لقي ما لا يقل عن 47 شخصا مصرعهم وأصيب أكثر من 200 آخرين أمس في سلسلة تفجيرات دامية استهدفت أمس عدة مدن عراقية في مشهد ذكر العراقيين بذروة موجة العنف الطائفي التي عانى منها بلدهم سنتي 2006 و2007. واهتزت قرية خزنة الواقعة على بعد 20 كلم شرق مدينة الموصل عاصمة محافظة نينوى على وقع تفجيرين عنيفين بشاحنتين مفخختين خلفا سقوط 23 قتيلا و138 جريحا إضافة إلى تدمير 35 منزلا في منطقة تقطنها طائفة شباك الكردية معظمهم من التجار والفلاحين. وتشهد مدينة الموصل تفجيرات يومية دفعت بعدد من المسؤلين العراقيين إلى المطالبة بإرسال المزيد من القوات إلى هذه المنطقة بهدف توفير الأمن وفرض القانون خاصة وأن معظم هذه التفجيرات تستهدف طوائف معينة. ونفس المشهد الدامي عاشته العاصمة بغداد التي شهدت ثلاث تفجيرات انتحارية اثنين منها استهدفا تجمعا عماليا خلفتا سقوط العشرات بين قتلى وجرحى. ووقع التفجير الأول عندما انفجرت قنبلة كانت مخبأة في كيس اسمنت بحي الأحمد غرب بغداد خلف مصرع سبعة أشخاص و46 جريحا. كما انفجرت سيارة مفخخة ثانية شمال العاصمة بغداد، مما أدى إلى مصرع تسعة أشخاص وإصابة 36 آخرين. في حين استهدف تفجير ثالث سوقا بحي ذي الأغلبية السنية جنوب شرق العاصمة بغداد خلف مقتل ثلاثة أشخاص و14 جريحا. وتأتي هذه التفجيرات بعد سلسلة تفجيرات دامية استهدفت زوارا شيعة في العاصمة بغداد ومدينة الموصل نهاية الأسبوع الماضي خلفت سقوط 45 قتيلا وإصابة 300 آخرين مما يطرح التساؤلات حول المتسبب في مثل هذه التفجيرات والهدف منها. وتذكر هذه التفجيرات الانتحارية العراقيين بمشاهد العنف التي اجتاحت العراق منذ الغزو الأمريكي عام 2003 وإلى غاية سنة 2007 والتي اعتقد الجميع أنها مرحلة ولت وأصبحت من الماضي خاصة بعد انسحاب القوات الأمريكية من المدن نهاية جوان الماضي واستلام نظيرتها العراقية المهام الأمنية. غير أن الهدوء النسبي الذي شهده العراق بعد عام 2007 إلى درجة ان الحكومة العراقية ومعها القيادة الأمريكية في هذا البلد أشادتا ب "النتائج الأمنية المحققة" لم يدم طويلا وسرعان ما عادت الأمور إلى نقطة الصفر. وأخذت موجة العنف الطائفي في الشهور الأخيرة منحى خطيرا خاصة بعد انسحاب القوات الأمريكية إلى خارج المدن العراقية وفق الاتفاقية الأمنية الموقعة شهر نوفمبر الماضي بين الحكومة العراقية والإدارة الأمريكية السابقة. لتضع الحكومة العراقية في مأزق حقيقي خاصة وأن رئيس الوزراء نوري المالكي كان قد قلل من أهميتها واعتبرها مجرد مرحلة عابرة غير أن واقع الحال يؤكد عكس ذلك. وهو ما أثار الشكوك حول قدرة القوات الأمنية العراقية التي أعيد بناؤها من الصفر بعد الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة للعراق عام 2003 على حفظ الأمن خاصة بعد انسحاب القوات الأمريكية من المدن والقرى العراقية قبل أكثر من شهر. ويرى محللون أن هذه الانفجارات تهدف إلى التأثير على الانتخابات الوطنية التي ستجري في جانفي المقبل بحيث إنها قد تؤدي إلى تعقيد فرص عقد تحالفات بين مختلف الطوائف والأحزاب العراقية.