أصدر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أمس أوامره لمختلف الأجهزة الأمنية بالإسراع بملاحقة المتورطين في عملية التفجير التي هزت مدينة كركوك نهاية الأسبوع وخلفت مصرع 55 شخصا وجرح قرابة مائة آخرين وإحالتهم على العدالة. ودعا المالكي سكان هذه المدينة الواقعة شمال البلاد إلى التعاون مع أجهزة الأمن للقضاء على من أسماهم ب "ما تبقى من فلول الإرهاب وعصابات الجريمة". وأضاف الوزير الأول العراقي إن "هذا الاعتداء الجبان الذي استهدف قتل فرحة العيد يقدم دليلا جديدا على إفلاس الإرهابيين وهزيمتهم". وارتفعت حصيلة ضحايا هذا التفجير الذي استهدف مطعما شمال المدينة أمس إلى 55 قتيلا وإصابة مائة شخص آخر. وهي حصيلة تبقى مؤقته على اعتبار أن حالة 30 جريحا وصفت بالخطيرة جدا -أضافت الشرطة- بعد أن كانت حصيلة أولى أكدت مصرع 45 شخصا. وكان انتحاري فجر نفسه داخل مطعم كان يعج بالعائلات التي عادة ما تقصده في المناسبات الدينية مثل عيد الأضحى لتناول وجبات خاصة فيه وهو ما جعل عدد ضحايا التفجير يرتفع تباعا منذ وقوعه. ويعد هذا أعنف هجوم انتحاري تشهده هذه المدينة النفطية في منطقة كردستان العراق بعد هدوء سادها منذ أكثر من نصف عام. ويبدو أن منفذ العملية لم يكن يستهدف العائلات التي قصدت المطعم بقدر ما كان يستهدف أعيان بعض القبائل الذين كانوا حينها يتناولون غذاء شبه رسمي مع ممثلين عن الرئيس جلال الطالباني لإثارة الوضع القانوني لهذه المدينة البترولية. ولكن مصادر أمنية عراقية أكدت أن أيا منهم لم يصب في عملية التفجير على اعتبار أنهم كانوا في قاعة أكل مجاورة وبعيدا عن أعين العامة من الزبائن. وتتصارع مختلف الطوائف في العراق وعرقياته السيادة على هذه المنطقة بالنظر إلى أهميتها الاستراتيجية واحتواء باطن أرضها على أكبر الاحتياطيات النفطية في البلاد بالإضافة إلى موقعها الاستراتيجي في شمال العراق. فبينما يصر الأكراد على ضمها إلى إقليمهم المستقل ذاتيا بمبرر أنها جزء من أرضهم التاريخية يصر العرب على رفض المسعى الكردي ويؤكدون أنها مدينة عربية سنية في نفس الوقت الذي يؤكد التركمان رغم أقليتهم على أنها مدينتهم الأصلية ولا ينازعهم السيادة عليها أي أحد سواء من الأكراد أو العرب السنة، وحتى الآشوريون الذين يدينون بالدين المسيحي يعتبرون المدينة التي يقطنها قرابة مليون ساكن من كل العرقيات أنها مدينة تاريخية ولهم الحق أن يحتفظوا بها قبل غيرهم من العرقيات الأخرى. وعملت السلطات الكردية منذ الإطاحة بنظام الرئيس العراقي المعدوم صدام حسين على انتهاج سياسة إعادة استيطان للمدينة بدعم من قوات البشمرقة (المقاتلين الأكراد) الذين يضمنون الحماية الأمنية لهم بقوة السلاح للعودة إلى المدينة التي يؤكدون أن العرب تم استقدامهم إليها من طرف الرئيس العراقي السابق صدام حسين وفرضهم على سكانها. وأحدثت عملية التفجير هلعا وفوضى عارمة في المدينة واستنفارا في مستشفياتها التي لم تستطع مصالحها استيعاب العدد الهائل من القتلى والمصابين.