عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى عليه وسلم: ( من حسن إسلام المرء ترك ما لا يعنيه) حديث حسن رواه الترمذي وغيره. الشرح أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث، إلى الطريق الذي يبلغ به العبد كمال دينه وحسن إسلامه وصلاح عمله، فبين أن مما يزيد إسلام المرء حسنا، أن يدع ما لا يعنيه ولا يفيده في أمر دنياه وآخرته. وفي قوله صلى الله عليه وسلم: (من حسن إسلام المرء، ترك ما لا يعنيه)، توجيه للأمة بالاشتغال بما ينفعها، ويقربها من ربها، كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (احرص على ما ينفعك)، فأرشد صلى الله عليه وسلم إلى اغتنام الأوقات بالخيرات فإن الدنيا مزرعة للآخرة، وعمر الدنيا قصير، فهو كظل شجرة، يوشك أن يذهب سريعا، لذا فالإنسان العاقل الذي جعل الآخرة همه والجنة مأربه، يغتنم أوقاته كلها. إن اهتمام المرء وانشغاله بما يعنيه فيه فوائد عظيمة، فالنفس إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية، فمن اشتغل بالناس نسي أمر نفسه، وأوشك اشتغاله بالناس أن يوقعه في أعراضهم بالقيل والقال، كما أن انشغال المرء بنفسه وبما يعنيه فيه حفظ للوقت ومسارعة في الخير، فضلا عما يورثه ذلك على مستوى المجتمع من حفظ الثروات وتنمية المكتسبات، وإشاعة روح الجدية والعمل، والإخاء والتعاون. وخلاصة القول: إن في الحديث إرشاد لما فيه حفظ وقت الإنسان من الضياع، ودينه من الصوارف التي تصرفه عن المسارعة في الخيرات، والتزود من الصالحات، مما يعين العبد على تزكية النفس وتربيتها على معاني الجد في العمل، نسأل الله تعالى أن يعيننا على حسن استغلال الأوقات، وأن يجنبنا فضول الملذات، إنه جواد كريم.