن، بينما أودت تفجيرات ضربت مدينتي التاجي وتكريت إلى الشمال من العاصمة بحياة شخصين. ولم تستبعد عدة جهات عراقية أن يكون لسلسلة هذه التفجيرات خلفية عرقية وخاصة، وانها نفذت غداة عملية الاغتيال التي استهدفت النائب السني عيفان سعدون العيساوي في محافظة الأنبار. وأججت عملية الاغتيال التي حملت قراءات سياسية وطائفية العداء السياسي بين الوزير الأول نوري المالكي والطائفة السنية التي تمثلها القائمة العراقية التي دخلت في صراع حاد مع المالكي، على خلفية اتهامات بالإرهاب كالها الوزير الأول العراقي تجاه نائب الرئيس العراقي السني طارق الهاشمي، الذي أرغم على الفرار إلى الخارج وحكم عليه بالإعدام غيابيا.