تجسّد الإبداع وخبرة سنوات الممارسة، في المعرض الجماعي برواق حسين عسلة بوسط العاصمة، حيث أعطى أربعة فنانين محترفين عصارة إبداعهم الذي تفننت الريشة في إبرازه للجمهور. يضم المعرض الجماعي، كل من الفنانين شقران نورالدين وبوردين موسى وزوجته السيدة صفية وجمعي رشيد وسهيلة بلبحار، بلغ عدد لوحاتهم 22 لوحة أغلبها في الطابع التجريدي أو التصويري. اكتظت جدران الرواق بلوحات الفنان شقران، علما أنّ أغلب لوحاته ذات حجم ضخم تظهر شبه جدارية، شقران استعان أكثر بالألوان الزيتية الداكنة وبالخطوط الهندسية وبالرموز والأشكال، فلوحة «ضوء» يغلب عليها الأزرق الداكن وتتزاحم فيها الأشكال التكعيبية والرموز البربرية تتوسط اللوحة، بينما تظهر أحيانا في شكل صغير كخلفية لأشكال أكبر. يميل هذا الفنان إلى اللون الأزرق بكل تدرجاته، كما أن أغلب لوحاته ضخمة منها لوحة عملاقة بعنوان"مظاهرات" بها خطوط ورموز متداخلة وأطياف بشر وسط حركة عامة تتجه في منحنى دائري لوحة عملاقة أخرى ذات شكل عمودي تنزل منها الخطوط كالمطر، وأعطاها الفنان عنوان «كليغرافيا». لوحة «تحريض» وكأنها تحرض الزائر على مشاهدتها والتمعن في ألوانها الداكنة من برتقال داكن وبني وأسود وأزرق، ويكتشف متأملها أن حدودها لاتنتهي. الفنان جمعي رشيد إختار تقنية الرسم على الزجاج فقدم «الهلال» وهي لوحة تبرز امرأة عاصمية ترتدي الحايك تتطلع بنظرها إلى السماء لتنظر إلى الهلال، اللوحة تعكس بعض ملامح الشخصية الجزائرية، وكذا ارتباطها بالبعد الإسلامي (رمز الهلال)، لوحات جمعي قمة في الإبداع وتناسق الألوان، علما أن الألوان عند هذا الفنان تبقى محتشمة في ظهورها مع استعمال من حين لآخر الأحمر الفاتح. من جملة لوحاته أيضا لوحة «الشمس» ذات الامتداد الأفقي تسيطر بطلوعها على المشهد كله. الفنانة سهيلة بلبحار لم تكن أقل حضورا، تميزت بالخبرة التي عكستها أعمالها خاصة في اللوحات الزيتية ذات المواضيع الهادئة التي تخص جمال المرأة والطبيعة، كلوحة «حراس التراث» يبرز فيها التوارق وخلفهم معالمهم الثقافية والعمرانية (قصور قديمة) و»وردة الصحراء» التي تظهر فيها امرأة زنجية تشّع نورا يشبه لمعان الذهب وبلباس تقليدي مزهّر. السيدة بلبحار حديصة على إظهار الضوء في أوانه وسياقه، وتحرص دوما أن يشع من الألوان الداكنة كي يكون أجمل، وأجمل لوحة جميلة لها توقف عندها الجمهور، هي «ثورة الأرض» تشبه الأعاصير الداكنة المتداخلة ذات القوى المتوازية، كما عرضت الفنانة لوحات أخرى في مواضيع متعددة. على العموم، فإن المعرض قدم فرصة اكتشاف أعمال هؤلاء المحترفين الذين جمعوا خبرة أجيال وعاشوا الحركة التشكيلية عبر تطورها في عقود طويلة. للإشارة، فإن المعرض يختتم اليوم، علما أن أعمال الفنان شقران ستبقى في المعرض إلى غاية 5 فيفري. أثناء تغطيتنها للمعرض، التقت «المساء» مع السيد بن زيد عمر وهو المسير المؤقت للرواق، الذي أشار أنّ هذا الفضاء الجديد افتتح في 9 جانفي 2013، وهو تابع لمؤسسة فنون وثقافة، وسينشط في الأيام القادمة أكثر لتقديم المزيد من المعارض، من جهة أخرى ينوي الرواق -حسب المتحدث- فتح طابق علوي لتعليم الصغار فن الرسم.